يتحدث رئيس حزب جبهة التغيير، عبد المجيد مناصرة، في هذا الحوار عن واقع الساحة السياسية في الجزائر وموقع الحزب من الزخم الهائل من الأحداث المتسارعة، ويفصل في دور المعارضة في التغيير وكيف أصبحت هذه الأخيرة عاجزة عن ذلك، ويشرح بإسهاب مشروع التوافق السياسي الذي تنادي به جبهة التغيير. ويفتح مناصرة ملف الرئاسيات التي يلفها غموض كبير نتيجة ما وصفه بالإستقطاب وتدخل الكومبارس السياسي إلى المشهد العام ومحاولته لعب دور البطولة، وكذا الخلاف الحاصل في أعلى قمم السلطة وعن تجربة الإسلاميين في تونس ومصر والجزائر، كما يتذكر جراحا دفعت إلى انفصاله عن حركة مجتمع السلم.
ما هو تقييمكم لما وصلت إليه الساحة السياسية في الجزائر؟
غياب الرئيس أدخل الكومبارس السياسي إلى المشهد كان يفترض أن يكون هناك نشاط سياسي حثيث ومرحلة مليئة بالحيوية والمنافسة وطرح الأفكار والبرامج، لكن للأسف نحن نعيش حالة غير مسبوقة في تاريخ الجزائر وهي حالة الاحتباس السياسي قبيل الانتخابات الرئاسية بأسابيع قليلة فلا شيء يتحرك ولا شيء واضح مع وجود مؤشرات متناقضة وهي حالة غموض ستتحول إلى فراغ يثير تخوفا من المستقبل لأن الغموض يلف الوضع في أكبر منصب في الدولة إضافة إلى بعض الممارسات والصراعات والتداخلات وصولا إلى المستوى المتدني ويمكن القول أن الغموض الذي أثاره الرئيس والفراغ الذي أحدثه أوجد فراغا قياديا، فالرئيس لا يقود المشهد كما كان في السابق وهذا الفراغ تم ملؤه بتصرفات لا يمكن التعبير عنها سوى أنها "لعب ذراري" في مستوى لا يليق بالجزائر، كما أن الوضع يبعث على الخوف حول مستقبل الشعب والجزائر. نأمل أن لا يستمر هذا الوضع لأننا طالبنا الرئيس تحديد موقفه من الرئاسيات بالترشح أو عدمه لأنه ليس ممنوعا من الكلام على الأقل سيحرر الإنتخابات من الاحتباس لكن استمراره في الصمت والغموض وحالة الفراغ مخيف ويهدد الرئاسيات. ما هو موقع جبهة التغيير من هذا الزخم؟ نحن لسنا معنيين بالترشح لكننا معنيون بالرئاسيات لأننا ننظر للإنتخابات على أنها فرصة للتغيير والتعبير عن إرادة الشعب لإزاحة أي سياسة خاطئة والإنحياز لسياسة مأمولة ومقبولة تحقق مطالب الشعب ونعتبر الانتخابات فرصة للتغيير الحقيقي عن طريق ديمقراطي لأن الوضع لا يقبل المزيد من الاستقطاب الإيديولوجي ومزيد من الصراع، فدعونا إلى التوافق الديمقراطي لأن الاستقطاب والصراع يفيد في إدارة السلطة القائمة ولا يغيرها فالنظام منذ الانتفاضة الثورية في أكتوبر 1988 التي جاء بعدها دستور فيفري 1989 لا يزال نفسه ولم يحصل تحول ديمقراطي حقيقي فهو نظام أحادي لم يتحول إلى نظام ديمقراطي تعددي وهو ما يعرض البلاد إلى الهشاشة وعليه فنحن نحتاج إلى مرحلة توافق ديمقراطي حول مرشح توافقي يعمل على التغيير ويحرص على الإصلاح الدستوري وصياغة دستور بطريقة توافقية وليس دستور الرئيس كما في السابق أو دستور الحزب الحاكم أو الأغلبية، إنما دستور ك الجزائريين وإجراء انتخابات تشريعية ومحلية مسبقة فالمؤسسات التشريعية والمحلية الحالية بلغت درجة من الهشاشة لأنها ثمرة التزوير ولا تقوم بأي دور. هل تبددت المخاوف التي حذرتم منها في السابق أم لا مازالت قائمة؟ لقد ازدادت المخاوف ففي آخر رسالة كتبتها تكلمت أن الرئاسيات في خطر فالانتخابات المقبلة مهددة وكذلك الجزائر، لان الطريقة التي تسير بها الأمور تتميز بالغموض والشطحات السياسية التي تعبر عن قلة مسؤولية وتدني مستوى وغياب المسؤولين الحقيقيين بغياب الرئيس الذي لا يمارس أدواره كما ينبغي فلا يستحي البعض من هذه الشطحات. من يقف وراء هذه الشطحات؟
