كنت في القاهرة هذه الأيام، وشاهدت مجريات مشاهد من القاهرةوالجيزة تتصل بانتخابات الرئاسة المصرية، بين المرشح الكاسح عبد الفتاح السيسي، والمنافس المكافح حمدين صباحي. ذهبت برفقة صديق مصري إلى لجنته الانتخابية في الجيزة، وشاهدت العوائل والسيدات وكبار السن وهم يتدفقون إلى تلك اللجنة، في ذلك الحي الشعبي العريق جنوبالجيزة. مع حضور أمني متحفز. خارج اللجان كانت أغنية ”بشرة خير” للجسمي تصدح بإيقاعها الراقص، والأعلام وصور السيسي هي المسيطرة على مداخل المحلات التجارية ونوافذ السيارات وقوارب النزهة السياحية. لم يكن ثمة حضور للمرشح الناصري اليساري حمدين صباحي، للعين المجردة، دعنا من لغة الأرقام، إلا ما ندر. واضح بالنسبة لي، من حيث الانطباع، أنه كان هناك احتفالية مسبقة من المصريين برئيسهم المقبل عبد الفتاح السيسي، العملية مسألة وقت. لذا استغربت خلال اليومين الماضيين من لغة الشماتة والتقليل من إقبال المصريين على التصويت للرجل الذي يرونه منقذهم بهذه المرحلة، فهل كنت أمشي في شوارع غير التي يتحدثون عنها؟! الفيصل في إقبال وعدم إقبال المصريين على الانتخابات هو الأرقام، وليس مجرد لقطة تلفزيونية أو تعليق ناشط تويتري يقول إن هذه اللجنة أو تلك فارغة، رغم أن عدد اللجان الانتخابية زاد هذه المرة نحو 30 في المائة، فطبيعي أن تتكسر الكتل البشرية. يشارك هذه الموجة بعض المنابر الإعلامية، بغفلة عمن يريد تكريس الإحباط، خلال أيام الإدلاء بالصوت، لبعث رسالة سلبية ضد وصول السيسي، وشرعية خارطة الطريق كلها. السيسي فاز باكتساح، وهذه لغة الأرقام ”الأولية” تقول: عبد الفتاح السيسي: 24.143.447 صوت بنسبة 96.6 في المائة. حمدين صباحي: 844.915 صوت بنسبة 3.4 في المائة. ووفقا لقرار ”اللجنة العليا للانتخابات” فإن 25 مليون ناخب مصري أدلوا بأصواتهم في يومين وفق مؤشرات التصويت الأولية. النسبة تخطت نسبة تصويت أغلب الاستحقاقات الانتخابية الماضية منذ 25 يناير (كانون الثاني) 2011. ولا يقاربها في العدد إلا جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية بين مرشح الإخوان محمد مرسي ومنافسه أحمد شفيق، مرشح ”الفلول” كما سماه الإعلام ”الثورجي” والإخواني حينها. أيضا، وفي وقت سالف، فإنه حسب اللجنة العليا للانتخابات عن الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي أجريت يومي 23 و24 مايو (أيار) 2012، حصل مرشح الإخوان محمد مرسي على 5 ملايين و764 ألفا و952 صوتا وحصل منافسه أحمد شفيق على 5 ملايين 505 آلاف و327 صوتا. بالمقارنة مع الشرعية ”العددية” ل”الإخوان”، فالصورة ليست كما يروج الإخوان. السيسي حاز في هذه الانتخابات أكثر من 24 مليون صوت، بينما مرسي في سباقه مع شفيق، جولة الإعادة، حاز أكثر من 13 مليون صوت. الانتخابات هذه المرة تختلف عن جولة مرسي – شفيق، فالإخوان وأشياعهم قرروا إفشال العملية، لذلك غابوا ومثلهم الشباب الثوري لكن السيسي اصطفى بقية المصريين. الرجل راهن على المصريين وكسب.. بقي أن ينزل من منصة الأحلام لأرض الواقع.. وسائر المصريين..