أكثر من 5 ملايير دولار احترقت في بضع ساعات مكاسب 5 أكتوبر تبخرت وتكرارها غير مستبعد لتوفر ظروف اندلاعها يمر اليوم ربع قرن على أحداث 5 أكتوبر 1988، الأحداث التي غيرت الخريطة السياسية، بل وحتى النظام الاقتصادي والاجتماعي للجزائر، التي كانت تسير وقتها في فلك الاشتراكية الاجتماعية. لا شك أن الكثير من قراء هذه الكلمات لم يكونوا ولدوا يومها، أو كانوا أطفالا صغارا وهم اليوم نساء ورجال أرباب عائلات، يعيشون آثار ما خلفه هذا التاريخ من إيجابيات وسلبيات. كان 5 أكتوبر يوم أربعاء، صافيا مشمسا، لكن الجو في النفوس لم يكن بهذا الصفاء، فقد سبق هذا التاريخ شائعات توحي بأن شيئا ما سيحدث في البلاد، وأن إضراب شركة سوناكوم بالرويبة سينتشر عبر التراب الوطني، لكننا في قاعات التحرير (كنت يومها صحفية بجريدة المساء) لم نتأكد من هذه المعلومات، بل لم نجرؤ حتى للبت فيها والتأكد من مصداقيتها، فمعالجة هذا النوع من المواضيع كان من المحرمات، حتى أن المشرفين على الصحف الوطنية التي كانت تقتصر على القطاع العمومي يومها، لم يجرؤوا على مناقشة الرسالة التي جاءت في خطاب الرئيس الشاذلي بن جديد وقتها يوم 19/09 والتي دعا فيها الجزائريين للانتفاض على الأوضاع وعلى غلاء المعيشة، دعاهم بصريح العبارة إلى الثورة على النظام مثل تلك التي تعيشها العواصم العربية اليوم، لكن ما لم نتوصل إلى فك شفرته وقتها، هو كيف للرئيس أن يدعو إلى الثورة وهو الآمر الناهي وبيده كل مقاليد الحكم؟ ولماذا لا يبادر من نفسه لإصلاحات، وهل كان جهاز الحزب الواحد المتداخل مع الدولة هو الحاجز الذي منع الرئيس من إدخال ما يراه من إصلاحات ضرورية؟ كانت شوارع العاصمة يومها خالية تماما من رجال الأمن، حتى المكلفين بتنظيم حركة المرور، وكان المدينة فتحت أمام من يريد الانتفاض والتظاهر، وما هي إلا ساعات حتى بدأت أعمدة الدخان تتصاعد في كل حي، وحلت الفوضى والنهب والحرق في كل شارع من شوارعها. وبلغت حصيلة ذلك اليوم الموالي له 500 قتيل ورقم لا يحصر من الخسائر المادية التي لحقت بالمؤسسات العمومية. لن أروي هنا كيف انتهت تفاصيل هذا اليوم، فقد قيل فيه الكثير، لكن فقط أحاول أن أقيّم ولو في سطور أين نحن الآن من انتفاضة 5 أكتوبر التي يعتبرها البعض المؤسس للتعددية في الجزائر وللمكاسب الديمقراطية على محدوديتها. ثم هل كانت انتفاضة أكتوبر التي لم يحمل فيها المنتفضون أي لافتات أو شعارات ما، إلا نهب أسواق الفلاح، التي كانت رمزا للأزمة الاقتصادية وندرة المواد الغذائية، أو المطالبة برحيل الشاذلي بن جديد والشريف مساعدية الرجل القوي في جبهة التحرير، هي حقا التي شرّعت للتعددية وللتحولات التي عرفتها البلاد بعد هذا اليوم؟ لا أحد يمكنه الجزم حتى بعد 25 سنة بعد الانتفاضة، أن هذه الأخيرة كانت عفوية أو جاءت بناء على إرادة شعبية ومطلب اجتماعي واع بضرورة الإصلاحات. فخطاب الشاذلي للدخول الاجتماعي الذي دعا فيه الشعب للانتفاض دليل على أن إرادة التغيير جاءت أولا من السلطة، وأن الرئيس بن جديد أراد أن يتخلص من الدور المتعاظم للحزب ولأمينه العام الشريف مساعدية، وقبل كل شيء التخلص من النظام الاشتراكي الذي ظهرت عيوبه جلية مع الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد بعد انهيار أسعار المحروقات سنة 1986، بل إن التغيير جاء بإملاءات خارجية، فالزيارات التي قام بها الرئيس الشاذلي بن جديد إلى أمريكا