مانيفستو (بيان) أنا لا أغني حبا بالغناء أو لأظهر للآخرين جمال صوتي ولكن لأنشر على الملأ بيانات قيثاريَ النبيل: مازلت أذكر صوت فيكتور جارا يرن في مكان ما من طفولتي حكاية المصيرالحزين لأصابعه الذهبية، كنت أتسأل وأنا صغيرة لماذا يقتلون شخصا لأنه يغني، لماذا؟ في السادس عشر من سبتمبر عام 1973، وفي ملعب الشيلي الرياضي في سانتياغو، أقدمت مجموعة من المتعصبين على قتل الموسيقار والشاعر السياسي فكتور جار، وألقوا به على رصيف إحدى ضواحي المدينة المسكونة بالرعب والدم.. حدث هذا بعد أيام قلائل من انقلابٍ عسكري وحشي قاده بينوتشي ضد الحكومة الشيلية المنتخبة ورئيسها سلفادور أليندي، قبل أربعة أيام من ذلك. اقتيد فيكتور مع آلاف غيره إلى ملعب تشيلي، حيث تعرض إلى ضرب وحشي وحطِّمت أضلاعه و قطعت أصابع يديه الذهبيتين، وشهد زملاؤه لاحقاً أن سجانيه طلبوا منه ساخرين أن يعزف لهم على القيثار وهو ممدد على الأرض مضرجا بدمائه، فإذا به يتحداهم ويغني مقطعاً من أغنيته الشهيرة: سوف ننتصر!. كشفت السنوات اللاحقة والتحقيقات الجنائية عن اسم الضابط المسؤول عن مقتله، لقد لعب معه لعبة الروليت الروسية، ربما أمعن في تعذيبه ربما حقدا على كل الجمال الذي كان يحيط بفيكتور، كان يفرغ بكرة مسدسه إلا من طلقة واحدة ثم يدير تلك البكرة عشوائياً ويصوب مسدسه إلى رأس الفنان الأسير ويضغط الزناد.. فعل هذا عدة مرات حتى خرجت أخيرا الطلقة التي أخرست صوت الحرية وسقط جارا أرضاً، فأمر الضابط اثنين من عساكره بإكمال المهمة وإفراغ رشاشاتهم في جسده. تعرفت زوجة جارا لاحقا، بمساعدة عدد من المواطنين، على جثة زوجها الملقاة في أحد الشوارع وسارعت بدفنه والخروج من البلاد بعد أن أنقذت ما يمكن إنقاذه من تراث الفنان وتسجيلاته، التي شنت السلطات الانقلابية حملة مسعورة لتدميرها وإحراقها. تحول جارا بموته الشجاع إلى رمز عالمي لجميع المدافعين عن الحرية وحقوق الإنسان. ”موته الشجاع ” يا لها من جملة مبتذلة كلما محوتها عدت وكتبتها، لأني لم أجد بديلا لها ليس ثمة موت شجاع لفنان ليس على الفنانين أن يموتوا لا شجعانا ولا جبناء. لماذا يقتلون شخصا يغني، لماذا؟ لن أكف يوما عن البحث عن إجابة. أرجوكم ساعدوني إذا كنتم تعرفون.. حنان بوخلالة