تعد ”البوقالة” أشهر لعبة شعبية تمارسها النساء في الجزائر، خاصة خلال شهر الصيام، واشتهرت بها أحياء القصبة العتيقة، حيث كانت النساء يصعدن إلى أسطح البنايات أويخرجن إلى باحات البيوت بعد خروج الرجال إلى المساجد والمقاهي، وتقوم النساء بتحضير ”قعدة” البوقالة التي يتسامرن بها في ليالي شهر رمضان. تتطلب لعبة ”البوقالة” الكثير من الطقوس التي لا تتقنها عادة إلا النساء، حيث تحضر كل واحدة منهن نوعا أو طبقا من أطباق الحلويات التقليدية من ”المقروط” إلى ”التشاراك” و”الصامصة” وأباريق القهوة التي تكون عادة مرفقة بماء الزهر والياسمين. وتبدأ النساء في ممارسة اللعبة التي تتلخص حول قراءة الأشعار في شكل ”فال” يستقصي ما وراء الغيب، مثل عودة غائب أو طلب حظ، وبهذا فالبوقالة تتلخص حول الحب والأمل. يتم تحضير إناء من الفخار يسمى”البوقال”، ويتم تغطيته بشاش ويبخر بمادة معطرة وقبل أن تبدأ إحداهن في قراءة بيت الشعر أو الفال تعقد النساء أو تضع كل واحدة منهن خاتمها في إناء الفخار. وبعد فراغ المرأة من قراءة البيت الشعري تعمل الأخرى على أخذ خاتم من المنديل بطريقة عشوائية، لتعرف صاحبة الحظ وحول من عقدت نيتها البوقالة. اختلفت الروايات التاريخية في نسبة لعبة البوقالة، لكنها تبقى منسوبة إلى نساء القصبة وتحمل تراثا ثقافيا كبيرا يتم تداوله بطريقة شفوية، وهو مهدد الآن بالضياع في حال عدم كتابة جزء من الذاكرة النسوية الجزائرية، خاصة أن الكثير من تلك العادات اليوم قضت عليها وسائل الاتصال الحديثة ونمط الحياة العصرية التي فرضت العزلة على الناس، إذ صار الجار لا يرى جاره إلا نادرا، وصار تقاسم الأشياء مع الجيران والأقارب نادر جد في هذا الزمان. الجدير بالذكر أن لعبة البوقالة تم تخليدها - حسب المصادر التاريخية - من طرف الفنان التشكيلي الفرنسي الشهير أوجين دولاكروا ”1834” من خلال لوحته الشهيرة ”نساء الجزائر في مخدعهن” التي لخصت جزء من تاريخ وتراث نساء القصبة.