التعريف بالكتاب: كان كتاب قاسم أمين ”1863- 1908م” ”تحرير المرأة - 1899” أول كتاب أثار زوبعة، أومعركة فكرية واجتماعية في الثقافة والمجتمع العربيين الحديثين، مما دفع مجموعة من الكتّاب إلى الردّ عليه أهمهم: .. أنظر إل زوجين متحابين تجدهما من اليوم في نعيم الجنة، ماذا يهمُّهما أن يكون الصندوق خالياً من المال، أو أن يكون على المائدة عدس وبصل؟أما يكفيهما فرح القلب في كل دقيقة تمرُّ من اليوم؛هذا الفرح الذي يبعث النشاط في الجسم والطمأنينة في النفس، يحيى في القلب شعوراً بلذة الحياة ويزيِّنها له، ويخفف ثقلها عليه، ويجعلها منه في مكان الرضا حتى قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “ما أعطي العبد بعد الإيمان خيرًا من امرأة صالحة”. أين هذا من حال عائلتنا اليوم التي نرى فيها الزوجين وأحدهما أبعد الناس عن الآخر، ولم يكن إلا هذا البعد لخفَّ احتماله لكن لمَّا كان في طبيعة الإنسان أن يجري وراء سعادته، كان كلُّ من الزوجين يعتقد أن صاحبه هو لحجاب الحائل بينه وبينها، ومن هذا الاعتقاد يتكوَّن في المنزل جوٌ مشحون بالغيام والكهرباء يعيس فيه منهما وقلبه ملآن بعيوب الآخر، وتبدو فيه المناقشات والمخاصمات في كل آن بسبب وبغير سبب في الصباح وفي المساء، وحتى في الفراش. وتنتهي هذه الحالة بأن تتخلّى المرأة عن بيتها إلى الخدم يفعلون فيه ما يشاءون؛فيستولي الاختلال على ما فيه، وتظهر فيه آثار الإهمال فيبدو للناظر إليه غير مسكون بأهله، ويعلو التراب فراشه، والقذر موائده، وتغفل شئون الزوج والأولاد في مأكلهم ومشربهم وملابسهم، وتقضي الزوجة أوقاتها في مكان واحد تفكِّر في سوء ما وصلت إليه، أو تترك منزلها من الصباح زتطوف على جاراتها، لتفرِّج عن نفسها تلك الهموم. وليس الرجل بأحسن منها حالاً: فإنه يهجر منزله، ويستريح إلى العيش في القهاوي، أو عند جيرانه، فإذا رجع إلى بيته طلب العزلة عن زوجته، والتزم السكوت. ...(يتبع)