لا! الجزائر لن تتدخل في شؤون أحد، لا من جيرانها، ولا من هم بعيدون عنها، لأن هذا هو مبدؤها الراسخ الذي بنت عليه سياستها الخارجية، فهي لا تقبل بدورها التدخل في شؤونها الداخلية، ولن تقبله لغيرها! ليطمئن الأشقاء في تونس، المتخوفون من تدخل جزائري في شؤونهم الداخلية، فراحوا يثيرون القلاقل ويتوقعون الأسوأ لبلادهم من هذا التدخل المزعوم. فالذي طلب مشورة الجزائر، وتنقل إلى الجزائر من أجل سماع رأي الجزائر هم التونسيون. فالغنوشي زعيم النهضة، والباجي قايد السبسي زعيم حركة نداء تونس هما من جاءا إلى بلادنا طلبا للمساعدة وبحث وساطة خير، والجزائر لن تبخل بالنصح، لأن أمن تونس واستقرارها هو من أمن الجزائر، لا غير. لكن مهما كان موقف الجزائر مما يحدث في تونس، فإن الحل الحقيقي والدائم للأزمة التونسية، هو الحل الذي يتفق عليه التوانسة أنفسهم، مثلما قال حمة الهمامي “إن الشعب التونسي قادر على حل الأزمة دون تدخل أجنبي”، ولن يأتي لا من الجزائر ولا من قطر، ولا من أية عاصمة أخرى، فالمعارضة التونسية القوية والمتنورة، تطرح جملة من الأفكار البناءة الكفيلة بإخراج تونس ليس من أزمتها الحالية فحسب، بل تطرح برامج سير تونس لعشريات قادمة. لكن المشكل أن النهضة التي وجدت ظهرها إلى الجدار، بعد سنتين من التسيير السيئ لشؤون البلاد، واقترافها أخطاء لا تقل عن أخطاء سابقها بن علي، تريد أن تحتفظ بالحكم بأية طريقة كانت، وهي تعرف أن حظوظها في الفوز بالصناديق في المرة المقبلة ليست مضمونة، راح شيخها يراوغ مستعملا التلويح بالعنف تارة، وبالوعود الكاذبة تارة أخرى، لكن هذا لم ينطل على المعارضة التي وضعته أمام مسؤولياته، وسدت أمامه كل منافذ الهروب، وهذا ما أدى إلى تأزم الأوضاع في تونس، التي زادتها محاولة أطراف من النهضة إغراق تونس في اللاأمن بنشر الرعب والاغتيالات السياسية، ومحاولة تكميم أفواه الصحفيين، وليس الجزائر. لكن يبقى من حق الجزائر حماية حدودها من أي تهديد يأتي من تونس، ومن المجموعات الإرهابية التي تغض بشأنها حكومة النهضة البصر، فحادثة تيغنتورين، شارك فيها 12 إرهابيا يحملون الجنسية التونسية، وما جرى ويجري في الشعانبي من انفلات أمني يقلق الجزائر التي تحيط بها نار الإرهاب والسلاح الليبي من كل جهة. ما يجري في تونس يعنينا جميعا، لكنه يعني التونسيين بالدرجة الأولى، وهم أولى بحل مشاكلهم الذي هم وحدهم قادرون عليه!