تعكس استجابة السلطة لمطالب أطياف المعارضة باعتماد دستور توافقي دونما تحديد توافقه على مقاس طبيعة الدولة الجزائرية، التسرع في "الالتفاف" حول مصطلح جاء في أحد خطابات الرئيس بوتفليقة مؤخرا. فالمختصون أكدوا أن التجربة أثبتت أن الدول الفيدرالية أو تلك التي تعيش انقسامات طائفية هي التي لجأت إلى اعتماد الدساتير التوافقية. عبر الباحث والأستاذ الجامعي رشيد حمليل، عن امتعاضه من السلطة ومسؤولي الأحزاب الذين لم يلجأوا لتصحيح الخطأ في الفهم الذي وقعوا فيه بدعوتهم إلى دستور توافقي، ففي اعتقاده أن هذا الأخير لا يتوافق إلا مع الدول الفيدرالية أو تلك الدول التي تعيش انقسامات طائفية بسبب وجود أقليات دينية أو عرقية أو لغوية، وأشار عبر صفحته الرسمية على الفيسبوك، إلى تقصير وسائل الإعلام في شرحها للشعب هذا المصطلح، مع الإشارة إلى أن الشعوب التي تبنّت الدستور التوافقي تجتهد الآن لإيجاد مخرج دستوري للتخلّص منه، متسائلا في هذا الإطار: هل المجتمع الجزائري غير متجانس ويعرف انقسامات طائفية أو صراعات بين أقليات إلى درجة دفعنا لاختيار دستور توافقي؟ وهل تعي السلطة بأن الدستور التوافقي يُنتجُ دولة ذات أقليات متوافقة، ويخلق قوى داخلية متوازنة القوى؟ مبينا أن الدستور التوافقي يلغي وجود المواطن وحقه في المشاركة السياسية، باعتبار أنه يقضي على نظام التمثيل. وفي ذات السياق، دافع عبد المجيد مناصرة، رئيس جبهة التغيير ل”الفجر”، على مصطلح الدستور التوافقي الذي ”يعني أن تقدم المعارضة والسلطة تنازلات لبعضهم البعض”، وقال إنه ”كنا من الأوائل الذي طالبنا به، والجديد فيه أن رئيس الجمهورية في خطابه الأخير استجاب له”، مشددا على ضرورة تحقيق التوافق بين مختلف التيارات والسلطة كشرط يعقبه عرضه على الاستفتاء الشعبي، واشاد بالتجربة التونسية ”فهي ليست فيدرالية لكن الجميع تنازلوا لمصلحة دستور توافقي”. في المقابل، يرى الأفالان على لسان السعيد بوحجة، أن الدستور التوافقي الذي تدعو إليه السلطة، سياسي بالدرجة الأولى، وحضر بناء على الاستشارة التي قادها بن صالح عام 2011، مبينا أنه جاء لتقريب المسائل الخلافية بين التيارات السياسية تحضيرا لمرحلة مغايرة في المستقبل القريب.