أعلن رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي في ندوة صحفية طارئة عقدها أمس الاثنين بقصر مونكلوا بمدريد عن تنازل الملك خوان كارلوس الأوّل (76 سنة) عن العرش لصالح ابنه الأمير فيليبي دي بوربون (46 سنة). وقال راخوي "لقد تخلت اليوم عن العرش شخصية ترتبط ارتباطا وثيقا بتاريخ اسبانيا"، وأضاف أنّ إجراءات التخلي عن العرش ستتمّ بصورة وأن الأمير فيليبي سيكون في مستوى المهمة المنوطة به لأنه تدرّب عليها لمدّة 20 سنة. وأضاف رئيس الحكومة الإسبانية أن عملية التخلي عن العرش تقتضي "المصادقة على قانون عضوي"، وإنه قد إستدعى مجلس الوزراء لعقد دورة طارئة اليوم الثلاثاء. وفي خطابه صبيحة الذي ألقاه أمس بمناسبة تنحيه، قال الملك خوان كارلوس بأنه تخل عن العرش لنجله الأمير فيليبي لأن جيل فيليبي يشكل استقرارا أكبر للمملكة. تجدر الإشارة إلى تداول الحديث عن احتمال تنازل الملك خوان كارلوس عن العرش منذ أكثر من سنتين بسبب الوضع الصحي للملك حيث تدهورت حالته الصحية منذ إصابته بورم في الرئة في ماي 2010، وكذا الفضائح التي هزت عرش اسبانيا خلال السنوات الأخيرة، بدءا بزواج الأمير فيليبي من امرأة من عامة الشعب، سبق لها أن تزوجت من قبل، وكذا الأوضاع السياسية المتوترة التي تمر منها البلاد بسبب تراجع المؤسسات السياسية ومنها الملكية والأحزاب السياسية والوضع الاجتماعي المتردي في البلاد وارتفاع التحدي الانفصالي في كتالونيا وبلاد الباسك. وفي سنة 2012، اضطر الملك خوان كارلوس إلى تقديم اعتذارات رسمية إلى شعبه بثت على جميع القنوات التلفزيونية، بعد الضجة التي أثارتها رحلته إلى بوتسوانا لاصطياد الفيلة هناك والتي تعرض خلالها إلى إصابة في الورك، تعرض خلالها إلى انتقادات لاذعة من طرف تنظيمات الرفق بالحيوان، كما طلته هجمات شرسة على شبكات التواصل الاجتماعي من كافة أرجاء العالم. وبلغت تكلفة رحلته إلى بوتسوانا في تلك الفترة بين 7000 و30000 يورو في الوقت الذي كانت تتخبط فيه اسبانيا في أزمة اقتصادية خانقة وبطالة مستفحلة. وقال آنذاك متأسفا: ”أنا جد نادم، لقد أخطأت ولن يتكرر هذا الأمر مستقبلا”، بعد أن وجهت أصابع الاتهام إلى العائلة المالكة بتبديد الأموال. كما أثارت مؤخرا حادثة تعرض حفيده الذي يبلغ من العمر 13 سنة إلى عيارات نارية عندما كان يداعب مسدسا استياء الأسبان. كما وجهت للملك خوان كارلوس اتهامات متكررة بالخيانة الزوجية، وتمت ملاحقته في قضيتي إثبات الأبوة لطفلين طبيعيين. وكانت الفضيحة المدوية تلك التي إتهم فيها صهره إيناكي إردنغاري بالفساد منذ 2011 ، والتي تمت خلاله مساءلة ابنته كريستينا من طرف القضاء الاسباني. يشار إلى أنّ هذه الأمور كلها حطت من شعبية الملك، حيث أظهرت عملية استطلاع للرأي قامت به صحيفة ”الموندو” في الخامس من يناير سنة 2013، بأنّ 62 بالمائة من الأسبان يرغبون في تخلي خوان كارلوس عن العرش مقابل 44.7 بالمائة يرغبون في بقائه. وتبقى المفاجأة الكبيرة هي وجود المعني بولاية العهد، الأمير فيلبي دي بوربون في السالفادور لحضور مراسيم تنصيب رئيس هذه الدولة والذي عاد صباح اليوم على وجه السرعة. ويقول الملاحظون أن شيئا ما في غاية الخطورة قد حدث وأجبر الملك على التخلي عن العرش، لأنه كان سيرعى أمس نشاطين أحدهما في العاصمة مدريد وآخر في برشلونة مساءا. يذكر أنّ خوان كارلوس الأول اعتلى عرش اسبانيا في 22 نوفمبر سنة 1975 بعد وفاة فرانسيسكو فرانكو.