ترددت كثيرا قبل كتابة هذا المقال. عددت على ال10 رغم أنه كان يعتمل في نفسي منذ زمن طويل. والشيء الذي شجعني عليه وحسم أمري هو وقوعي عن طريق الصدفة المحضة على مقال للأستاذ جهاد فاضل في مجلة “العربي” الكويتية. وهي مجلة عزيزة على قلبي منذ فترة الطفولة (...)
تعجبني المعارك الفكرية أكثر من المعارك السياسية، وإن كانت هذه من تلك. وتعجبني عبارة هيغل: ”لا شيء عظيما يتحقق في التاريخ من دون أهواء هائجة ومعارك صاخبة”. والدليل على ذلك أكبر مشروع تنويري فرنسي في القرن الثامن عشر: أي مشروع الموسوعة الخاصة بالعلوم، (...)
فوجئت برحيله مفاجأة كاملة، ولم أصدق في بداية الأمر. لم أكن أعرف أنه مريض. لا أزعم أني كنت من أصدقائه المقربين، بل ولم ألتقِ به إلا مرة واحدة. كان قد سمع أني معجب بمؤلفاته وبطريقة تفكيكه ل”عقدة العقد التراثية”. وبالفعل، فقد عبرت عن ذلك أكثر من مرة في (...)
عدة حوادث حصلت مؤخرا وقتلتني قتلا.. منعتني من النوم وأقضت مضجعي. الأولى هي حادثة رجم امرأة في ريف حماه بمشاركة والدها! والثانية هي إعدام المهندسة الإيرانية الشابة ريحانة جباري (26 سنة) من قبل جلاوزة الأصولية الإيرانية وقضائهم الخنفشاري القراقوشي (...)
خصصت مجلة ”التاريخ” الفرنسية الأنيقة المصورة، التي يكتب فيها كبار أساتذة الجامعة الفرنسية، عددها الأخير لهذا الموضوع. وبالتالي فالعنوان ليس مني، ولكنه جذبني ودفعني الفضول إلى تصفح العدد والاطلاع على تاريخ ألمانيا منذ بداية الإصلاح الديني وحتى اليوم. (...)
أحيانا يتساءلون: هل نحن بحاجة إلى إصلاح ديني أم إلى تنوير فلسفي؟ وأنا أجيب: إننا بحاجة إلى الاثنين معا؛ الأول يمكن أن يقوم به رجال دين مستنيرون ومطلعون على عالم الفكر وتطوراته. والثاني يمكن أن يقوم به المثقفون العرب الحداثيون. فالإصلاح الديني لكي (...)
دشنت هذه المؤسسة الصاعدة مقرها الجديد الكبير في حي أكدال الشهير بالرباط العامرة. وهو يطل إطلالة رائعة على العاصمة المغربية من كل الجهات. وقد رافق التدشين إقامة ندوة عن الموضوع التالي: ”الدين وأسئلة الفكر الراهن”. وقد شارك فيها فهمي جدعان وحسن قرنفل (...)
بمناسبة الذكرى الرابعة لرحيل ”صاحب نقد العقل الإسلامي” نظم المركز الثقافي الفرنسي في الدار البيضاء بالتعاون مع ”مؤسسة محمد أركون للسلام بين الثقافات” ندوة فكرية. ومن هو الجندي المجهول الذي يقف وراء كل هذه النشاطات الفكرية والإبداعية؟ إنه ليس إلا (...)
قد تقولون: هذا الشخص يمارس سياسة ”خالف تُعرف”. إنه مهووس بالمشاكسة والمشاغبة ليس إلا. كل هدفه لفت الأنظار. وإلا فما معنى هذا العنوان الببغائي السخيف؟ هل يعقل أن 11 سبتمبر (أيلول) لم يحصل حتى الآن؟ لماذا كل هذه الفذلكات؟ وأنا أقول لكم إني جاد كل (...)
قد يتساءل أحدهم: ما علاقتنا بماسينيون يا أخي؟ لقد مات منذ نصف قرن وأكل عليه الدهر وشرب. فلماذا تنبش القبور؟ في الواقع أنك تريد التهرب من مسؤولياتك وصرف الأنظار عن قضايا الساعة. هذا كل ما في الأمر لا أكثر ولا أقل. لعبتك أصبحت مكشوفة. أجيب قائلا بأن (...)
رغم أن الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي إن لم نقل العربي – الإسرائيلي لم يعد الصراع الوحيد الذي يهدد المنطقة فإنه لا يزال بركانا قابلا للتفجر في أي لحظة. وما كارثة غزة الراهنة إلا أكبر مثال على ذلك. صحيح أن الصراعات العربية - العربية أو الإسلامية – (...)
كان روجيه غارودي قد خلف وراءه كتابا ممتعا بعنوان: ”الإسلام والغرب.. قرطبة كعاصمة للروح والفكر”. وفيه يشخص بشكل أركيولوجي عميق جذور المرض الذي أصاب حضارتنا بعد انطلاقتها الرائعة وعصرها الذهبي، فعرقلها وجمدها وقضى عليها في نهاية المطاف. في هذا الكتاب، (...)
