قلل وزير التربية الوطنية من شأن حالات العنف في الوسط المدرسي، حيث قال إنها ”ضئيلة جدا”، في وقت ترى النقابة الوطنية لعمال التربية والتكوين ”ساتاف” أن القضية خطيرة، وبسببها اصبحت المدرسة الجزائرية تستنزف في أعمدة إطاراتها، موجهة تحذيرات من التعفن الكبير داخل المؤسسة التعليمة بالجزائر. أشار وزير التربية الوطنية، عبد اللطيف بابا أحمد، أول أمس، لدى رده على سؤال شفوي للنائب عن حزب جبهة التحرير الوطني، إسمهان مقران، خلال جلسة علنية بالمجلس الشعبي الوطني، إلى أن ”الحالات المرتبطة بظاهرة العنف في الوسط المدرسي والتي تصلنا عنها تقارير، ضئيلة جدا”، مضيفا أن المصالح المعنية ”تعمل على معالجتها في حينها وفقا للآليات التربوية والقانونية المعول بها”. ورفض الوزير أن تتكفل وزارته بالحد من الظاهرة، بعد أن قال إن التدخل في مثل هذه الحالات ”ليس من اختصاص وزارة التربية الوطنية بل من من مهام الجهات الأمنية”، مشيرا إلى أن ”تعليمات صارمة أعطيت لمديري التربية من أجل حماية التلاميذ من كل اعتداء مع تكثيف الجهود من أجل تأمين مداخل المؤسسات التعليمية ومنع ممارسة التجارة بجوارها وهذا بالتنسيق والتعاون مع المصالح الأمنية والسلطات المحلية”، مبرزا أن ”التقارير والتقديرات التي تصل القطاع تشير إلى أن الوضعية ليست بالحجم الذي تشير إليه بعض المصادر”. وذكر بابا أحمد بالمساعي الرامية إلى الحد من هذه الظاهرة من خلال تنصيب فريق عمل مركزي شهر ديسمبر الفارط، أسندت له مهمة وضع آليات ومخطط عمل تنفيذي لرصد أبعاد هذه الظاهرة وتحديد أسبابها ووضع العلاج الملائم لها”. يأتي هذا في وقت أكد فيه بوعلام عمرورة رئيس النقابة الوطنية لعمال التربية والتكوين ”ساتاف”، أنه ”من يوم إلى آخر تتصاعد أرقام العنف المدرسي وتتعدد وجوهه وأشكاله مثل تعدد مسبباته الأخلاقية والاجتماعية الاقتصادية والسياسية مما يوحي بالتعفن الكبير داخل المؤسسة التعليمة بالجزائر”. وتحدث عمورة في تقرير - استلمت”الفجر” نسخة منه - عن ”تطور خطير صار يتخذه هذا العنف حيث صار موجها من المتعلم نحو المعلم في المؤسسات الكبرى الثانويات والمتوسطات”، وقال ”فقدْ فقدَ الأستاذ هيبته ومكانته بين الجيل بل وصار الاعتداء عليه من طرف المتعلم أسهل ما يكون في زمن صار فيه انتشار الحبوب المهلوسة بين الطلاب والتدخين أمرا متداولا...”. وأضاف عمورة أن ”أرقام التقاعد المبكر للأساتذة في ارتفاع مستمر والساحة التربوية تفقد أعمدة خبراتها”، بعد أن ”فقدوا رغبة التدريس في زمن صاروا يجدون فيه أنفسهم مهددين من طرف نوبات عصبية لطلاب تذهب بعقولهم الحبوب المهلوسة من جهة ومن جهة أخرى الإهانات التي يتعرضون لها من طرف بعض الأولياء الذين يعترضون على تدخل الأستاذ بالتوجيه الأخلاقي لأبنائهم وبناتهم بحجة أنهم أحرار في اختياراتهم ولا دخل للأستاذ في ذلك متناسين أنّ دور الأستاذ التربية قبل التعليم...”. وقال عمورة إن ناقوس خطر يدق دون أن ينتبه إليه أحد.. المدرسة الجزائرية تنزف في صمت جراء انسحاب الأساتذة ذوي الخبرة والكفاءة.. متسائلا ”المدرسة الجزائرية ألى أين؟..”. ولوقف النزيف، اقترح عمورة أن تنظم ندوات أخلاقية يشرف عليها موجهون من علم النفس التربوي داخل المؤسسات التربوية لنشر الوعي بين صفوف المتعلمين، مع ضرورة تدخل الأولياء والتحدث عن المعلمين باحترام أمام أبنائهم ليزرعوا في قلوبهم حب المعلم وتقديره، ومتابعة أبنائهم أخلاقيا وحمايتهم من شبح المخدرات وخطر الأنترنت. وطالب عمورة مديري المؤسسات التربوية بضرورة الحزم ومراقبة الأماكن الخفية في مؤسساتهم والتي غالبا ما تكون أماكن لتبادل الحبوب المهلوسة والسجائر، كما شدد على ضرورة ارتداء اللباس المحترم داخل الثانويات والمتوسطات.