قائد "الأفريكوم" يشيد بالروابط العميقة بين الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية    الأمم المتحدة : السيد عطاف يتحادث بنيويورك مع الأمين العام لجامعة الدول العربية    ربيقة يشارك الأطفال الفلسطينيين فرحتهم بوقف إطلاق النار بغزة    ديون الجزائر لدى المستشفيات الفرنسية.. حملة اعلامية جديدة تسوق البهتان    تقرير جديد يسلط الضوء على استمرار الاحتلال المغربي في ارتكاب الجرائم الممنهجة بالصحراء الغربية    بنك التنمية المحلية يطلق عملية الاكتتاب لاقتناء الأسهم بشرق البلاد انطلاقا من عنابة    الرئيس تبون يشكر مصالح الأمن وإطارات وزارة الدفاع الوطني..الجزائر تسلم الرعية الإسباني المحرر إلى سلطات بلاده    رئيس الجمهورية يستقبل قائد "أفريكوم"    ندوة تاريخية حول دور فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا في الثورة التحريرية    العاب القوى/ البطولة الافريقية 2025 لأقل من 18 و20 سنة : لجنة الكونفدرالية الإفريقية "مرتاحة جدا" لتقدم التحضيرات    الكرة الطائرة/البطولة الوطنية: تغييرات في صيغة المنافسة ابتداء من موسم 2025-2026 /الاتحادية/    ضرورة مساهمة عمال قطاع الطاقة في إنجاح المشاريع الإستراتيجية للدولة    إصلاحات قطاعي في اجتماع الحكومة برئاسة الوزير الأول    المجلس الشعبي الوطني: الفوج المكلف بإثراء مشروع القانون المتعلق بالجمعيات يستمع لممثلي المجتمع المدني    بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية, مزيان يستقبل بماسيرو من قبل الوزير الأول لمملكة ليسوتو    المدير العام للحماية المدنية يقوم بزيارة عمل وتفقد إلى ولاية المغير    دخول 30 حافلة جديدة محلية الصنع حيز الخدمة تدريجيا    فلاحة: مزارعو الحبوب مدعوون للقيام بالتعشيب الكيميائي لحماية المحاصيل    مشروع قصر المعارض الجديد: سيفي يقف على سير الأشغال    الأمم المتحدة تبدي قلقها حول العملية العسكرية التي تقوم بها قوات الاحتلال الصهيوني في جنين    التلفزيون الجزائري يكشف عن شبكته البرامجية لرمضان 2025    كرة القدم: الجزائريون يهيمنون على التشكيلة المثالية لدور المجموعات    انطلاق الطبعة 20 للمسابقة الدولية لجائزة الجزائر لحفظ القرآن وتجويده    المشاركون في جلسات السينما يطالبون بإنشاء نظام تمويل مستدام    عرقاب يشارك في الاجتماع الخاص بمشروع ممر الهيدروجين الجنوبي    تحرير الرعية الاسباني المختطف: رئيس الجمهورية يقدم تشكراته للمصالح الأمنية وإطارات وزارة الدفاع الوطني    915 فضاء للبيع من المنتج للمستهلك في رمضان    استفزازات متبادلة وفينيسيوس يدخل على الخط    حاج موسى: أحلم باللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز    لباح أو بصول لخلافة بن سنوسي    هذا موعد قرعة كأس إفريقيا    تحويل ريش الدجاج إلى أسمدة عضوية    الجزائر ستكون مركزا إقليميا لإنتاج الهيدروجين الأخضر    61 ألفا ما بين شهيد ومفقود خلال 470 يوم    برنامج خاص لمحو آثار العشرية السوداء    9900 عملية إصلاح للتسرّبات بشبكة المياه    وزيرة الدولة الفلسطينية تشكر الجزائر نظير جهودها من أجل نصرة القضية    غوتيريش يشكر الجزائر    وحشية الصهاينة.. من غزّة إلى الضفّة    القلوب تشتاق إلى مكة.. فكيف يكون الوصول إليها؟    "فتح 476 منصب توظيف في قطاع البريد ودعم التحول الرقمي عبر مراكز المهارات"    دور محوري للجزائر بإفريقيا    السينما الجزائرية على أعتاب مرحلة جديدة    "كاماتشو".. ضعيف البنية كبير الهامة    "زيغومار".. "فوسطا".."كلاكو" حلويات من الزمن الجميل    حدائق عمومية "ممنوع" عن العائلة دخولُها    تاريخ العلوم مسارٌ من التفكير وطرح الأسئلة    36 ألف طفل في مدارس ذوي الهمم    من 18 إلى 20 فيفري المقبل.. المسابقة الوطنية سيفاكس للقوال والحكواتي    وفد برلماني يتفقد معالم ثقافية وسياحية بتيميمون        الجوية الجزائرية: على المسافرين نحو السعودية تقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بدءا من ال10 فيفري    الجوية الجزائرية: المسافرون نحو السعودية ملزمون بتقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بداية من 10 فبراير    وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ    رقمنة 90 % من ملفات المرضى    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تكفيريون وديمقراطيون!
