التعريف بالكتاب: كان كتاب قاسم أمين ”1863- 1908م” ”تحرير المرأة - 1899” أول كتاب أثار زوبعة، أومعركة فكرية واجتماعية في الثقافة والمجتمع العربيين الحديثين، مما دفع مجموعة من الكتّاب إلى الردّ عليه أهمهم: .. وليس الرجل بأحسن منها حالا: فإنه يهجر منزله، ويستريح إلى العيش في القهاوي، أو عند جيرانه، فإذا رجع إلى بيته طلب العزلة عن زوجته والتزم السكوت. نتج مما تقدم أن الزواج على غير نظر كما هو حاصل الآن إنما هو طريقة يستعملها الرجل في الغالب للاستمتاع بعدد من النساء يدخلن في حيازته دفعة واحدة، أو على التعاقب، ولا تجد فيه المرأة مزية ترضي نفسها. وكل رجل يقصد من الزواج أن تكون له صاحبة تشاركه في السراء والضراء يصعب عليه بل قد يتعذر أن يبلغ ما يريد من ذلك، ولهذا السبب رأينا في السنين الأخيرة كثيرا من الشبان القدرين على الزواج لا يرغبون فيه، ولما كان عدد الرجال المهذبين يزداد كل سنة،لأن الشعور بوجوب تربية البنين تقدم وسيتقدم كثيرا في المستقبل،صارت تربية المرأة على مبدأ التعليم والحرية أمرا ضروريا لا يستغنى عنه، وإلا فما علينا إلا أن نعلن أن الثقة بالزواج قد فقدت ، وأن المعاملة به قد بطلت، وحق عليه الإفلاس. ولست مبالغا إن قلت إن رجال العصر الجديد يفضلون العزوبة على زواج لا يجدون فيه أمانيهم المحبوبة ، فإنهم لايرضون الارتباط بزوجة لم يروها، وإنما يطلبون صديقة يحبونها وتحبهم لا خادمة تستعمل في كل شيء ويطلبون أن تكون أم اولادهم على جانب من العلم والخبرة يسمح لها بتربية أولادهما على مبادئ الأخلاق الحسنة وقواعد الصحة. وكل من تجرد عن التعصب وحب التمسك بالعوائد القديمة لابد أن ينشرح صدره عندما يرى نمو هذا الميل في نفوسهم، ويرى من نفسه وجوب الإصغاء إلى مقالهم، والنظر في مطالبهم، فلا يستهجنها لأول وهلة، ولا يرميهم بالتفرنج في آرائهم قبل البحث فيها، بل يزنها بميزان العقل والشرع ومتى تثبت له أن هذا التغيير الذي نطلبه ليس إلا رجوعا في الحقيقة إلى أصول الدين وعوائد المسلمين السابقين، وأنه إصلاح يقضي به العقل السليم لا يتأخر عن مساعدتهم على تأييدها.. ..يتبع