قال إن ”جهاد بوتفليقة دام سبعة أيام فقط لم يطلق خلالها رصاصة واحدة”، الكلام للعقيد بن شريف، الذي وبقدرة قادر انبعث من مدفنه في الجلفة ليقول كلمة بالمناسبة ”جهاد بوتفليقة دام سبعة أيام فقط”، وصمت بن شريف وسكوته عن قول كلمة حق دام نصف قرن، لا أقول هذا دفاعا عن بوتفليقة الذي أحارب بقاءه في السلطة بكل قوة، لكن أن يسكت بن شريف دهرا فهذا في حد ذاته جريمة. فلماذا لم يقل هذا الكلام سنة 1999 عندما جيء ببوتفليقة كمخلص للبلاد باسم الشرعية الثورية؟ لماذا لم يقل هذا الكلام لما تقلد الرجل أعلى المناصب في جزائر الاستقلال باسم الجهاد وباسم الشرعية الثورية دائما؟ لماذا لم يقل هذا طوال 15 سنة من حكم الرجل ولم ينتبه إلا اليوم بعدما ساق البلاد إلى حافة الهاوية؟ بوتفليقة مشكوك في جهاده، وهذا ليس بالسر الذي يمكن أن يقلب الموازين، فالذين أتوا به إلى السلطة يعرفون جيدا ذلك، وبن شريف هو الآخر مشكوك في جهاده وقد قال بشأنه مجاهد آخر كلاما مماثلا منذ فترة في الصحافة الوطنية ولم يكذّب بن شريف ما قيل بشأنه. ثم رأي بن شريف في بوتفليقة أو في غيره لم يعد يهمنا، فقد سبق وشهد شهادة لم يستفد منها الجزائريون وبينت الأيام أنها كانت فقط في مصلحة زمرة النظام الحاكم، عندما خرج في التلفزيون في جانفي 1979 طالبا من الجزائريين التصويت للشاذلي بن جديد رئيسا خلفا لبومدين، وقال بالحرف الواحد صوتوا للشاذلي لأنه صديقي، بعدها تمتع بن شريف في نعم سلطة الشاذلي فهو لم يكن فقط قائدا للدرك، بل كان إقطاعيا بكل معاني الكلمة، وكان العام والخاص يعلم أنه كان يستغل رجال الدرك في رعي قطعانه بالجلفة حيث كان يملك الأرض والسماء وحتى الهواء الذي يتنفسه سكانها. جاهد بوتفليقة أم لم يجاهد، فلم يعد أمر جهادكم يعنينا يا سادة، استمروا فقط في فضح بعضكم البعض، نحن لا نريد لبوتفليقة أن يبقى في السلطة ليس لأنه لم يكن مجاهدا لأننا نعرف أن المجاهدين الحقيقيين قضوا في ساحة المعركة، بل لأنه لم يعد قادرا على العمل، ولأن حصيلة 15 سنة من الحكم كانت كارثية، لا نريده أن يبقى في الحكم لأنه صار غطاء لمافيا حقيقية استنزفت البلاد ورهنت مستقبلها، بل رهن استقلال البلاد بيد المصالح الأجنبية طمعا في حمايته وحماية عصابته الغارقة في الفساد. خمس عشرة سنة كانت كافية وزيادة ليعرف الشعب الجزائري حقيقة الرجل وتكفي حصيلته الكارثية لتسقط أسطورة البطل المغوار، لكن ليس بن شريف من يعلمنا هذا لأنه ليس رمزا ولم يكن هو الآخر مثالا في النزاهة وحب الوطن، ليس بهذه العفة ليرمي الآخرين بالحجر. ثم متى سيصمت هؤلاء وينزاحون عن طريقنا لنعرف ويعرف أبناؤنا كيف يبنون مستقبلهم ويسيرون على طريقهم بعيدا عن أكاذيب العصابة التي سرقت فرحة الاستقلال واستولت على الحكم على نهر من الدم؟