صراع الأفالان يعود من جديد إلى الواجهة، لتبرز معه من جديد خلافات الماضي. ولم يقتصر الخلاف فقط على عقد دورة اللجنة المركزية المؤجلة منذ جانفي الماضي، وإنما أيضا على من له الحق في إدارة هذه الدورة، والخلاف الأكبر على الولاء. في جانفي وما تلاه وبعد وفاة المرحوم عبد الرزاق بوحارة، الذي كان يمثل صمام الأمان للجبهة، طفت على السطح أسباب الخلاف التي كثيرا ما ارتبطت باسم شقيق الرئيس، الذي قيل إن له مرشحه لخلافة بلخادم والمتمثل في عمار سعيداني، رئيس البرلمان السابق، والذي يرى نفسه أولى بإرث الأفالان، فهو رجل دولة على حد قوله، وأقل ما يطمح إليه الآن هو رئاسة الجبهة التي صارت السلم المؤدي إلى الرئاسة. وعمار سعيداني لا يطمح لرئاسة الأفالان فقط ليرأس الجمهورية لاحقا، وإنما ليضمن لصديقه وشقيق الرئيس من سيخلف الرئيس بوتفليقة على رئاسة البلاد في رئاسيات 2014. فبعد أن تأكد أن حلم العهدة الرابعة تبخر بفعل الوضع الصحي للرئيس شفاه الله، لم يعد ما يهم محيطه إلا السيطرة على مصير الأفالان، وهذا للسيطرة على مصير الرئاسيات مستقبلا. ومن هنا عاد الخلاف على الأفالان من جديد إلى الواجهة. فالجبهة التي دخلت إلى غرفة الإنعاش لما كان الرئيس ينام في فال دوغراس، عادت إليها الحركة لتسابق الزمن، وليلعب الجميع على حلبتها أوراقهم الرابحة للرئاسيات المقبلة، من محيط الرئيس ومن المعارضين له. من المبكر أن يحكم على مصير هذا الصراع ولمن ستعود الغلبة فيه، فالذي يربح جولة اللجنة المركزية، يضمن التحكم في مصير الرئاسيات وفي مصير البلاد برمتها!؟ لكن ماذا لو تقرر سوق الجبهة إلى المتحف مثلما تطالب بذلك العديد من الأصوات، ويسحب البساط من تحت أقدام الجميع، ويفتح باب الرئاسيات لسباق حقيقي غير محسوم مسبقا مثلما تعودنا عليه في السنوات الماضية؟! ماذا لو سحبت ورقة الجبهة من كل مزايد، سواء كان اسمه عمار سعيداني، أو بومهدي أو عبد الرحمان بلعياط، أو من يمثله هؤلاء في الظل؟ على كل ما هي إلا بداية الصراع، الذي سيطول حتما ولن ينتهي إلا بالإعلان عن انطلاق سباق الرئاسيات المقبل، ويتأكد البعض من خسارتهم رهان الخلافة، فيتسابقون من جديد على الولاء، وعلى التنصل من مواقفهم السابقة، وهي لعبة يحسنها جيدا مناضلو الأفالان، الذين لم يعد يحركهم الارتباط بمبادئ الجبهة التاريخية، بقدر ما يحركهم الحفاظ على مواقعهم ومصالحهم. أليس المتحف أولى بالجبهة من هؤلاء المتلونين، وإن كنت أحزن لساحة سياسية من غير جبهة التحرير، التي ما زالت تمثل للكثيرين مثلي رمز نضال وهوية...؟!