خرج آلاف الإسبان في مظاهرات حاشدة وسط العاصمة الإسبانية مدريد وأكثر من خمسين مدنية أخرى منذ السبت الماضي للمطالبة باستفتاء حول مستقبل الملكية. وجاءت تلك المسيرات بعد إعلان الملك خوان كارلوس الأوّل (76 سنة) عن العرش لصالح ابنه الأمير فيليبي السادس دي بوربون (46 سنة)، يوم الاثنين الماضي. تفاجأت السلطات بحجم الحشود المشاركة في المسيرات، وهي متخوفة من ارتفاع حدتها مع اقتراب تنصيب الملك الجديد فيلبي. يذكر أنّ أحزابا يسارية راديكالية ودعت الإسبان ليلة السبت إلى الخروج إلى الشارع للمطالبة بحق الاختيار في استفتاء شعبي بين الملكية أو الجمهورية. واستجاب الإسبان للنداء بخروجهم للتظاهر حاملين أعلام الجمهورية الإسبانية الثانية بألوانها الأحمر والذهبي والبنفسجي مطالبين بإجراء استفتاء شعبي على مستقبل الملكية. وتفاوت حجم التظاهرات بين عشرات الآلاف في العاصمة مدريد وبضعة آلاف في مدن متوسطة مثل غرناطة وقرطبة وأليكانت، لكنها عمت مختلف مناطق البلاد بدون استثناء من الجزيرة الخضراء في أقصى الجنوب إلى آخر قرية في بلد الباسك. ويحذّر المراقبون من ارتفاع المطالبين بالجمهورية وما قد يترتب عن ذلك من توتر سياسي لاسيما في ظل فقدان الأحزاب الكلاسيكية وزنها وتأثيرها في الشارع كما أظهرت نتائج الانتخابات الأوروبية التي جرت منذ أسبوعين. ويقول مراسلون إن هناك تراجعا كبيرا في شعبية العائلة الملكية بعد سلسلة من الفضائح. ومنذ إعلانه عن تنحيه رسميا عن العرش، والحكومة الإسبانية تحاول توفير حماية للملك خوان كارلوس بإصدار قانوني منظم لصفة الملك بعد التنازل، لأنه سيصبح مواطنا عاديا، حيث لا يتضمن القانون الإسباني حصانة خاصة للملك في حالة تنازله عن العرش. ونقلت وسائل إعلام إسبانية عن ناطق باسم القصر الملكي استحالة استمرار تمتع خوان كارلوس بالحصانة لأن ذلك سيكون منافيا للدستور، ولكن يجب توفير نوع من الحماية للملك مستقبلا على شاكلة الحماية التي يتمتع بها الوزراء ونواب البرلمان. ويؤكد هذا الناطق بأن الحماية ستشمل ما قام به في الماضي وليس ما سيقوم به خوان كارلوس مستقبلا. تنتظر الملك خوان كارلوس الأول، الذي اعتلى عرش اسبانيا في 22 نوفمبر سنة 1975 بعد وفاة فرانسيسكو فرانك، قضيا بالجملة رفعها ضده خصومه المطالبين بالجمهورية أمام القضاء على غرار قضيتي إثبات الأبوة لطفلين طبيعيين، والدعوى التي سبق أن رفضها القضاء الإسباني تقدم بها حزب سياسي ضد الملك خوان كارلوس ورئيس الحكومة الأسبق فيلبي غونزالس يتهمهما بالتورط بطريقة أو أخرى في الانقلاب العسكري الفاشل الذي شهدته البلاد يوم 23 فبراير من سنة 1981.