قال رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، "إن الصراع الأساسي بين الحركات الإسلامية في الداخل هو مع العسكر أساسا"، مضيفا:«جميع الأنظمة اقتنعت أن تطبيق الديمقراطية على حقيقتها في المنطقة العربية سيفرز حتما انتصارا للاسلاميين"، ولهذا حسب مقري تراجع الغرب عن دعم الديمقراطية في العالم العربي، ويعمل بسياسة المكيالين فيغض الطرف عن السعودية الأظلم للمرأة والحريات ويبتز دولا أخرى"، موضحا أن الطرف الإسلامي سيظل الأساسي والمحوري في مشاريع الحكم بالجزائر وغير الجزائر من الدول العربية. وقف عبد الرزاق مقري الند للند مع دعاة "فصل الدين عن الدولة" في نقاش سياسي ساخن، لدى نزوله الخميس، ضيفا على فضاء "بلاصتي" الذي أصبح تقليدا سنويا جعلته "الجزائر نيوز" مناسبة يجلس فيها الفرقاء السياسيون على طاولة واحدة لتعزيز محاولات التقارب من أجل ترسيخ ثقافة الحوار بين مختلف الحساسيات النخبوية. بدأ رئيس حركة مجتمع السلم نقاشه عن الحراك الحاصل عربيا ووجود الحركات الاسلامية بقلبه، وعلى رأسهم الإخوان، بقوله إن ما يحدث في الشرق الأوسط بمفهومه الغربي الذي يمتد إلى غاية شمال إفريقيا "إنما هو اهتمام أمريكي مرده اعتقاد هذه الدولة أنها ستخسر موطئ قدم بالمنطقة العربية في إطار المشروع الصهيوأمريكي، بينما الخطر الذي يهدد الولاياتالمتحدةالأمريكية هو الصين". وربط عبد الرزاق مقري الصراع الصيني - الأمريكي بصراع مشاريع "فكل المشاريع المتصارعة في مناطق العالم تقف من ورائها دول إلا المشروع الإسلامي فهو لذاته، وبالتالي يُنظر إليه من قبل المشاريع المتصارعة الأخرى بأنه مصدر خطر غير متحكم فيه، وهذا ما يُقلق إسرائل على وجه الخصوص والتحديد". واعتبر عبد الرزاق مقري أن "ما يعيق الحركات الإسلامية عموما داخل دولها، ويحول بينها وبين الوصول للحكم هو العسكر بعيدا عن العناصر الأخرى"، مسترسلا "إن الحركات الاسلامية أضحت اليوم تجمع تجربة قاربت مدتها 90 سنة في السياسة، ولقد تجذرت في المشهد السياسي وتحولت إلى ظاهرة". وحاول مقري أن يُفهم القاعة أنه "من الطبيعي أن تتحول هذه الظاهرة الاجتماعية على مر الزمن إلى مشروع حكم ومنافسة سياسية، إلا أن الحركة الاسلامية منعت حق الوصول إلى السلطة لتعرض نتائج الانتخابات للتزوير". وقال مقري إن الحركة الإسلامية جرّبت كل الوسائل قبل الثورات العربية، بما فيها الانتخاب والعنف، لكنها لم تعد قادرة على الوصول إلى الحكم ومع ذلك الظلم الذي طالها لا تزال متمسكة بالسلم. واعتبر عبد الرزاق مقري أن الأدوار التي يلعبها الغرب حاليا في المنطقة العربية هو "في الواقع دور النفاق كوسيط مع الأنظمة الفاسدة، فما النظام الأظلم للمرأة عربيا؟ أليست السعودية التي تمنع المرأة من السياقة؟ فلماذا لا يزعج الولاياتالمتحدةالأمريكية ما يحدث في السعودية؟!". وأضاف مقري "أن السعودية تقوم بدعم تيارات سلفية لتقضي على الإخوان الذين تعلموا كثيرا من تجربتهم واعتدلوا، وعندما تسمح أول الفرص للسلفيين المدعمين من السعودية يُنشؤوا أحزابهم". واعتبر مقري أن الخطر الداهم الذي ينبغي الاحتراز منه:«هو الفرار العربي للغرب.. فهو خطر استراتيجي يهدف لإفراغ الأمة من مقدراتها الرمادية". وأوضح منشط الندوة في سياق متصل أن الغرب "أيقن أن الديمقراطية تخدم الاسلاميين وتوصلهم إلى الحكم فتراجع عن دعمها في المنطقة العربية". واعتبر مقري أنه ليس غريبا استهداف مصر بإشاعة الفوضى فيها "لأنها قلب الأمة العربية"، موضحا أن ما يسميه البعض ثورات أوانتفاضات "هي في الواقع مسار ثوري لأن الثورات لها قيادات ونتائجها تحسم الصراع وتلغي النظام السائد قبلها وهو ما لم يحدث عربيا". وعلى ضوء هذه المعطيات اعتبر مقري أن المكسب الكبير لمسار الثورات العربية هو تحقيق الحرية التي وصلت لنقطة اللارجوع، وهذا أكبر من وصول الإسلاميين للحكم، فالحرية هي اليد الخفية التي ستصون الأوطان العربية وتصلحها". ودائما في سياق "النفاق الغربي"، مثلما أطلق عليه، قال مقري إن توني بلير في بريطانيا خرج على مواطنيه عقب الإضطرابات التي سادت الشارع على خلفية الزج ببريطانيا في حرب وهمية ضد أسلحة الدمار الشامل بالعراق، ليقول لهم "إذا لم يعجبكم توجهي ما عليكم سوى إزاحتي بصندوق الانتخاب عند انتهاء عهدتي"، فلماذا لا يدعم الغرب هذا التوجه الديمقراطي عندما يصل الإسلاميون إلى السلطة في الدول العربية؟". وذكّر مقري بما أحدثته الثورة الفرنسية، حيث استمر التقتيل ضد الكادحين عشر سنوات كاملة، ليتحول الحكم بعدها إلى ما يُشبه الامبراطوريات والملكيات في أوربا، فلماذا يريدون تعقيدنا مما يحدث عربيا ؟ يقول مقري. ويرى رئيس حركة مجتمع أن مصر ستدفع الثمن كبيرا ومعها المنطقة العربية، "إلا أنه واهم من يعتقد أن الإخوان المسلمين قد خسروا، فالخاسر الأكبر هي مصر، فالإخوان في الميادين التي عرفوها طيلة مسارهم وقاوموا فيها وترعرعوا عليها سياسيا، مشيرا ضمنيا إلى أن الجيش المصري هو الخاسر باستدراج الإخوان إلى ملعب يعرفون كيف يسيرون فيه طول نفسهم. بالنسبة لرئيس حركة مجتمع السلم "الإخوان يزدادون قوة كل عشر سنوات"، وبالتالي يتطورون سنويا، "فما سيستفيد منه الإخوان في مصر هو تطور المنظومة الفكرية التي قد تُعجل بتغيير وسائل العمل السياسي"، مضيفا أن كل هذا سيجعل الحركات الإسلامية سواء داخل الجزائر أو خارج الجزائر على النطاق العربي، طرفا أساسيا ومحوريا في كل المعادلات ومشاريع الحكم. وخلال النقاش شدّد مقري بالقول:«بربكم دلوني على حزب إسلامي في الجزائر يقوم بتغيير هيكلي جذري بكل سلامة وديمقراطية مثلما يقوم به حزبنا". ودافع مقري على كافة الحركة الإسلامية بالجزائر عقب انتقاد أحد من القاعة لعبد الله جاب الله، إذ قال "إن جاب الله ديمقراطي وقيادته منتخبة من القواعد ديمقراطيا". كما ربط الحركة الإسلامية بالحركة الوطنية كمرجع دون غيرها، موضحا أن سمتها السلمية والاعتدال "فحتى طالبان لو سمحوا لها بالحكم لاعتدلت، فالإشكال في الديكتاتوريات وليس الحركة الإسلامية التي تعاني من الأحكام المسبقة دون أن تُتاح لها فرصة الحكم". وأردف مقري:«لماذا لا يتحدثون عن وصول امرأة من حمس لنيابة رئاسة المجلس الشعبي الوطني رغم أن المسألة هي الأولى من نوعها في تاريخ البرلمان". وفي سياق الحديث عن الاعتدال، قال مقري:«لو تلاحظون فإن خطاب حمس في التسعينيات ليس هو خطابها اليوم، فالمشاركة في الحكم أكسبتها الكثير من الخبرة"، مشيدا بنجاح التجربة الإسلامية في الحكم بكل من تركيا وإيران.."فالأولى قوة اقتصادية عادت لسابق عهدها والثانية قوة نووية". وعاد مقري في النقاش إلى السعودية التي نسب إليها السلفية بأشكالها "كمخطط يرمي لمواجهة الإخوان"، ورد مقري على صوت من القاعة نعت السيد قطب بالإرهابي، "أنت الإرهابي.. هل إرهابي من كان يدافع بالأدب والقصة والشعر؟". ودعا رئيس الحركة الديمقراطيين والعلمانيين إلى أربعة شروط ليتحقق الوفاق مع الإسلاميين "فاقبلوا التعايش والرأي المخالف وطبقوا الديمقراطية على حقيقتها وآمنوا بالخيارات السلمية في الوطن الواحد".