بدأ توافد زوار ولاية عنابة يظهر جليا من خلال تضاعف عدد المركبات التي تحمل لوحات ترقيم مختلفة من شتى أرجاء ولايات الوطن، كما تعرف الفنادق والمراقد ارتفاعا في نسبة الحجوزات التي تتلقاها من المواطنين الراغبين في إمضاء عطلتهم الصيفية بشواطئ جوهرة الشرق عنابة. وبالمقابل تبقى الهياكل السياحية ذاتها، حيث لم يطرأ أي تغيير على القطاع منذ 5 سنوات، عدا تسطير إنجاز مشروع فندق "شيراتون" الذي تسانده وتقف على مراحل إنجازه "شخصيات ثقيلة"، ولذلك تم إخراجه من الأرض رغم ما خلفه المشروع من إتلاف للهياكل الأثرية في عين المكان!. بالموازاة مع هذه الوقائع التي تشكل فارقا غريبا في تنمية القطاع السياحي بولاية عنابة، مازال زوار هذه الأخيرة يشتكون من النقص الفادح في هياكل خدماتية على غرار المنتجعات، النقل، المطاعم، مساحات الراحة والترفيه العائلية، والأمن خاصة. كل هذه الانشغالات لم يتم حلها أو على الأقل محاولة فتح المجال أمام المستثمرين لتجسيدها، دون خلق عراقيل إدارية أومعوقات من نوع آخر تظهر دائما عندما يتم فتح مجال الاستغلال العقاري، الذي تتحكم في تفاصيله مافيا حقيقية تتلاعب بالمساحات الأرضية لصالح من يدفع أكثر. وما تورط مسؤولون في المجال بولايتي عنابة والطارف إلا دليل صارخ على هذا الواقع الأليم في ولاية عنابة، والذي يشكل أكبر عقبة تقف حائلا أمام تنمية القطاع السياحي عن طريق تجسيد مشاريع استثمارية طموحة، لشبان لم يجد ضالته في المكاتب الإدارية التي تقف حجرة عثرة في وجه تحقيق مبادرات من شأنها أن تفتح المجال أمام اليد العاملة، وبالتالي امتصاص البطالة، و إضافة شيء نوعي للمجال السياحي في عنابة التي تزخر بقيمة طبيعية خارقة للعادة من شأنها أن تكون بديلا اقتصاديا هاما جدا يعطي دفعة تنموية عملاقة لكامل المنطقة. ويبقى الواقع العمراني المتدهور، والواقع العقاري الذي تعمه الفوضى العارمة وواقع الجماعات المحلية، التي لا تقوم بأي عمل تنسيقي مع القطاع السياحي وراء بقاء هذا الأخير في نقطة ثابتة لا يطرأ عليها أي تغير. وقد لا يمكن أن يطرأ عليها في المستقبل إلا إذا تم فعلا إعادة مراجعة ملف المشاريع السياحية المعطلة في شطايبي، التريعات، ومراجعة مشروع المدينة القديمة، إلى جانب التفكير حقا في النهوض من السبات العميق الذي تغرق فيه جميع فروع القطاع السياحي في عنابة.