وفرنسا وعواصم أخرى، جعلته يصغي إلى ”نصائح” أخرى غير تلك التي كنا نسمعها من أصدقائنا الاشتراكيين وفي منظمة عدم الانحياز، ويبدو أن عقل الرئيس الشاذلي كان غضا، التمس من خلاله محدثوه في واشنطن وباريس استعداد الرجل لقبول النصيحة وما شجعهم على ذلك ميوله لحياة البذخ، بعيدا عن حياة التقشف والزهد التي طبعت سلفه، فقد كان صاحب فكرة المخطط الوطني ضد الندرة، الذي هيأ المجتمع الجزائري للاستهلاك الفاحش، الخطط الذي أفرغ الخزينة فكانت الأزمة. وجاءت التعددية السياسية التي كرستها المادة 40 من دستور 89، التعديل الذي شجع الحساسيات الوطنية المعارضة من إسلاميين ويسار وليبراليين على تعبئة صفوفها للتصويت من أجل هذا الدستور، وقال يومها زعيم جبهة القوى الاشتراكية حسين آيت أحمد، من سويسرا إن التصويت للدستور هو لهذه المادة فقط، وهكذا خرجت العشرات من الأحزاب إلى العلن، بعد أن عانى زعماؤها التضييق والسجون والنفي في مراكز الجنوب. وهكذا عرف الجزائريون أسماء مثل لويزة حنون، المرأة التي أمضت أربع سنوات من شبابها في سجن الحراش، واكتشفوا سعيد سعدي العائد حديثا من معتقلات الجنوب، والصادق هجرس والهاشمي الشريف من حزب الطليعة الاشتراكية، كما اكتشفوا أسماء أخرى من زعماء الحركة الإسلامية مثل عباسي مدني ومحفوظ نحناح وعلي بلحاج وآخرون، مثلما عرفنا الكثير من الوجوه الانتهازية التي ركبت موجهة التغييرات السياسية للتموقع في الساحة والاستفادة من المساعدات التي خصصتها الدولة للأحزاب الناشئة، وهي الظاهرة التي لا زالت حتى اليوم تطبع الحياة السياسية في البلاد، بل صارت هي الواقع السياسي في البلاد بعد أن دجنت المعارضة الحقيقية، وبعد أن أدخلنا التيار الإسلامي في دوامة العنف والإرهاب، ما زلنا ندفع ثمنها حتى اليوم. فبعد 25 سنة من التعددية، اكتشف الجزائريون اليوم أنهم لا يملكون أحزابا ولا رجال سياسة ولا مجتمعا مدنيا، وحتى الحركات النسائية التي كانت ناشطة حتى قبل التعددية استعملت مطية لتحقيق مآرب شخصية. الجزائر مقبلة على استحقاقات سياسية، قال رئيس الجمهورية في آخر مجلس وزراء، لكننا اليوم أمام فجوة كبيرة، لا أحزاب قادرة على قيادة البلاد، ولا بدائل ذات وزن لقيادة البلاد للمرحلة القادمة. فالسلطة التي سعت إلى تدجين رجال ونساء السياسة تحت ضرورة الأزمة الأمنية، إلى جانب الإرهاب الذي استهدف نخبة البلاد طوال العشرية الأمنية، جعلت البلاد تعيش أزمة نخبة، وأزمة شجاعة سياسية ومعارضة قادرة على تقديم بدائل حقيقية. بعد ربع قرن من الفوضى ما زلنا ندور في حلقة مفرغة، والخروج منها ما زال بعيدا. ح. ح
الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين ”نفتخر بالإنجازات لكن الطريق لازال طويلا” اعتبر الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، أن أحداث أكتوبر 88 خطوة عملاقة قفزت بها الجزائر نحو التعددية السياسية والإعلامية والنقابية، ولكنها مازالت في بداية الطريق ولا تجسد التضحيات المقدمة لتحقيق التطور العلمي والاقتصادي والتكنولوجي المنشود. قال المكلف بالإعلام في الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، الياس مرابط، في اتصال مع ”الفجر”، إن الحركة النقابية تأمل في أن تخطو الجزائر خطوات عملاقة أخرى نحو الأمام في مجال الحريات الفكرية والنقابية، لتسمح للفاعلين في القطاع ببناء جزائر قوية بالعلوم والتكنولوجيا تكون في مصاف