هناك ساسة مقيدون يمارسون سياسة الإنتظار هواة السياسة وكومبارس السياسة حتى ان شطحاتهم ليست متناغمة ومتوافقة مع النغمة فهي غير منسجمة مع السمفونيات. تتبنون خطابا سياسيا معتدلا نسبيا فأين تصنفون أنفسكم في المعارضة أو الموالاة؟ نحن في المعارضة، لكن ليست المعارضة برفع الصوت واستعمال الكلمات القبيحة أو المعارضة بالمقاطعة، ويبقى الخطاب يختلف من حزب إلى حزب آخر حتى داخل الحزب الواحد من مرحلة إلى أخرى، فالمعارضة الحقيقية قد تساند النظام في أمور إيجابية لكنها ترفض الأمور السلبية وتندد بها وتعين المحسن وتوقف المسيء عن أفعاله عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم "أن تقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت" ونحن حزب معارض لكل سياسات السلطة الخاطئة وندعم ونشارك في كل ما نراه يخدم الجزائر. تعاني المعارضة في الجزائر من عقم مزمن إلى ماذا يعود ذلك، حسب رأيكم؟ يعود أساسا إلى زيف العملية الديمقراطية فلما تكون هذه العملية مزيفة والانتخابات مزورة فالشعب ينسحب ويصبح كل شيء غير صحيح، والعكس حين تكون الانتخابات حقيقية فالشعب يختار من يثق فيه فيدعمه بقوة ويحكم هذا الأخير بقوة الشعب فأي حزب إذا أراد النجاح عليه التوجه إلى الشعب الذي سيمنحه الثقة مع تبني خطاب مقنع للناس وتقديم مرشحين مقبولين وسياسة تستجيب لمطالب الشعب، لكن عندما تكون الانتخابات المزورة ومزيفة تصبح المعارضة عديمة الفعالية. سبب آخر هو أن السلطة ترتكب حماقات لأنها تعتقد أنه عندما تكون المعارضة ضعيفة تكون السلطة قوية وهذا غير صحيح فلا توجد ديمقراطية دون سلطة قوية فالمعارضة القوية هي التي تصنع التوازن مع السلطة القوية و العكس صحيح ومثال ذلك أزمة غرداية رغم أنه مشكل بسيط لكن الحكومة عاجزة عن حله وكذل المعارضة لأن الحكومة تريد احتكار هذه الأعمال فلا تترك غيرها يشتغل عليها أو تضعفه ولا تترك له مصداقية، وحين تعجز السلطة تعجز المعارضة كذلك ومن يدفع هو الدولة لأنها أضعفت المعارضة فأضعفت نفسها. على ذكر الأزمة في غرداية من يقف وراء هذه الأحداث؟
السلطة أحد العوائق في طريق التوافق المشكل حقيقي وليس جديدا حيث كانت تحدث مناوشات من حين لآخر، لكن لم تكن هناك معالجات حقيقية بل سطحية مع سوء إدارة الأزمة من طرف السلطة وهو ما عقد الأمور، مع إمكانية استغلال بعض الأطراف للوضع، غير أن المشكل طبيعي محلي وليس مستوردا بل منبثق من تركيبة المنطقة. لكن لماذا في هذا الظرف بالذات تطفو هذه الأزمة إلى السطح؟ ليست أول مرة تحدث هذه الأزمة ولا يمكن ربطها بأي مرحلة غير أنه يمكن استغلالها فقد حدثت منذ فترة بنفس الحدة وأكثر إلا أن السلطة لم تعالج الأزمة وإنما أجرت ترتيبات معينة لتهدئة الوضع فتثور مرة أخرى لأسباب بسيطة، لكن تعامل السلطة مع المشكل بهذه الطريقة جعلتها تتراكم وتتطور وتعبر بشكل عميق عن عجز الحكومة عن حل المشاكل البسيطة. حاليا بغياب الحكومة لا يمكن حل المشكل في حين أنه كان يحل في السابق بالنظام الإجتماعي للمنطقة عن طريق الأعيان إلا أن الدولة كسرت هؤلاء الأعيان فلم تعد لديهم مصداقية وكلام مسموع لدى الشباب. الدولة عجزت وقامت بتهميش الأعيان ولم تسمح للمؤسسات الحديثة "منظمات، جمعيات، أحزاب" بتنظيم المجتمع فهي تريد احتكار تأطير المجتمع وتبعد كل الأطراف الأخرى، كما ترفض وجود شركاء لها. تفتقد المعارضة إلى الفعالية في الميدان وينحصر نشاط بعض الأحزاب في إصدار بيانات فقط إلى ماذا يعود ذلك؟ يعود إلى تزييف الديمقراطية وغياب الثقافة السياسية فمعظم الأحزاب السياسية ليس لديها تكوين سياسي لمناضليها وبعض الأحزاب تحافظ على الجامعة الصيفية كل سنة هذه الأخيرة كانت تعقد داخل المؤسسات الجامعية، إلا أن وزارة العليم العالي منعت ذلك بقرار حكومي لأن السلطة لا تريد ان تؤدي الأحزاب دورها. نحن في جبهة التغيير فقد نظمنا الصائفة الماضية جامعة صيفية لكنها كانت مكلفة لأن تنظيمها كان في الأماكن السياحية وهو ما يجعل بعض الأحزاب عاجزة عن دفع التكاليف الباهضة، كما أن بعض الأحزاب لا تعقد ندوات ولا تملك مؤسسات تكوين وهو عيب في حين أننا حزب جديد ونعطي الأولوية للتربية والتكوين وننظم ندوات وجامعات صيفية ومؤتمرات وملتقيات فكرية ونعطي أولوية للتكوين بكل أنواعه ونعقد ندوة تربيوة كل 15 يوم وندوة للمناضلين في قضايا مختلفة إضافة إلى ندوة شهرية، لأنه لا توجد في الجزائر مؤسسات تكوين قيادات سياسية إضافة إلى ضيق المجال السياسي واحتكار السلطة لكل المجالات فلا تبقى سوى البيانات التي تصدرها بعض الأحزاب مرة كل ستة أشهر وتعود المسؤولية إلى السلطة التي تخاف من انتشار الوعي السياسي والكفاءات السياسية والنشاط السياسي مع أننا نعمل في اتجاه معاكس للسلطة وهو ما عرضنا للنقد فالانتخابات بالنسبة لنا تعد ثمرة لما قبلها من نشاط. هذا يفسر عجز المعارضة عن تقديم مرشح إجماع للرئاسيات المقبلة؟ هو نتيجة، لأن اللعبة السياسة مغلقة والأحزاب لا تستطيع النجاح بسهولة للوصول إلى التوافق. هل تعتقدون أن السلطة مستعدة للتنازل من أجل تحقيق هذا التوافق؟ السلطة ليست مستعدة لذلك لحد الآن فهي أحد العوائق في طريق التوافق ولا تريد أن يتوافق الناس بعيدا عنها. لقد طرحنا الموضوع على مختلف التيارات السياسية غير أن سلوك السلطة رافض للتوافق ومعيق له فقد تقتنع السلطة بالتوافق في ظروف أخرى .. الظروف الحالية تجعل السلطة هي من تقرر وليست بحاجة إلى التوافق مع الآخرين. أجريتم اتصالات في هذا الشأن؟
المقاطعة جزء من العملية السياسية لا ينبغي استنكارها أوتجريمها أكيد، ووجدنا قبولا لدى الكثير حول الفكرة ووجدنا كذلك تخوفا لدى البعض من عدم إمكانية النجاح لأن هناك ساسة مقيدون يمارسون سياسة الإنتظار والأخطر من ذلك الاستسلام للواقع والانسحاب من الساحة السياسية بحجة أن كل شيء مفبرك ومزور وهذا ما يزيد الساحة السياسة سوءا. لماذا لم تترشحون للرئاسيات؟ لم أترشح لأن قناعتي أن البلاد تحتاج إلى توافق لأنه هو الخيار المفيد للمرحلة الحالية ونتعلم كذلك ثقافة التنازل لبعضنا البعض لقواسم مشتركة للجميع، لأن الديمقراطية لا تصنع بالصراعات والأنانيات. على مسافة قصيرة من موعد 17 أفريل هل تعتقد أن الوقت كاف لتحقيق هذا التوافق؟ نحن نمارس النضال السياسي وبالأمل والعمل فما دام هناك وقت لا يزال الأمل قائما وعندما ينتهي الوقت نقول ضاعت فرصة التوافق فنأمل أن يكون هناك توافق كلي أو جزئي حول ذلك. قلتم في إحدى رسائلكم الأسبوعية إن "الجيش يختار والشعب يقبل" هل تتوقعون أن تتغير المعادلة إلى "الشعب يختار والجيش يقبل"؟ نحن نعمل أن يكون الشعب هو السيد وصميم توافق الأطراف السياسية هو أن الشعب من يختار والأطراف الأخرى تقبل هذا الخيار لأن فيه ضمانات، لكن لحد الآن تطورت الساحة في اتجاه آخر وهو أن النظام من يختار. لماذا تبقي السلطة على حالة "السوسبانس" على بعد أمتار قليلة من خط الوصول إلى موعد 17 أفريل؟ من عادة النظام التسيير بالغموض، لكن الآن تجاوز المقبول والمعقول والتقليدي، لأن في انتخابات سابقة كان مرشح النظام معروف، أما من صنع هذه الحالة المقلقة حاليا هو مرض الرئيس وهو ما منعه من حسم مسألة ترشحه للرئاسيات، فأنا مقتنع أنه لم يحسم ترشحه بعد، إلا أن أطرافا من محيط الرئيس تريد ترشيحه مع أننا لم يصلنا منه شخصيا أي توجه. صرحتم بأن أحزابا وشخصيات تمارس النفاق السياسي، أليس من حقها أن تدافع عن مصالحها مع من تراه مناسبا لتوجهاتها؟
من عادة النظام التسيير بالغموض وبوتفليقة لم يحسم ترشحه بعد ليس من طبعي اتهام أشخاص معينين بالنفاق، أتكلم عن ظاهرة النفاق السياسي وهي موجودة بصورة مقلقة وكيفية تعامل الشعب مع هذا النفاق، أنا لا يعنيني فلان أو فلان إنما الظاهرة، غير أنه من حق كل شخص ترشيح الرئيس الحالي ليس فقط لعهدة رابعة بل لعاشرة إذا أراد لكن بشرط أن يكون وفق قناعة وليس بالنفاق، فأنا أحترم القناعات وأكره النفاق. هذه القناعات تحولت إلى تحركات ميدانية ودعوات وخطابات تنادي بعهدة رابعة؟ لما نجد تعابير سياسية تقول بأن الرئيس ليس مريضا فيما يفيد بيان الرئاسة بتنقل الرئيس إلى المستشفى، وهناك من يقول بأن عقل الرئيس صحيح أكثر من عقولنا، وآخر يقول بأن الرئيس يسير البلاد بدماغه وليس برجليه فهل هناك نفاق أكثر من هذا. النفاق أن تنسب كل شيء جميل لشخص الرئيس وكل شيء ليس جميلا ينسب إلى الشعب أو المسؤولين البسطاء، كذلك النفاق الذي يحول الرئيس إلى مقدس ورجل لا يخطئ، إضافة إلى النفاق الذي يقرن المعارضة بالخيانة وتهديد الأمن العام وهو نفاق أخو الاستبداد فكلما طغى الإستبداد رافقه النفاق. هناك أطراف تتكلم باسم الرئيس هل لديهم تفويض منه؟ لا أريد الرد عليهم حتى لا أكون متحيزا للرئيس، فالرئيس هو المنتخب وليس الوكلاء وإذا كلفهم وأخطأوا هو من يصوب ويصحح لما يكون الأمر باسمه فأنا ليس لدي علم إن كانوا مفوضين أو لا، لكن الرئيس ليس ممنوعا من الكلام مع الشعب فهذا الأخير يحتاج إلى أن يتكلم معه الرئيس الذي انتخبه ولا يحتاج إلى وسطاء أو وكلاء. ما هو تعليقكم على خرجة الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني وإقحام نفسه في صراع أو خلاف في أعلى هرم السلطة؟
