من العادات التي صارت لصيقة بشهر رمضان في الجزائر إقبال ربات البيوت على تجديد الأواني المنزلية، حيث تحرص النساء مع اقتراب رمضان على ارتياد الأسواق ومحلات الأواني لشراء ما يلزم من طناجر، وقدور وصحون ملاعق وأكواب وحتى أغطية الطاولات. ما جعل أصحاب المحلات والطاولات المنصوبة في الأحياء الشعبية يجدون في بيع هذه المستلزمات تجارة رائجة فيتنافسون في العروض، وكذا في الأسعار التي تعد العامل الحاسم في إقبال النساء على سلعة دون غيرها، خاصة في الشهر الفضيل حيث تزداد الطلبات. وقد وجد بعض أصحاب المحلات من تلك التجارة فرصة للاغتناء والكسب، حيث أضحى بعضهم يغير تجارته من مواد التجميل والتنظيف والاتجاه إلى بيع الأواني والأدوات الكهرومنزلية التي صارت في هذه الأيام تحتل واجهات المحلات وطاولات البيع في الأسواق الشعبية. حيث يمكن لأي متجول مثلا في ساحة الشهداء أن يستمتع بفصول من مشاهد المفاوضات بين الباعة والنساء من أجل الحصول على تخفيض أوخصم في أسعار الأواني التي صارت تجلب أنظار النساء في أشكالها وألوانها واستعمالاتها من قدور الشربة، خاصة تلك المصنوعة من الفخار والتي تلقى رواجا كبيرا بين السيدات على اعتبار أن طعم الشوربة فيها لا مثيل له، إلى طناجر اللحم الحلو وأباريق الشاي وقدور تحضير الكسكس. الإقبال على شكل معين ونوع معين من الأواني لا يحدده سعرها فقط، ولكن حتى مصدرها بين المحلي والمستورد من إسبانيا وفرنسا وتركيا والصين، حيث تبقى السلع الصينية ملاذ قطاع واسع من الأسر البسيطة لتدني أسعارها. اقتناء الأواني الجديدة في رمضان لا يمثل الحاجة، بقدر ما يمثل عادة تتبعها الجزائريات. فقد تجد مثلا إحداهن تملك في البيت أكثر من طنجرة أو قدر لكنها تقدم في كل رمضان على شراء قدر جديد من باب ”الفال” أو تبركا بقدوم الشهر الفضيل. وإذا كانت سيدات الأمس يقبلن فقط على شراء أوان جديدة من أجل الفال، فإن انفتاح الجزائريات على القادم من الغرب وتأثير وسائل الاتصال الحديثة ترك أثرا كبيرا في تحديد أذواق الجزائريات حتى في الأواني. فالمتجول في المساحات التجارية الكبرى و”السوبيرات” يلاحظ حرص الزبونات على اختيار الأطقم ذات الألوان والأشكال المتناسقة مع فرش الطاولة، وشكل الأكواب والأباريق أو ما يعرف بالديزاين، وهو تقليد لم يكن معروفا من قبل، لكن ”المرأة العصرية” كما تقول إحدى الزبونات تجد نفسها ملزمة بمراعاة الأذواق والأشكال الجمالية خاصة إذا كانت مثلها تستقبل طيلة الشهر الصيام في بيتها ضيوفا على الإفطار”. سيدة أخرى تقول أن اختيار شكل ولون أواني المائدة جزء من ديكور الجلسة العائلية التي يصير لها طعم خاص ومميز خلال الشهر الفضيل، ففي هذا الشهر تجتمع العائلة كلها في نفس الوقت والمكان وبالتالي تصير الحاجة ملحة لتعويض ما تم تكسيره وإتلافه من أواني العام الماضي وإدخال التجديد على طاولة الإفطار ضروري للاستمتاع بالجو العائلي خلال الشهر المبارك.