تعوّدنا مع حلول كل مناسبة دينية أن ترتفع أسعار كافة المواد الاستهلاكية، خصوصا في رمضان الذي يزداد فيه إقبال المواطنين على هذه المواد. فبعد ارتفاع أسعار الدواجن واللحوم والخضر والفواكه، هاهي أثمان الأواني تلتهب هي الأخرى، لاسيما الفخارية منها التي تُقبل عليها ربات البيوت اللاّئي اعتدن شراء أوانٍ جديدة مع كلّ رمضان. إيمان بن محمد جولة قصيرة في الأسواق الشعبية والمحلات المتخصصة في بيع الأدوات المنزلية تكشف مدى العرض الكبير والطلب الأكبر على الأواني أياما قليلة قبل حلول الشهر الكريم، صحون وقدور بأشكال وأنواع مختلفة وألوان عديدة تخطف الأبصار وتستهوي النساء. ففي ساحة الشهداء وباش جراح والجرف وبلكور اصطف في الأيام الأخيرة عشرات الباعة المُتجوّلين يعرضون أعدادا هائلة من الأواني المنزلية تتنوع بين الزجاجية والفخارية، العادية أو المُزركشة، ولا تكاد ترى ما يعرضونه لالتفاف النسوة حول طاولاتهم، ينتقون هذا الصحن ويستفسرون عن ذاك القدر. وما لاحظناه خلال جولتنا تلك، أن أسعار الأواني عموما ارتفعت، والصّحون والقدور بصفة خاصّة بالنظر إلى الإقبال الكبير عليها في هذه المناسبة. فبالنسبة لصحون »الشُّربة« ذات الحجم الصغير التي كانت أثمانها تتراوح بين 45 و60دج للصحن الواحد، ارتفعت مؤخّرا إلى 80دج فما فوق وقد تصل في بعض الأحيان إلى 130دج بالنسبة للفخارية، أما الصحون العادية فتجاوزت أسعارها 140دج للصّحن، وقد تصل إلى 180دج بالنسبة لتلك المُستورَدة. وفيما يتعلق بالقدور، فقد ارتفعت أسعارها هي الأخرى رغم زيادة العرض واختلاف أنواعه. وتبقى أسعار القدور الفخارية التي تلقى إقبالا كبيرا باعتبار أنها ميزة رمضان الذي لا يحلو طبخه إلا بنكهة الفخار هي الأغلى، حيث تتراوح أسعارها ما بين 600 دج إلى 1500 دج بحسب الحجم والنوعية. وفي هذا السياق، اشتكت الكثير من ربات البيوت انتهازية التجار مع حلول كل موسم أو عيد، متذمرين من الارتفاع المفاجئ للأواني التي لا يستغنين عنها في إعداد فطور رمضان. ربات بيُوت لا يستغنين عن الأواني الجديدة كل رمضان ازدهار تجارة الأواني المنزلية قُبيل حلول شهر الصيام مردّه بالدرجة الأولى إلى الإقبال الكبير لربّات البيوت عليها، لاسيما إذا علمنا أنّ الكثير منهن هنا بالعاصمة وضواحيها توارثن عن أمهاتهن عادة قديمة، فلا يرضين بديلا عن أوانٍ جديدة لم تُستعمل من قبل، بدءاً بالملاعق والسكاكين وصولا إلى الصحون والقدور. وقد يصل الأمر ببعضهن إلى تغيير أغطية الطاولات لاستكمال الحلة الجديدة في استقبال رمضان. وبهذا الخصوص، أعربت الحاجة »فاطمة« أنّ شراء الأواني الجديدة قبل كل رمضان عادة متأصّلة في عائلتها ورثتها هي عن والدتها، وورّثتها لبناتها وكنّاتها، مشيرة إلى أنها تجعلها تتفاءل بشهر خير وتشعرها بأنها تستقبل رمضان بحلة متجددة عندما ترى المائدة مزينة بصحون وملاعق جديدة والشوربة تُطهى في قدر جديدة أيضا، مما يضفي نكهة مغايرة. أما بالنسبة للأواني القديمة، أضافت محدثتنا أنها في كل مرة تُقدمها هدية للأقارب والجيران أو تتصدق بها على الفقراء والمحتاجين. وعن المصاريف التي يتطلبها العمل بهذه العادة كل سنة، قالت المتحدثة إن الميزانية التي خصصتها هذا الموسم لشراء الأواني فقط فاقت 8 آلاف دج، وإن كانت الحاجة »فاطمة« قد اعترفت بهذه التكاليف الباهظة التي تحضر لها أشهرا قبل الحدث، إلا أنها أكدت بأنها لا تستطيع بأي حال من الأحوال تغييرها.