مشروع الوحدة قائم وتواجهه عقبات وصعوابات .. وجروح الخلاف مع حمس تحتاج إلى وقت لتلتئم انا أحترم أي سياسي في موقفه وتصريحاته لكن الملاحظ أنه تصريح غير مألوف، وما أستغربه أن يأتي من أمين عام حزب حاكم لأنه كان من المفروض أن يأتي (التصريح) من المعارضة وليس من السلطة فهذه الأخيرة تنفذ وتتخذ قرارات ولا تصرخ في الإعلام، فهو (سعداني) أمين عام حزب حاكم منذ 1962 ويقول دائما بأن رئيس الجمهورية هو رئيس الحزب "لماذا يكسر لنا رؤوسنا بهذا الكلام" فالمفروض أن ينفذ وليس مجرد كلام. ومن حيث التفسير دلالاته ليست جيدة وأن هناك خلاف وليس صراع حول بعض الأمور في تسيير الدولة والرئاسيات ودخول "كومبارس" سياسي في أدوار بطولية بسبب غياب الرئيس عن المشهد فالفراغ سمح بدخول هذا الكومبارس، وهي أمور غير مألوفة في النظام ما جعل الناس يتخوفون من الخلاف في هذا المستوى من الدولة ويؤدي بهم إلى النظر باهتمام لمستقبل الجزائر لأن هذه الشطحات غير مقبولة. ألا ترى أن طفو هذا الخلاف إلى السطح ظاهرة صحية تؤسس لمرحلة جديدة يمكن فيها معرفة ماذا يحدث في دواليب السلطة؟ الرئيس غائب عن قيادة المشهد السياسي فدخل الكومبارس السياسي، والحقيقة أنه لا يوجد صراع حقيقي بين الجيش والرئاسة إنما خلاف بين أشخاص فقط. أنا كنت أعيب على المخابرات أداء بعض الأدوار فكنافي حركة مجتمع السلم أول من طرح فكرة تمدين النظام السياسي في عهد الراحل محفوظ نحناح، لكننا نتساءل لماذا يتم قبول إقحام المخابرات في تحديد قوائم المترشحين ودورها مع الجيش في تزوير الإنتخابات، فلماذا لم يتم إنكار مثل هذه الأشياء؟ أعتقد أن الأمر يتعلق بصراع مصالح ولا يعبر عن قناعات. متى ينتهي تأثير المخابرات على القضاء والإدارة مثلما ذكرتم في تصريح سابق؟ عندما يتغير النظام وتتغير التوازنات ويصبح تعددي حقيقي فهو لا يزال أحاديا ولا يسمح بالتغيير ويرتبط بالشرعية الثورية التاريخية فلما نصل إلى نظام ديمقراطي تعددي يكون للجيش دور أساسي وفقا للدستور (حماية الوحدة الترابية للبلاد) بعيدا عن السياسة ووجود قضاء مستقل لأنه لا توجد سلطة تشريعية وقضائية إنما سلطة تنفيذية متغولة. هل تتوقعون تمدين النظام بعد الرئاسيات المقبلة؟ لا على الإطلاق، دعونا إلى ذلك في السابق لكن لم يحصل بعد خمس سنوات، فهناك طرق أخرى للتغيير لكننا لا نريدها بل نفضل الطريق الديمقراطي أما أن يغير النظام نفسه بنفسه فهو أمر غير منتظر. هل تعتقد أن الرئيس بوتفليقة سيترشح لعهدة رابعة؟ حسب تحليلي الرئيس أذكى من أن يتورط في الترشح لعهدة رابعة بالنظر إلى وضعه الصحي الذي يعيشه فهو أكثر واحد يستطيع تقييم الحالة أكثر من الآخرين، وأعتقد أن رصيده السياسي وذكاؤه وحبه للجزائر سيمنعه من الترشح لعهدة رابعة، لكن الحالة العامة تشير إلى أن الرئيس مترشح إلى أن يثبت العكس. قلتم إن إصلاحات الرئيس بحاجة إلى إصلاحات، هل ما زلتم تعتقدون بذلك؟ طبعا، إصلاحات الرئيس خاطئة وكانت لذر الرماد في العيون ومحاولة لتبريد الأجواء والإنحناء لرياح الثورات فلم يكن في صدق وقناعات ولم تكن إصلاحات حقيقية وتم الالتفاف عليها والوضع الخالي هو ثمرة الإصلاحات الفاشلة. في رأيكم لماذا أعرضت السلطة عن تعديل الدستور؟ تعديل الدستور خصصت له لجنتين (لجنة بن صالح واللجنة الخماسية) ولا يزال المثل الجزائري قائما "إذا أردت قبر موضوع خصص له لجنة" إذا تعديل الدستور خصصت له لجنتين فقد قبر مرتين، فكان الأحرى إصلاح الدستور أولا ثم باقي القوانين. هل أنتم مع تعديله ؟ نحن مع تعديل الدستور وكنت أول من طالب بتعديله بعد الانتخابات لأنه تعديل خادم للظرف وأفضل كلمة تعديل إصلاحي.
