يتطرق الدكتور والسياسي والعضو السابق بمجلس الدولة علي هارون في كتابه الذي أصدرته منشورات القصبة حديثا باللغة الفرنسية تحت عنوان ”الجدار وقف الانتخابات التشريعية في جانفي 1992 ضد الإرهاب الجهادي” إلى جملة من الخبايا والأسرار والأحداث الرئيسية التي سببت أزمة العشرية السوداء منها توقيف الانتخابات التشريعية بعد أن فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ واستقالة الرئيس الراحل شاذلي بن جديد واغتيال محمد بوضياف بعنابة. يعود علي هارون في 326 صفحة من هذا الكتاب الذي جاء فيه 12 فصلا متعدد المواضيع التي تتطرق إلى مجموعة من الأحداث المهمة في تاريخ الجزائر من خلال مرحلة ”العشرية السوداء” التي عرفت توقيف الانتخابات التشريعية وتأجج الوضع في البلاد بعد بروز الجماعات الإسلامية المسلحة والإرهاب وانتشار القتل والدمار في كل مكان كل هذا يرويه علي هارون في عمل أهداه إلى الراحل محمد بوضياف وأبو بكر بلقايد. ويقول عن اختياره لعنوان ”الجدار” أنّه للحراسة من أي خطر حيث يعتبر تشريعيات 1992 التي فازت بها الجبهة الإسلامية للإنقاذ أنّه في سنة 1991 كانت سنة سقوط وشيك للجزائر في المجهول فبعد تأسيس اللجنة العليا للدولة سنة 1991 قال تبعها زلزال انتخابي عنيف شكل خطرا على الدولة حيث خرج الشعب إلى الشارع إثر فوز ”الفيس” بالأغلبية الساحقة بمقاعد البرلمان كانت الجمهورية الجزائرية في حالة موت لا شك فيه ويتابع بعد الدور الثاني من الانتخابات في 16 جانفي دفن من طرف ”الدولة الإسلامية” حيث قرر المناضلون في الحزب الفائز تحديد نشطاء الحزب حيث بعدها ببضعة أشهر الاحتفال بالخروج إلى الشارع والتظاهرة في الساحات العامة تحت شعار ”عليها نحيا وعليها نموت”. معتبرا أنّ نتائج التشريعيات أذهلت الجميع وكانت واضحة حيث تحصلت الجبهة الإسلامية على الأغلبية الساحقة وقبعت جبهة التحرير ثانية بحصولها على ثلث الأصوات وثلث الأصوات للديمقراطيين والمترشحين الأحرار. وهنا يؤكد علي هارون في كتابه بأنّ إلغاء النتائج من طرف الدولة جاء من أجل الحفاظ على مؤسسات الدولة وتماسك المجتمع وعدم دخوله في فكر الإرهاب والتطرف بالنظر إلى الشعارات التي رفعها الإسلاميون آنذاك والتي تدعو إلى الجهاد ومحاربة الحكومة حيث قام مجلس الأمن الأعلى الذي استثمر في الدستور بعد استقالة الشاذلي وصرح المجلس الدستوري بأنّه غير كفئ لتولي رئيس الدولة وهو ما يعني إلغاء الجولة الانتخابية الثانية في 12 جانفي. أمّا في ال14 من الشهر نفسه المجلس الأعلى للدولة قرر خلافة الرئيس المستقيل شاذلي بن جديد. وفي خضم هذا الوضع الصعب بدا اختلاف واضح بين الأطراف حول مستقبل الجزائر. وبخصوص استقالة الرئيس شاذلي من منصب رئاسة الجمهورية قال علي هارون بأنّه استقال إرادته بعد تأزم الوضع وهو ما دفعه إلى المغادرة وبأية طريقة يقول هارون ولم تكن أبدا هناك أي عملية مدبرة لرحيله فالرجل رأى في خروج حلا للأزمة التي أججها اختلاف الحزب الحكومي مع أحزاب المعارضة. كما يتطرق علي هارون في الفصل السادس والسابع الذي خصصهما للراحل محمد بوضياف المعروف ب”الطيب الوطني” إلى أهم المحطات التي عرفتها حياته وأبرزها اغتياله بمدينة عنابة حيث يعتبره بطل الأمس وبطل اليوم والحلم المغتال فسرد مهماته بالخارج السجن الحرية والمنفى وكيفية عودته إلى الجزائر وكذا جوانب من شخصيته والرئيس والحياة اليومية وتساءل في السياق علي هارون لماذا قتل ولماذا هذه المأساة؟ فخ مدبّر أم فعل معزول؟. وأضاف في مقدمة الفصل ”يجب أن تكون هناك مؤامرة كبيرة لقتل رجل كبير وبطل؟ وربط هذا بأنّ أغلبية الجزائريين يعتبرون العملية مؤامرة قامت بها بعض الجهات لحسابات ومصالح بينها؟. لكن يتساءل في نفس الوقت من له المصلحة في رحيله؟. مشيرا إلى أنّ اتهام بومعرافي أنّها مجرد ذر للرماد في العيون بالنظر إلى أنّ الجميع كان مقتنعا بأنّ عملية الاغتيال مؤامرة وليست شيء آخر. ويعالج هلي هارون في فصول أخرى من كتابه ”الجدار” جملة من النقاط على غرار ما حدث في التسعينيات وتدهور الوضع الأمني الدعوة إلى الحوار عبر مشروع قانون الرحمة الذي أطلقه زروال نهاية مجلس الدولة رأي الأحزاب السياسية في ما حدث ووضعها وقتها اجتماع المجلس الأعلى للأمن وغيرها مما تناوله الكاتب بالتفصيل في عمله ”الجدار”. يذكر أنّ علي هارون حاصل على دكتورة دولة في المحاماة انضم الى الأفلان سنة 1955 وفي سنة 1956 كان تحت قيادة الراحل محمد بوضياف من اجل قيادة المقاومة بتطوان عين سنة شهر فيفري 1958 على رأس المجلس الوطني للثورة وقبلها كان في فدرالية جبهة التحرير بفرنسا وبعد الاستقلال تقلد عدة مناصب أبرزها تعيينه في منصب وزير لحقوق الإنسان سنة 1991 ليعين في اللجنة العليا للدولة من 92 إلى 94.