قال أحمد ملحة، رئيس الجمعية الوطنية للعمل التطوعي وعضو الهيئة العربية للعمل التطوعي، إن السلطة في الجزائر لا تهتم بترقية المجتمع المدني، بغرض جعله شريك حقيقي في عملية التنمية وبناء المجتمع. وأضاف ملحة، في حديث ل”الفجر”، أن الاهتمام بالجمعيات لا يعني فقط توفير الدعم المادي، لأن التطوع يعني في البدء الاعتماد على النفس وإيجاد إمكانيات التمويل عبر تفعيل جميع القوى الفاعلة في المجتمع، ولكن المقصود بالاهتمام إشراك الجمعيات في عملية بلورة الأفكار الكبرى وتسطير وإنجاح المشاريع الموجهة للمواطن. ولتحقيق هذه الأهداف قال المتحدث إن الإدارة عندنا مدعوة لإعادة النظر في طريقة تعاملها مع الجمعيات خارج ثقافة الريع. ولم يخف أحمد ملحة وجود جمعيات تعمل ضد الخط الوطني من خلال بيعها لمعلومات للخارج، وكذا وجود جمعيات تعيش فقط على ريع الدولة.. لكن لا يجب اعتبار ذلك مبررا - يقول - لتهميش دور الجمعيات. من جهة أخرى، أكد المتحدث أنه على جمعيات المجتمع المدني أن تغير اليوم استراتيجيات عملها وتخرج من المناسباتية وإحياء الأيام أو تقديم دروع التكريم وتنظيم الأبواب المفتوحة، إلى إيجاد الخطط و المشاريع التي من شانها أن تقدم إضافة للمجتمع، حتى لو كانت بسيطة، لأن غراس الأفكار يتطلب وقتا طويلا حتى تثمر وتؤتي أكلها. وفي هذا الإطار، أكد المتحدث أنه يفكر رفقة الجمعيات التي يعمل معها في إطلاق مشاريع اجتماعية صغيرة لدعم الأسر الريفية مثلا، من خلال تقديم برامج تكوين ومتابعة يستفيد منها الشباب والنساء في كيفية إدارة المشاريع الصغيرة في تربية الدواجن والنحل والزراعة وغيرها. ومن خلال تجربته مع الاتحاد العربي للعمل التطوعي منذ عام 2008، قال المتحدث أن ”الدول العربية، خاصة في الخليج، تعطي أهمية كبرى للجمعيات والمجتمع المدني، وهي توكل له الكثير من المهمات المتعلقة بالبناء والتنمية، وتمنح له كافة الإمكانيات وتفتح له جميع الأبواب، عكسنا نحن، حيث كان حريا بالجزائر أن تهتم بجمعياتها لتسويق صورة أفضل للبلد. ومن هنا يأتي الحديث عن عدم فاعلية جمعيات المجتمع المدني”. وهنا أكد المتحدث أنه لا يجب التعميم، لأن هناك جمعيات لا تظهر إعلاميا لكنها فعالة في الميدان تقوم بنشاطات لا تظهر، لأنها ليست موجهة للاستهلاك الآني أو الإعلامي. وخلص المتحدث إلى التأكيد على وجوب مراجعة كل من السلطة والجمعيات طريقة تعاملها مع الواقع.. السلطات بفتحها الأبواب أمام الجمعيات وإشراكها في تسطير القرارات وإطلاق المشاريع، والجمعيات من خلال مراجعة طريقة فهمها للعمل التطوعي، والتي يجب أن تخرج من النظرة الضيقة لمفهوم العمل التطوعي، والتي تقتصر عندنا على بناء مسجد أو توفير قفة رمضان أو تنظيم قوافل. ورغم أهمية هذه الأعمال لكنها لا تستجيب لمتطلبات المجتمع التنموية على المدى البعيد. لهذا يؤكد أحمد ملحة أنه ”على جمعيات المجتمع المدني اليوم أن تبحث عن طرق لإقناع أصحاب المؤسسات الكبرى والشركات لتمويل المشاريع وهذه ثقافة ناقصة في بلادنا و غير موجودة، فليس من عادة رجال الأعمال والخواص دعم العمل الجمعوي خارج الرياضة، وهذه نظرة حان الوقت لتغييرها، لأن بناء المجتمع مهمة الجميع بما في ذلك المجتمع المدني الذي يعتبر اليوم شريكا أسياسيا لا غنى عنه في عملية هيكلة وبناء المجتمع وضمان قنوات مرنة للتغير السلمي والانتقال داخل المجتمعات، وكذا تجديد طاقات المجتمع الفكرية والقيادية”.