يقوم المعارضون للملكية الذين يحشدون قواهم منذ تنازل الملك خوان كارلوس عن العرش لابنه، السبت، بتظاهرات في مدريد وسائر أرجاء اسبانيا للمطالبة بعودة الجمهورية، في وقت يستعد فيه الملك المقبل فيليبي السادس لأداء القسم. ومنذ مساء الثاني من جوان، بعد ساعات قليلة من إعلان الملك خوان كارلوس (76 عاماً) قراره التخلي عن العرش اجتاحت موجة جمهورية البلاد. وتضم الموجة الجمهورية بشكل خاص الشبان الذين لم يشهدوا اعتلاء خوان كارلوس العرش في 22 نوفمبر 1975 بعد يومين من وفاة فرانشيسكو فرانكو، وسنوات الانتقال والموافقة عبر الاستفتاء في 1978 على الدستور الذي أسس اسبانيا الديمقراطية. وهتف عشرات آلاف المتظاهرين "اسبانيا ستكون في الغد جمهورية"، وهم يلوحون بالعلم المثلث الألوان الأحمر والذهبي والبنفسجي، للجمهورية الاسبانية الثانية التي أعلنت في أفريل 1931 ثم أسقطتها دكتاتورية فرانكو في 1939 بعد ثلاث سنوات من الحرب الأهلية. والسبت، دعت عشرات الأحزاب السياسية اليسارية ومنظمات للمواطنين إلى تظاهرات جديدة للمطالبة باجراء "استفتاء الآن" حول مستقبل الملكية. وفي الأثناء يستعد ولي العهد الأمير فيليبي (46 عاماً) ليتربع على عرش اسبانيا خلفاً لوالده. وسيؤدي اليمين على الأرجح في 19 جوان أمام مجلسي البرلمان وفقاً للتقليد الاسباني. وقبل ذلك سيصوت مجلس النواب في 11 جوان، ثم مجلس الشيوخ على قانون يجيز تخلي خوان كارلوس عن العرش. والنتيجة محسومة سلفاً خاصة وأن الأحزاب المؤيدة للملكية على رأسها حزب اليمين الشعبي الحاكم في اسبانيا والحزب الإشتراكي القوة الأولى في المعارضة، تمثل أكثر من 80 في المائة من مقاعد البرلمان المنتخب في 2011. لكن خلال السنوات الثلاث الأخيرة أدت الأزمة الاقتصادية والفضائح التي لطخت نهاية عهد خوان كارلوس إلى تدهور شعبية الملك ولم تنج الملكية من فقدان الثقة عموماً بالمؤسسات. وبإعلان تنازله عن العرش أمل خوان كارلوس ب"تحديث" الملكية بزخم "جيل جديد" تاركاً للملك المقبل فيليبي السادس الذي بقي حتى الآن في منأى عن تدهور شعبية والده، المهمة الشاقة في إعادة إعطاء شرعية للتاج الملكي. ورد المعارضون المتجمعون داخل "مجلس الدولة الجمهورية" وهي حركة أنشئت في 2012، والذين يتظاهرون اليوم السبت للمطالبة بإرساء جمهورية ثالثة، بأنه "في القرن الحادي والعشرين لا معنى لابقاء مؤسسة بالية ومناهضة للديمقراطية مثل الملكية". وندد تجمع من ثمانية أحزاب صغيرة من اليسار بقيادة المدافعين عن البيئة والشيوعيين "ايزكييردا يونيدا" ممثلة في البرلمان، ب"الوضع الخطير جراء الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الذي أدى إلى تنازل الملك عن العرش والمحاولة المتسرعة لفرض ملك جديد بدون أن تؤخذ إرادة الشعب بالحسبان". وثمة مؤشر آخر إلى الاضطرابات التي سيتعين على الملك فيليبي السادس مواجهتها وهو ما تشهده كاتالونيا. فقبل خمسة أشهر من الموعد الذي حدده القوميون لإجراء استفتاء على تقرير المصير في هذه المنطقة، امتزجت الأعلام الجمهورية في الأيام الأخيرة مع العلم الانفصالي الذي تتوسطه نجمة بيضاء.