يشكِّل الإسلام والمسلمون الشغل الشاغل لمفكري الغرب وقادته السياسيين حاليا. هذا ما لمسته لمس اليد أثناء تجوالي في العديد من المكتبات الفرنسية مؤخرا. فالكتب الصادرة عنا في الآونة الأخيرة لا تُحصى ولا تُعد، فيها الغث وفيها السمين. من بين المشغولين بنا (...)
منذ بضع سنوات وأنا أسمع باسمه دون أن أقترب منه عن كثب. أقصد دون أن أطلع على أفكاره بشكل دقيق ومطول. ذلك أني لا أعرفه شخصيا. ولكن، هل المعرفة الشخصية ضرورية؟ ألا تكفي الكتب؟ أليست هي عصارة الإنسان، والشهادة التي تبقى منه على مدار الأجيال؟ كنت أشعر (...)
يعتبر داريوش شايغان أهم فيلسوف إيراني معاصر. وهو حتما أحد أهم المفكرين على مستوى العالم الإسلامي كله. وتكمن ميزته في إتقانه عدة لغات وعدة ثقافات دفعة واحدة. وهو يكتب بالفارسية والفرنسية على حد سواء. إنه ليدهشك بسعة اطلاعه وتنقله في نفس الصفحة تقريبا (...)
كان محمد أركون قد أمضى حياته تقريبا في التحدث عن النزعة الإنسانية في الإسلام. كان ذلك شغله الشاغل منذ أن انهمك في تحضير ”دكتوراه الدولة” في السوربون عن هذا الموضوع في بداية الستينات وحتى نهاية السبعينات. ومعلوم أن عنوانها بالضبط كان: ”النزعة (...)
الدكتور غالب بن شيخ مفكر إسلامي فرنسي من أصل جزائري. وقد احتل سابقا عدة مناصب مهمة، من بينها رئيس جامع باريس الكبير ومفتي مارسيليا. كما أنه يشرف حاليا على برنامج أسبوعي خاص بالإسلام على القناة الثانية الفرنسية. وبالتالي فهو ينتمي إلى تيار الإسلام (...)
أتيح لي أخيرا أن أتحدث عن هذا الموضوع أمام حشد من المثقفين والمثقفات بحضور وزيرة الثقافة البحرينية الشيخة مي التي تمثل ”القوة الناعمة” في بلادها خير تمثيل. كان ذلك في ”مركز الشيخ إبراهيم للثقافة والبحوث” الذي أصبح إحدى المنارات المشعة للفكر العربي (...)
يبدو أني وقعت في حب ”رانس” بالضربة القاضية. أنتم تعلمون أن الحب أنواع ودرجات. ولكن أشرفها وأرقاها هو الحب الصاعق: أي الذي ينزل عليك كالصاعقة فيسحقك سحقا، ويمحقك محقا، ويجعلك هباء منثورا. وهو شيء لا يحصل إلا للمصطفين الأخيار الذين حرمهم الله من نعمة (...)
فعلا نحن العرب نبحث، نتساءل، نتخبط. ولكن هذا دليل على الحيوية لا على الاستكانة والجمود. وأكبر برهان على ذلك تلك الندوة المهمة التي أتيح لي حضورها في مقر مؤسسة “مؤمنون بلا حدود” في العاصمة المغربية. كانت القاعة مليئة بالبشر على الرغم من الطقس العاصف (...)
هناك ثلاث مراحل للفلسفة الحديثة. الأولى تميزت بنقد اللاهوت المسيحي وتفكيك انغلاقاته التراثية الطائفية على يد كبار الفلاسفة بدءا من سبينوزا وانتهاء بنيتشه مرورا بفولتير وديدرو وروسو وكانط وهيغل وآخرين. هذه المرحلة استغرقت من فلاسفة أوروبا مائتي سنة (...)
تعجبني مجلة “عالم الأديان” التي تصدر شهريا عن مؤسسة جريدة “اللوموند” الفرنسية الشهيرة. ويعجبني أكثر رئيس تحريرها المفكر اللامع فريدريك لونوار. فهو يمثل خلاصة التنوير الفرنسي والأوروبي في آن معا. وهو منفتح كل الانفتاح على عالم الإسلام وبقية الأديان. (...)
بعد أن تقاذفتني الأمواج ك”القارب السكران” من بلد إلى بلد، ومن مدينة إلى مدينة، ومن شقة إلى شقة، رسوت أخيرا على شواطئ بحيرة نيوشاتيل في سويسرا.
أنا الآن في ضيافة جان جاك روسو، أحب الكتّاب الأجانب إلى قلبي بإطلاق وأكثرهم طيبة ونزعة إنسانية. كنت أبحث (...)
أخيرا عدت إلى باريس بعد ثلاث سنوات في ربوع المغرب الجميل، حيث اقتربت من ذاتي، عانقت أصلي وجذوري.
عدت لكي أحضر تدشين مكتبة عامة باسم: محمد أركون. قبل الوصول إلى هناك رحت أتجول طولا وعرضا في شوارع العاصمة الفرنسية. أعترف بأنني كنت أشعر بحاجة ماسة إلى (...)
قبل ثلاث سنوات بالضبط غادر هذا العالم واحد من أبرز المفكرين في تاريخ الإسلام في العصر الحديث. كان يريد تحرير المسلمين من الأفكار الانغلاقية القديمة والتصورات اللاتاريخية التي يشكلونها عن تراثهم، عن الذات وعن الآخر. كان يريد تحريرهم من الجمود (...)