لم تمكن التحقيقات والتحريات الأمنية في ولاية عنابة، من وضع حد لسيناريوهات إضرام النيران، بفعل مجهول في المساحات التجارية. فمنذ 2010 وتجار الولاية يشاهدون أموالهم وسلعهم تأكلها ألسنة اللهب التي تكون وإلى غاية الجمعة الفارط، عقب اندلاع حريق جديد بأحد الأسواق، قد قضت على 3 من أكبر المساحات التجارية في الولاية. وبدائرة الحجار، ووسط المدينة بسوق ”الحطاب” وحي ”الصفصاف” بالسهل الغربي، أتت النيران، التي يقال دائما أنها ناجمة عن انفجار العدادات الكهربائية، على أكثر من 1000 خانة تجارية منظمة، وفي كل مرة، ومنذ 2010 تم مباشرة تحقيقات أمنية وتحريات لا يتم الإعلان عن نتائجها، في الوقت الذي لم يتم اتخاذ اي إجراء فعال يخص آلاف التجار الذين يجدون أنفسهم بين عشية وضحاها محالين على البطالة الإجبارية، ليتم فتح الباب واسعا على تجارة الأرصفة التي يعود أصحاب المحلات المحترقة إلى مزاولتها سعيا منهم لضمان الرزق لأفراد عائلاتهم، كنتيجة منطقية لصمت السلطات التي تعجز عن ايجاد أي حل ولو مؤقت لهم ولوضعيتهم المزمنة. غياب اية مبادرة من السلطات المحلية لتسوية هذه المشكلة، فاقم من ظاهرة التجارة الفوضوية التي تعود في كل مرة بقوة، رغم وعود السلطات بايجاد مخرج قانوني لها، بحيث لم تتمكن ولاية عنابة، لحد الان، من القضاء عليها نهائيا. وعلى الرغم من احتجاجات تجار سوق الحطاب، الذي لا تزال مساحته الأرضية على حالها، منذ حريق شهر أفريل من سنة 2010، لم تتم تسوية وضعية غالبية التجار، الذين وجدوا ضالتهم في التجارة الموازية، هذا رغم مراسلة الوالي السابق ومطالبته بالصرامة في التحقيقات التي تخص هذا الفعل الإجرامي، الذي تكرر مرة أخرى في سوق حي الصفصاف قبالة السهل الغربي، مخلفا إتلافا شاملا لجميع الخانات التجارية التي أعيد بناؤها وترميمها مرة أخرى في ظروف فوضوية، حيث قامت صاحبة السوق باللجوء للعدالة من أجل طرد عدد من التجار تدعي أنهم قاموا باستغلال مساحات لبناء خانت تجارية خاصة بهم لا يتم إحصاؤها مع باقي خانات السوق. ومرة ثالثة، يتكرر نفس السيناريو بأروقة بلدية الحجار الجمعة الفارط، باندلاع حريق مجهول المصدر، مخلفا هو الآخر خسائر فادحة باحتراق اكثر من 100 خانة تجارية، ينتظر أن تكشف التحقيقات الأمنية أسبابه وملابسات وقوعه، مع اتخاذ إجراءات تعويضية تخص المتضررين، الذين أكدوا على تمسكهم بحقوقهم على اعتبار أنها أرزاق أزيد من مئة عائلة تقتات من هذه السوق. وأمام هذا الوضع، الذي يستدعي حسب ما أدلى به عينة من تجار الولاية، لاتخاذ إجراءات وقائية وأمنية مشددة، تمكن من ضمان سلامة هذه الأسواق التي تنتمي جميعها لأروقة الجزائر التابعة للدولة، مقارنة بالمساحات التجارية الخاصة التي لم تشهد أبدا أحداها حوادث حرائق منذ إنشائها فترة التسعينات إلى غاية اليوم، ما يرجح وجود أطراف مجرمة تستهدف هذه المساحات التجارية، حسب رأي التجار، دليل تكرار سيناريوهات الحرائق دون وجود رادع يمكن من الكشف عن مدبريها والمستفيدين من اتلافها، ليتواصل لغز إضرام النيران في أرزاق آلاف التجار دون ان يجد حلا له، وليضاف تجار اخرون منكوبون من الحريق إلى قائمة الباعة المتجولين على الارصفة، اذا بقي الحال هكذا وتقاعست السلطات المحلية في الشروع في عمليات الترميم واعادة بناء الخانات التجارية المتضررة، طالما لم تتحرك لحد الان لايجاد حل ولو مؤقت إلى حين القيام بهذه المهام.