الدول العظمى التي تتسيد العالم، مضيفا أن ما حدث في 5 أكتوبر 88 لم يكن استثناء أو حكرا على بلد أو مجتمع بعينه، بل حركية طبيعية تعيشها كل دول العالم كلما كانت هناك ظروف معينة، والجزائر خرجت بفضل أحداث أكتوبر 88 من عباءة الحزب الواحد إلى التعددية كما هو الحال تماما مع قطاع الإعلام، موضحا أن أكبر مكسب حصدته الجزائر هو التعددية النقابية لانتزاع حقوق العمال والدفاع عن حرياتهم. وفي رده على سؤال حول تقييم العمل النقابي بعد فتح باب التعددية الحزبية والنقابية، أوضح مرابط، أن الجزائر حققت مكاسب كبيرة جدا، والتعدد النوعي منه شأنه تحقيق إنجازات في مختلف المجالات، خاصة في النقابات، لأنها تمثل شريحة كبيرة وفاعلة في البناء، لكن يضف المتحدث، أن ”ما وصلنا إليه يبقى خطوة في بداية الطريق ويجب العمل أكثر”، واستدل باستمرار إقصاء الفاعلين في الحقل من أكبر المفاوضات والاتفاقيات التي تبني مسارات الاقتصاد الوطني وحقوق العمال، كما هو الحال مع لقاء الثلاثية التي مازالت ترفض فيه السلطة إشراك النقابات المستقلة رغم أنها تشكل غالبية ساحقة. فاطمة الزهراء حمادي تمييع الأحزاب، إعلام يركض وراء الإشهار ونقابات بين التضييق والابتزاز مكاسب 5 أكتوبر 88 تبخرت وتكرارها غير مستبعد لتوفر ظروف اندلاعها رغم مرور 25 سنة على ثورة الخامس من أكتوبر 1988، غير أن العديد من المطالب التي فجرت الأحداث لم تتحقق، سواء في المجال السياسي أو الإعلامي أو الحريات النقابية أو الأوضاع الاجتماعية، بل إن الأخطر من ذلك هو تسجيل تراجع رهيب في المكاسب المحققة بعد الثورة مباشرة وزوال بعضها نهائيا من القاموس الجزائري. منذ ثورة الخامس أكتوبر 1988، شهدت الجزائر انطلاقة نوعية بكل المقاييس، وجاء دستور التعددية سنة بعد الثورة 1989، لينظم الحياة السياسية والاجتماعية لجزائريين عاشوا في عزلة الأحادية منذ الاستقلال، سرعان ما تحولت المكاسب التي جاء بها دستور التعددية في مجال الانفتاح السياسي والإعلامي والنقابي مع مرور الوقت إلى رماد، ومن بين أهم مظاهر زوال المكاسب الأولى لثورة 5 أكتوبر، تمييع الأحزاب السياسية، حيث لم تستطع رغم كثرتها أن تستقطب اهتمام المواطن وتكسبه إلى صفها، واختفت الاجتهادات السياسية، بدليل استنساخ الأحزاب لبرامج بعضها البعض وافتقارها لآية أفكار بناءة تسترعي اهتمام المواطن تجعله يؤمن بالتغيير عبر قنوات الأحزاب أو الانتخابات، وانخفض صوت المعارضة، بعد أن أخرستها السلطة سواء بتقديم الإغراءات أو تحت طائلة الضغوطات والمتابعات. وسجلت الحريات الإعلامية تراجعا كبيرا، حيث كثرت العناوين مع تشابه في المضامين والابتعاد عن النقد وانتقاد خوفا من تسليط العقاب بواسطة مقصلة الإشهار، ورافق هذا التراجع تدهور الأوضاع المهنية والاجتماعية للصحفيين الذين لا تزال أجورهم هزيلة وأغلبيتهم يشتغلون في ظروف مزرية، ويتلقون أجور لا تضمن لهم كرامتهم في ظل تصاعد جنوني للأسعار، والسبب هو عدم وجود نقابة حقيقية للصحفيين تدافع عن حقوقهم. أما على الصعيد النقابي، فقد بقي المجال صامدا واقفا رغم الضربات التي يتلقاها من حين لآخر، واستطاعت بكل أهلية أن تصنع نقابات التربية والصحة والنقل وغيرها أوضاعا جيدة لمناضليها، سواء تعلق الأمر بالصعيد المهني أو الاجتماعي، وعلى الرغم من أن القانون يؤكد صراحة أن حرية التظاهر والإضراب مضمونة، إلا أنه في كل مرة يتم تطويق التظاهرات العمالية