سقف الكتابة الساخرة في الجزائر محدود يصر سعيد بن زرڤة، على الكتابة الساخرة، وقد صدر له حديثا عن دار “فيسيرا”، كتابا بعنوان “قلة أدب”، احتوى على سرديات بهوية حربائية وبنكهة تبدو ساخرة. وقال في حوار خص به “الخبر”، إنه من الصعب إضحاك الإنسان الجزائري بعد أن لعبت الظروف التاريخية دورا كبيرا في عبوسه. لماذا يصر سعيد بن زرقة على الكتابة الساخرة، بعد مرور سنوات طويلة؟ في الوقت الذي تناولت فيه الكثير من الدراسات السوسيولوجية والأنتروبولوجية والنفسية واللسانية ظاهرة الضحك بالدارسة، تبقى في الجزائر في منآى عن الاهتمام، حيث تعرّض فيه كل ما هو مضحك في عناويننا الصحيفة وقنواتنا إلى التهميش والحصار، وأفردت مساحتها لكل ما هو أصفر ومثير وسوداوي. لكن هناك بعض الكتابات الساخرة أثرت الساحة؟ صحيح أن الجزائر عرفت أسماء كثيرة في الكتابة الساخرة، ابتداء من أبوليوس..أبوهران.. أبو العيد دودو..رضا حوحو، عمار يزلى، عيسى شريط، زميلي، الفيروزي وأسماء أخرى أسّست معالم الكتابة الساخرة الإبداعية. ونضيف إلى هؤلاء اسما آخر متميزا، يستحق التعريف به هو عزوز بقاق الذي هو بحاجة إلى أن تترجم كتاباته إلى العربية، وفي عالم الصحافة توجد أسماء أخرى توظف التهكم الذي هو أقرب إلى الهجاء، حيث تستعمل كل الأساليب اللغوية المحظورة وتقصف بالتقليد والمباشر من أمثال سعد بوعقبة في “نقطة نظام” وحكيم لعلام في “طبّع معاهم” وشوقي عماري في “نقطة الصفر”. وما هي المواضيع التي تطرقت إليها الكتابة الساخرة في الجزائر؟ لم تبرح السخرية الأماكن المغلقة والمظلمة، وأن الكاتب الساخر بقي سجين المساحات الضيقة، بحكم أنه لم يستطع المساس بكثير من المضامين التي بقيت طابوهات، كالجهوية والسلوكات الدينية السلبية والسياسية... سقف الكتابة الساخرة في الجزائر محدود. إن الشعوب التي تضحك هي شعوب تقبل النقد، وهي شعوب حرة، هي في النهاية متحضرة. قال يونيسكو: “حيث لا توجد سخرية لا توجد إنسانية، وفي المجتمعات التي تفتقد إلى السخرية والضحك غنية بمراكز للمجانين”. من الصعب إضحاك الجزائري، لماذا؟ لعبت الظروف التاريخية دورا كبيرا في عبوس الجزائري، أضف إلى ذلك واقعنا العبثي والسوريالي، حيث لا تنفع فيه إلا السخرية السوداء، ومع ذلك أدعو إلى إعادة الاعتبار للسخرية والضحك، لأنها أصبحت وسيلة مهمة في”الماركتينغ” وفي العملية البيداغوجية لكسر حاجز الفشل، وفي أوروبا فتحت نواد للضحك، من أجل صحتنا العقلية فلنضحك. ونلاحظ أن الكثير من الجزائريين استغلوا مساحات الفايس والتويتر للتعبير عن انشغالاتهم بلغة السخرية، وشجعهم في ذلك هروبهم من أعين الرقيب والمتابعة. وهو ما يستحق الدراسة والتحليل من طرف علماء الاجتماع والنفس واللسا نيين والنقاد. إن الكتابة الساخرة مرادفة للسلام ووسيلة لمحاربة العنف، ووسيلة صحية للتواصل الضاحك، وتصبح أكثر من ضرورة وواجبا، خصوصا لما نشاهده في يومياتنا من تناقضات رهيبة على كل المستويات.