هل هناك تأثير فرنسي أمريكي حول الرئاسيات؟
تدخل العسكر والإرهاب يفسدان اللعبة السياسية هناك تأثير والجميع يعلم ذلك لأن هناك مسؤولون سياسيون موالون لفرنسا ويشعرون بالإنتماء لها، لكن فرنسا ليست من تقرر من سيكون الرئيس في الجزائر. وقد دخلت أمريكا على الخط بالنظر إلى الظروف المحيطة بنا مثل الإرهاب و الوضع في الساحل مما جلب اهتمام هذه الدول وجعلها تقترب وتحاول التأثير فالمعطيات المتوفرة انه لا أحد يجزم من سيكون الرئيس لكن صحيح إذا ترشح بوتفليقة سيكون هو الرئيس وهو لحد الآن لم يترشح. إلى متى يبقى الحديث عن أسطوانة التزوير؟ عندا يتغير النظام لأن النظام الحالي يعيش ويتغذى بالتزوير وقائم به ولا يستطيع أن يقوم على أساس ديمقراطي. أنتم تطعنون في نزاهة الاستحقاقات الإنتخابية الماضية؟ كل الانتخابات كانت مزورة ويتغير فقط المستفيد من التزوير، فالتزوير ثابت ويكون أحيانا كبيرا أو لصالح أحزاب معينة و مفضوح أو مبطن ذكي في أحيان أخرى. يعني هذا أن الضمانات التي تقدم حاليا غير مجدية؟ هي غير مجدية، لكن لا يعني هذا أننا سننسحب إنما سنقاوم التزوير. ألا تعتقدون أن السلطة بفتح باب الترشيحات لعدد هائل من الأشخاص تعمل على تمييع الرئاسيات والعمل السياسي؟ أكيد، خصوصا وأنها فرحة (السلطة) بالإعلان عن عدد المترشحين وكأننا في بورصة لكن هناك مغالطة فليس كل من سحب الاستمارات مترشح للرئاسيات، إضافة إلى أن الإعلام "المحترم" يجري حوارات مع هؤلاء ويستهزئ بهم فحتى الإعلام شارك في تمييع الرئاسيات عندما يختار المترشحين "الغريبين" ويحاورهم بطريقة ساخرة لجلب القراء. هل أنتم مع مادة دستورية لتحديد السن الأقصى للترشح للرئاسيات مع العلم أن أغلب المترشحين المعروفين يبلغون أو يتجاوزون السبعين من العمر؟ يا ليت يتم اعتماد مادة في الدستور تحدد العمر الأقصى للمترشحين لأن ذلك يعمل على التجديد وتغيير الجيل الحاكم وتكريس التغيير، لكن لا أعتقد أن يجد هذا الشرط قبولا لدى النظام. أين وصل مشروع الوحدة مع حركة حمس؟ وما هي العوائق التي تواجهه؟
النفاق، المصلحة، العائلة، الجهوية معايير تعيين المسؤولين مشروع الوحدة قائم وهو مشروع وحدة بين إخوة و ليس وحدة بين فرقاء وقع بينهم خلاف فلم تطل المدة كثيرا وتوفرت قناعات لدى قياديين ومناضلين من أجل الوحدة. لكن الوحدة التي تأتي بعد خلاف وانقسام خلف جروح تحتاج إلى وقت لمعالجتها وتبنى على أسس سليمة ونفوس متراضية ومتآلفة، وكأي عمل نبيل هناك عقبات وصعوبات لكننا نتحملها ونصبر عليها. هل هناك اتصالات حاليا مع قيادات حمس؟ نعم هناك اتصالات حالية مع قيادات حركة مجتمع السلم. ما هو موقع الإسلاميين في الجزائر من التجربة المصرية الفاشلة والتجربة التونسية الناجحة؟ إسلاميو الجزائر كانوا اسبق من تونس ومصر إنما وقعت انتكاسة للتجربة الجزائرية بتزييف الديمقراطية وإفراغها من محتواها مما جعل التجربة الجزائرية لا تتطور إنما وصلت إلى سقف وتوقفت ففي التجربة المصرية تم الإنقلاب عليها سريعا وهو ما سيؤثر على مصر لفترة طويلة، أما في تونس فالتجربة جيدة وهي دليل على أنه عندما يترك السياسيون لوحدهم في حرية وحوار سيتفقون ويتم التنازل وإيثار المصلحة العامة فتم التوافق حول دستور جديد. هذا يعني أن تدخل العسكر يفسد اللعبة السياسية في كل مرة؟ بالطبع، تدخل العسكر والإرهاب يفسد اللعبة السياسية، كذلك الحرص على الخلاف خاصة في مرحلة ما بعد الثورة فيجب التوافق بين الجميع للتغلب على الاستبداد لبناء الديمقراطية أولا وهو ما ينبغي للإسلاميين فهمه فالأولوية لبناء ديمقراطية حقيقية غير قابلة للانقلاب والتراجع والهدم والتزوير عندها سينجح الإسلاميون. ما تعليقكم على قرار حركة مجتمع السلم مقاطعة الرئاسيات؟ أعتقد أن قيادات حركة حمس سيستمرون في ممارسة أدوارهم السياسية فكل حزب حر في قراراته وهو قرار محترم ومن صميم العمل السياسي. أنا لا أحبذ المقاطعة لكن ليست عملا مستنكرا وقد يلجأ إليه الحزب المقاطع عندما تنعدم الوسائل الأخرى ويبقى قرارا استثنائيا غير أن منع المقاطع من التعبير عن رأيه وخياره وغريب في الجزائر عدم السماح للمقاطع بالنشاط. تقصدون قرار وزارة الداخلية بمنع نشاط المقاطعين في الأماكن المخصصة للحملة الانتخابية؟
ظاهرة النفاق السياسي موجودة بصورة مقلقة.. والنفاق أن تنسب كل شيء جميل لشخص الرئيس نعم وزارة الداخلية ولجنة الإشراف على الانتخابات التي ساندت القرار، فالمقاطعة جزء من العملية السياسية الانتخابية لا ينبغي استنكارها وتجريمها بل يجب احترامها كموقف سياسي حر. متى نرى في الجزائر وزيرا أو مسؤولا فاشلا أو فاسدا يستقيل؟ الفاسد لا يستقيل لكن الأهم في ذلك من يتحمل مسؤولية الفساد والفشل في بعض القطاعات لأن التعيين يكون على أساس الكفاءة بل لحسابات أخرى فهؤلاء لا تهمهم الفضائح. ما هي معايير تعيين المسؤولين؟ النفاق، المصلحة، العائلة، الجهوية كلها موجودة في تعيين المسؤولين وليس على أسس ديمقراطية ولا ننتظر أن يتحملون مسؤوليتهم في مجال من المجالات إلا أن هناك مسؤولين صالحين ولا تخلو الحكومة من هؤلاء. كلمة أخيرة أوجه كلمة لموقع "الشروق أون لاين" وطاقمه تشجيعا وشكرا لكم على المسار النوعي في الإعلام الإلكتروني تماشيا مع الأدوات العصرية للإعلام الحديث للوصول إلى قطاع أوسع من القراء في الداخل والخارج نظرا للحرية الأكبر المتوفرة والآنية والتجديد بخلاف النسخة الورقية التي تخضع لحجم المواضيع أدعو للعاملين به بالتوفيق والنجاح.