وقمعها بكل قوة. وعلى الصعيد الاجتماعي، فالمواطن الجزائري لا يزال يتخبط في البطالة وأزمة السكن وانهيار كبير في القدرة الشرائية، في محيط يميزه فقدان الثقة في مسؤوليه بسبب قنابل الفساد التي تنفجر من حين لآخر. وأمام هذا الوضع فإن كل ظروف ومناخ تكرار ثورة 5 أكتوبر متوفرة، والأمور قابلة للانفجار في أي وقت رغم المسكنات التي تقدمها الحكومة من حين إلى آخر. شريفة عابد منعرج سياسة اقتصادية أدت إلى بيع المؤسسات بالدينار الرمزي 5 أكتوبر.. أكثر من 5 ملايير دولار تحترق في بضع ساعات مسدور: ”على الحكومة تجنب الحلول الترقيعية والمسكنات لتفادي تكرار الأزمة” كلّفت أحداث 5 أكتوبر 1988 الخزينة العمومية خسائر قدرت ب5 ملايير دولار، في ظرف بضعة ساعات انعدم خلالها الأمن وغابت عنها الدولة، لتخلف حرق العديد من المصانع وتخريب الأملاك العمومية والخاصة على السواء، ونهب كل ما وقع على اليد من سلع ومواد وأجهزة وغيرها. وفضلا عما يعرفه العام والخاص عن الأحداث التي ارتبطت بتاريخ 5 أكتوبر 88، كونها المنعرج في الحياة السياسية والاقتصادية للبلاد عبر الانتقال ”العنيف” من مرحلة الاشتراكية التي طفت عيوبها إلى خيار الرأسمالية وانفتاح وصفه أكثر العارفين ب”اللامدروس”، كما أنها من بين الأسباب التي أدت إلى انتهاج سياسة اقتصادية لا تزال إسقاطاتها ومحاولات علاج أخطائها قائمة إلى غاية اليوم. ومن هذا المنطلق، يؤكد المختصون في الشؤون الاقتصادية أن الخسائر المادية والاقتصادية التي تكبدتها الدولة خلال أحداث أكتوبر 88، على الرغم من ضخامتها، لم تكن هي الهاجس، إذ أن السلطات العمومية كان بإمكانها تعويض ذلك، وعلى هذا الأساس أكد الخبير الاقتصادي فارس مسدور، في تصريح ل”الفجر”، أن الخسائر الحقيقية التي عان منها الاقتصاد الوطني لم تكن الحرق والتخريب الذي تعرضت له المصانع والأملاك العمومية ولا السلع والأجهزة التي نهبت، وإنما التوجه الذي تبنته الدولة عقب ذلك في وضع الاستراتيجية الاقتصادية للبلاد. وتوجّهت الجزائر اقتصاديا خلال هذه الفترة من النقيض إلى النقيض دون عبور مرحلة تحضيرية أو انتقالية، جعلت المواطن يعيش في اقتصاد حر دون التخلص من التفكير الاشتراكي، وقد أدى ذلك حسب الدكتور فارس مسدور، إلى فقدان أكثر من 500 ألف منصب شغل، وبيع العديد من المصانع والشركات العمومية بالدينار الرمزي في إطار خوصصة المؤسسات الوطنية. وعلى الرغم من أن الخبير الاقتصادي فارس مسدور، استبعد تكرار أحداث 5 أكتوبر 88، إلا أنه قال إن كل المؤشرات التي كانت تحيط بالجزائر خلال تلك الفترة متوفرة في الوقت الحالي، مشيرا إلى أن تراجع الاقتصاد أدى إلى تدني الظروف الاجتماعية وتفشي الفقر، وتراجع الرعاية الصحية، التي أدت وتؤدي إلى أحداث مشابهة وإن كانت معزولة ومتفرقة قد تتسع في حال عدم اتخاذ السلطات العمومية التدابير الضرورية والاكتفاء بالحلول الظرفية التي لا تتجاوز كونها مجرد مسكنات غير قادرة على حل أصل المشكلة. سعيد بشار حذرت من الاستمرار في الانحراف الديمقراطي أحزاب تقلّل من أهمية 5 أكتوبر في صنع التحوّل وتؤكد أنها مؤامرة داخلية خرج الجزائريون في مثل هذا اليوم من عام 1988، لأول مرة إلى الشوارع مطالبين ب”تحسين الأوضاع الاجتماعية والتغيير”، ومنددين بالديكتاتورية وغلق مجالات الحريات، ناقمين على الحزب الواحد وكل ما يرمز للدولة، وهو ما دفع السلطة آنذاك إلى فتح المجال السياسي وإعلان التعددية، وتوديع ممارسات الحزب الواحد. لكن هل يحق اليوم وبعد مرور أكثر من ربع قرن أن نفتح سجل الحسابات ونراجع التاريخ القريب، وهل يحق أن نطرح السؤال ”هل حقا تمكن الشعب من تحقيق مطالبه بعد أحداث 5 أكتوبر؟”