أصبحت دور الحضانة في بلادنا تحتل مكانة هامة بالنسبة للأمهات العاملات باعتبار أنها أصبحت المكان البديل للطفل، بعد أن تضطر الأم للخروج من البيت في اتجاه العمل، حيث تسعى الأمهات لإيجاد مكان بديل يعوض ابنها الدفء المنزلي بعد أن اضطرتها الظروف للغياب عن البيت مدة من الزمن. تتأهب مختلف دور الحضانة في بلادنا لمنافسة غيرها من خلال اختيار السبيل الأمثل لرعاية الطفل والبحث في الميكانيزمات الأساسية للتربية السليمة للطفل، من خلال برنامج بيداغوجي خاص يكون مستوحى من الأسلوب المحلي أو وفق البرنامج الفرنسي، وهو ما تبحث عنه جل الأمهات، وهذا ما أكدته لنا مديرة حضانة ”الكتكوت الصغير” المتواجدة بوادي الرمان، حيث قالت في تصريح ل”الفجر” أن معظم الأمهات ومنهن العاملات يبحثن قدر المستطاع عن أسلوب تربوي خاص لأبنائهن، ومنها على الأساس تلقينهم اللغة الفرنسية كأسلوب مثالي للتعلم، خاصة وأن اللغة العربية ممكن استرجاعها من خلال المنظومة التربوية العامة، أما اللغات وإتقانها فهو مستقبل أي طفل مهما كان مستواه الاجتماعي أو العلمي، لأن تنوع اللغات يكسبه حظا أوفر للولوج في الحياة الاجتماعية والمهنية في المستقبل. أما المربية ”دلال. ج” فترى أن ”مخ” الطفل في سن الثالثة والرابعة مفتوح على مصراعيه وهو قابل للتعلم والإتقان، وجب علينا نحن كمربيات أن نوفر لهم الجو المناسب لتلقي الرسائل التربوية اللازمة من تعلم الحروف والأعداد والتلوين وترديد الأغاني باللغتين العربية والفرنسية، وغيرها من الأساليب التعليمية المعتمدة، بحكم أن تتناسب مع الأطر الحديثة والعصرية، وما يسعدنا نحن كمربيات هو السعادة التي يظهرها الأطفال عندما يلجون الحضانة.. من جهة أخرى، تعتمد حضانة ”نائلة” المتواجدة بعين الله أسلوبا مختلفا في تعليم الأطفال ومنهم الفئات المقسمة إلى صغيرة وكبيرة والأطفال الرضع الذين يتبعون أسلوبا خاصا لصغر سنهم، حيث أدرجت مديرة الحضانة نظاما خاصا، خاصة تعليم اللغة الفرنسية والإنجليزية إلى جانب اللغة العربية، حيث تؤكد المديرة أن اللغة الانجليزية أصبحت لغة عالمية تنافس الفرنسية، ولذلك نسعى لإدراج حصص لتعليم مبادئ اللغة الإنجليزية للمبتدئين، وقد لاحظنا، تقول المديرة، استجابة واضحة للأطفال وتقبلهم بكل سهولة لتعلم هذه اللغة. ترى الأخصائية النفسانية فائزة علال ”إن الأطفال الذين يتعلمون لغة أجنبية في مراحل حياتهم الأولى أقدر على فهم لغتهم الأصلية، حيث يكونون أكثر استيعابا لوجود اللغة كظاهرة عامة في الحياة. كذلك تكون ثقافتهم أعمق من الأطفال الذين يتحدثون لغة واحدة فقط، حيث إن الطفل أحادي اللغة يعتقد أن ثقافته ولغته وتقاليده هي الوحيدة في العالم. إن تقديم طبيعة لغوية مختلفة عن لغة الطفل الأصلية تساعده علي تقبل الناس ذوي الطباع المختلفة وعلى المدى البعيد تجعله قادرا على التعاون مع كل أنواع البشر، ومن ثم التفهم للمجتمع الأكبر، لقد أثبتت الأبحاث أن المخ البشرى يصل إلى أعلى مقومات النمو عند سن السادسة. ففي أول ست سنوات يستطيع الإنسان أن يتعلم حقائق ومعلومات ويختزنها في ذاكرته عند تقديم المعلومات المناسبة لعقل الطفل، يتحقق نموه بالرغم من التعقيدات الهائلة المرتبطة بعملية تعليم اللغة. فإن الطفل يستطيع التمكن من لغة واحدة أو أكثر عند سن الثالثة أو حتى أصغر. أما الأمهات، فقد أظهرت البعض منهن رغبتهن في تلقين أطفالهن الأساليب الحديثة المتعامل بها، إلا أن ضعف المربيات والمشرفات على أبنائهن جعل معظم الأطفال ينهون مرحلة الحضانة دون الوصول إلى مستوى علمي مرضٍ قد يساعدهم على مواصلة تعليمهم في الطور الابتدائي. وفي هذا الإطار تقول السيدة ”كهينة” أن العمل الأساسي الذي تقوم به المربيات يتمثل إما في تنويم الأطفال لفترات طويلة أو مراقبة أكلهم فقط، أما فيما يخص تعليم الأطفال فهو أمر يتطلب إعادة النظر فيه... بالرغم من معظم دور الحضانة تقوم بوضع إعلان لأهم النشاطات العلمية المتبعة، إلا أن ذلك لا يكون معمولا به في الأساس. ولذا دعت محدثتنا إلى ضرورة مراقبة المربيات من قبل الجهات الوصية. بالرغم من بعض السلبيات إلا أن الظروف الخاصة للأمهات تجعل من الحضانة المكان الأمثل لاحتضان أبنائهن في غيابهن.