التعريف بالكتاب: كان كتاب قاسم أمين ”1863- 1908م” ”تحرير المرأة - 1899” أول كتاب أثار زوبعة، أومعركة فكرية واجتماعية في الثقافة والمجتمع العربيين الحديثين، مما دفع مجموعة من الكتّاب إلى الردّ عليه أهمهم: أما القسم الأول (ما يخص نساء النبي صلى الله عليه وسلم والكلام هنا عن التحجب بمعنى قصر المرأة في البيوت وحصرها عن مخاطة الرجال)فقد ورد فيه ما يأتي من الآيات: ”ياأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بُيوت النبيِّ إلا يؤذن لكم إلى طعامٍ غيرَ ناطِرين إِناهُ..” حتى قوله تعالى:”ولا أن تنكحُوا أزواجَه من بعده أبَداً إِن ذَلِكُم كان عندَ الله عَظِيما” وقوله: ”يا نَساء النبيِّ لَسْتُنَّ كأحَدٍ من النِّساء إن اتقَّيتُنَّ فلا تَخْضَعْنَ بالقَولِ فَيَطْمَعَ الذي في قَلبِه مرضٌ وقُلن قوْلاً مَعْروفاً،وقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ ولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِليَّةِ الأُولىَ”. ولا يوجد اختلاف في جميع كتب الفقه من أي مذهب كانت،ولا في كتب التفاسير في أن النصوص الشريفة هي خاصة بنساء النبي صلى الله عليه وسلم، أمرهم الله سبحانه وتعالى بالتحجُّب وبيَّن لهم سبب هذا الحكم،وهو أنهنَّ لسن كأحد من النساء،ولما كان الخطاب خاصا بنساء الرسول صلى الله عليه وسلم،وكانت أسباب التنزيل خاصة بهنَّ لا تنطبق على غيرهنَّ؛فهذا الحجاب ليس بفرض ولا بواجب على أحد من نساء المسلمين. وأمّا القسم الثاني فغاية ما ورد في كتب الفقه عنه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم نهى فيه عن الخلوة مع الأجنبي وهو”لا يخلونَّ رجل بامرأة إلاَّ مع ذي مَحْرَمٍ”.قال ابن عابدين: ”الخلوة بالأجنبية حرام إلاَّ لملازمة مديونة هَرَبت ودَخَلت خربة،أو كانت عجوزا شوهاء أو بحائل،وقيل الخلوة بالأجنبية مكروهة كراهة تحريم،وعن أبي يوسف ليست بتحريم”. وقال:”إن الخلوة المحرمة تنتفي بالحائل،وبوجود محرَم أو امرأة ثقة قادرة- وهل تنتفي أيضا بوجود رجل آخر؟لم أره. ربما يقال إن ما فرضه الله على نساء نبيه يستحبُّ اتباعه لنساء المسلمين كافة-فنجيب أن قوله تعالى”لسْتُنَّ كَأَحَدٍ من النساء” يشير إلى عدم الرغبة في المساواة في هذا الحكم وينبهنا أنَّ في عدم الحجاب حِكَما ينبغي لنا اعتبارها واحترامها،وليس من الصواب تعطيل تلك الحِكَم مرضاة لاتباع الأسوة،وكما يحسن التوسُّع فيما فيه تيسير أو تخفيف،كذلك لا يجمل الغلوُّ فيما فيه تشديد وتضييق أو تعطيل لشيء من مصالح الحياة؛وعلى هذا وردت آيات الكتاب المبين.قال تعالى: ”يُريد الله بكُم اليُسرَ ولا يريدُ بكُم العُسير”وقال: ”ما جعل علَيكُم في الدِّين من حرج”وقال أيضا: ”ياأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم”ولو كان اتباع الأسوة مطلوبا في مثل هذه الحالة لما رأينا أحد الخلفاء المشهورين بشدَّة التقوى والتمسُّك بالسنة يجري في عائلته ما يُخالف الحجاب. .. يتبع