نشر في الفجر يوم 06 - 06 - 2014

يشكِّل الإسلام والمسلمون الشغل الشاغل لمفكري الغرب وقادته السياسيين حاليا. هذا ما لمسته لمس اليد أثناء تجوالي في العديد من المكتبات الفرنسية مؤخرا. فالكتب الصادرة عنا في الآونة الأخيرة لا تُحصى ولا تُعد، فيها الغث وفيها السمين. من بين المشغولين بنا وقضايانا نذكر الكاتب الفرنسي فيليب ديريبارن، وهو عالم اجتماع وكان أحد كبار التكنوقراط في عهد الرئيس الأسبق جورج بومبيدو، كما أنه باحث في المركز القومي للبحوث العلمية الفرنسية، وهو من مواليد الدار البيضاء في المغرب عام 1937، وبالتالي فالعالم العربي أو الإسلامي ليس غريبا عليه. وقد لفت الأنظار مؤخرا بكتابه الذي اتخذ العنوان التالي ”الإسلام أمام الديمقراطية”. نلاحظ منذ البداية أنه يضع نفسه تحت سقف المرجعية المعرفية لكبار مفكري الإسلام في فرنسا من أمثال جاك بيرك ومحمد أركون وسواهما.
يرى هذا الباحث أن هناك عراقيل معينة تحول دون انغراس الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية، وهو يتساءل: لماذا في كل مرة تخيب آمالنا بقيام الديمقراطية في بلد إسلامي ما؟ لماذا نجد أن تعددية الآراء، واحترام رأي الأقلية، والفكر الحر، هي أشياء ممنوعة تقريبا في معظم البلدان الإسلامية؟ يضاف إلى ذلك أننا لا نزال ننتظر بفارغ الصبر استهلال عهد الحرية الفكرية في أرض الإسلام في كل المجالات بما فيها المجال الديني. في رأيه لا يمكن تفسير ذلك بواسطة العوامل الاقتصادية والاجتماعية وحدها، وإن كان الفقر المدقع يلعب دوره السلبي ولا يشجع على ترسخ الديمقراطية. من ضاق عيشه ضاق فكره! وبالتالي فينبغي أن نذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، إلى ما هو أعمق. بمعنى آخر، فإن السبب يكمن في العقلية ذاتها. فالعالم العربي أو الإسلامي عموما مبهور باليقينات المطلقة ومتشبث بها أكثر من سواه في رأي الباحث. إنه لا يعرف معنى الشك والارتياب والبحث المتعثر والمضني عن الحقيقة، وهي أشياء لا معنى للديمقراطية من دونها. إنه أيضا مهووس بتحقيق الإجماع الكامل الذي لا ينفك يهرب من بين أصابعه. وذلك لأنه يخشى الانقسام التعددي إلى أقصى حد ممكن. ينبغي أن يكون الجميع على نفس الرأي وإلا فالطامة الكبرى! فالنصوص التراثية المرجعية تتحدث عن البراهين القطعية التي ينبغي على الجميع الخضوع لها دون نقاش، إنها تنكر الشك والمناقشة الخلافية الباحثة عن الحقيقة من خلال الحوار والصراع الفكري المفتوح والمبدع. ومعلوم أنه لا معنى للديمقراطية دون حوار واحتدام النقاش بين وجهات النظر المختلفة. ما معنى ديمقراطية بلا نقاش؟ وبالتالي فالمناقشات الحامية التي كانت تدور في الساحات العامة للمدن اليونانية والتي أدت إلى ظهور الديمقراطية لأول مرة معدومة تقريبا في البلدان الإسلامية. ومعلوم أن النقاش أقفل في العالم الإسلامي بعد إغلاق باب الاجتهاد قبل ألف سنة تقريبا. ولم يعد هناك من داع للارتياب أو الشك أو البحث القلق عن الحقيقة. لماذا تبحثون إذا كانت جميع الحقائق قد اكتشفت من قبل الأوائل ولا زائد لمستزيد؟
في مثل هذا الجو يرى الباحث الفرنسي أن مفهوم الديمقراطية يُلغى من أساسه. الديمقراطية ليست فقط صناديق اقتراع! وإلا لأصبح دعاة الفتنة مثلا أكثر ديمقراطية من جان جاك روسو! ينتج عن ذلك أنه لا معنى للديمقراطية من دون جو فكري يسمح بالنقاش الحر والاعتراض وتعددية وجهات النظر المختلفة حول ليس فقط المسائل السياسية، وإنما أيضا الدينية. فالدين حمّال أوجه.