. هذا ما دفع ”الفجر” لتقصي آراء الأحزاب السياسية المعني الأول بالمسار الديمقراطي في البلاد. بن بعيبش: أحداث 5 أكتوبر مؤامرة أريد منها تحويل المسار الديمقراطي أكد الطاهر بن بعيبش، رئيس حزب الفجر الجديد، في تصرح ل”الفجر”، أن أحداث أكتوبر 1988 لم تعد تساوي شيئا أمام المآسي التي مرت بها الجزائر منذ عقدين من الزمن، وقال إن الضحايا الذين سقطوا في هذه الأحداث لم يتجاوزوا 300 قتيلا، بينما سقط أكثر من 200 ألف قتيل خلال التسعينات، مشيرا إلى أن الشعب مر بمراحل غير مستقرة في مسيرته بعد هذا التاريخ. وكشف بن بعيبش، أن هذه الأحداث ما هي إلا مؤامرة حاول البعض توجيهها في غير مسارها السليم، مبرزا أن المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء آنذاك، هي الوحيدة التي أعلنت أن أجنحة في السلطة وقفت وراء هذه الانتفاضة الشعبية، واعتبر أن الجزائر لا تملك إرادة سياسية لمواجهة التحديات وتسطير برنامج يمكن من يخرج البلاد من هذه الوضعية، وأوضح أنه ”كفانا من السياسات الترقيعية، البلاد تحتاج للأخذ بمبادرات أبنائها للخروج من الفكر الأحادي”. تواتي: الأحداث جاءت لإرضاء الخارج من جهته، اعتبر موسى تواتي، رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، أن أحداث 5 أكتوبر لم تكن يوما بوابة للتعددية السياسية والإعلامية، بل جاءت لإرضاء الخارج بدل إقناع المواطن الجزائري، باعتبار أن السلطة تمكنت من السيطرة على هذه التعددية وشراء الأصوات المنادية بها، مضيفا أنه لا يمكن الحديث عن الديمقراطية في ظل المال الريعي وبقاء الثروة بين أيدي النظام، ”وهو ما يلغي المكسب الديمقراطي الذي يبقى مجرد شعارات، بل تحول إلى تسلط بسلطة المال من خلال الدوس على الدساتير والقانون وإرادة الشعب”. وتابع تواتي، أن الجزائر كانت أول دولة جرب فيها الربيع العربي، على حد اعتراف الرئيس السابق الشاذلي بن جديد بأن هذه التعددية مفروضة علينا من الخارج، وهو ما جعل رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية يتخوف من تكرار السيناريو في ظل محاولات التدخل الأجنبي التي غذتها هشاشة النظام. ربيعي: خنق الانتفاضة أدخل الجزائر في دوامة الفتنة من جانبه، أفاد فاتح ربيعي، الأمين العام لحركة النهضة، أن أحداث أكتوبر 1988 لم تكن في مستوى طموحات الشباب الذي سقط خلالها، ولا تضحياتهم أيام المحنة في التسعينات، وواصل بأن فاتورة الديمقراطية كانت غالية لكنها للأسف لم تتحقق بسبب خنق الثورة وتحويل مسارها، ما أدى إلى إدخال البلاد في فتنة لا تزال تدفع ثمنها لغاية اليوم، متهما أصحاب النظرة الأحادية بالضلوع في هذه المحنة، الذين قال إنهم لا يرون لنفسهم موقعا إلا في السلطة. وأكد ربيعي، أن أحداث أكتوبر كانت متقدمة على الربيع العربي، إلا أن الجزائر كانت بعيدة عن التأثيرات الغربية، مشيرا إلى أن ”بلادنا ليست بمنأى عن الخطر الذي يتربص من حولها، حيث أنها لم تستفد كذلك من أحداث 5 جانفي 2011”. وقال إنه ”مادامت ذات الأسباب قائمة ستكون هذه المخاطر محدقة بنا، إلا في حال تم التوجه للديمقراطية الحقة التي تمكن من انتشال الشعب من حالة اليأس والقنوط التي يعيشها”.