نستنتج من كلام الباحث الفرنسي أن انغراس الديمقراطية في العالم العربي والإسلامي كله مرتبط بالجواب على السؤال التالي: هل سينجح التجديد الديني هناك أم لا؟ ما دامت التفسيرات الانغلاقية المتشددة لحركات الإسلام السياسي هي المسيطرة والسائدة فلا معنى للديمقراطية في أي بلد عربي أو إسلامي. الديمقراطية ثقافة متكاملة: أي ثقافة فلسفية علمانية ذات خلفية دينية يتسع صدرها للجميع دون أي تمييز طائفي أو عنصري، حيث يتوافر ذلك نقول إن الدولة المدنية الحديثة حلت محل الدولة الثيوقراطية القديمة. من هنا الطابع السريالي العجيب ل”الديمقراطيات العربية” التي ظهرت بعد الانتفاضات الأخيرة. تصوروا الوضع: ربيع عربي أو ثورات عارمة تنتهي بحكم الإخوان المسلمين! هذه ثورات معكوسة. حتى المفاهيم أصيبت في صميمها أو انعكست في مدلولها. كنا نعتقد أن الثورة تقذف بنا إلى الأمام فإذا بها تعود بنا إلى الخلف. ويمشي إلى الوراء الوراء.. فلا همّ لهم إلا التراجع عن منجزات عصر النهضة بشكل تدريجي ومن تحت لتحت تقريبا، لكن مصر الحضارية، مصر العظيمة، كانت لهم بالمرصاد تماما كما في عهد محمد علي الكبير، فأسقط في يدهم. ولهذا السبب حصلت الانتفاضة الثانية على حكم الإخوان في كل من مصر وتونس، والآن في ليبيا القادمة إن شاء الله.
عندما أرى الإخوان و”مثقفيهم” يتباكون على الديمقراطية أكاد أخرج عن طوري! متى كانت الديمقراطية أو الشفافية أو التناوب على الحكم من أولوياتهم؟ متى كانت فتوحات الحداثة وكنوزها تعني لهم شيئا؟ أصلا جان جاك روسو، مخترع الفكرة الديمقراطية، أمر باستبعاد أي جماعة سياسية تستخدم الدين كمطية للوصول إلى السلطة والتشبث بها. وكان يقصد بذلك حزب ”الإخوان المسيحيين” الكاثوليكيين الذين ما كانوا يقلون جبروتا وإرهابا للعقول عن الإخوان المسلمين اليوم.. لماذا استبعدهم من الساحة السياسية؟ لأنهم يكفرون كل من لا ينتمي إلى مذهبهم أو طائفتهم مدعين احتكار ”الدين الصحيح” أو الحقيقة الإلهية المطلقة. وبالتالي فهم تكفيريون وديمقراطيون في آن معا! وهذا من عجائب الأمور التي لا تدهش أحدا عندنا على ما يبدو. وبالتالي فلا يمكن أن تتحقق الديمقراطية في العالم العربي ما لم تتراجع هذه الآيديولوجيا الانغلاقية الشمولية التي اختطفت الإسلام في غفلة من الزمن وشوهت صورتنا وعقيدتنا في شتى أنحاء العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.