يبدو أن مسلسل عقاب “الفجر“ سيطول بطول الصيف. وأقول بالمناسبة لوزير الإعلام، إلغ تعليمة أويحيى حول الإشهار واطلق الحرية للسوق وسترى الصحف التي تصمد والتي ستختفي. الأكيد أنها ليست صحف أحباب السلطة التي ستعمّر طويلا. لأعد إلى اللقاء الإعلامي لمدير ديوان الرئيس، أحمد أويحيى، أمس. أويحيى قال إن جبهة الإنقاذ لن تعود إلى الشرعية، ولا عفو شامل، وهذه أخبار مفرحة، خاصة فيما يتعلق بلا عفو شامل، هذا الذي يطالب به اللصوص ودوائر الفساد المستشري، هؤلاء الذين أثروا من مآسي العراق، بعدما ارتفعت أسعار النفط بعد غزو العراق، فنهبوا مداخيله ولا أحد، بمن فيهم أويحيى نفسه، قادر على تحديد حجم هذه الجريمة وقائمة المتورطين فيها. إذن لا عفو شامل عن اللصوص، لكن تبقى الأموال المنهوبة بشكل رسمي وغير رسمي تنام في بنوك الغرب الراضي عن السلطة ورجالها. لكن ما الفرق في أن يعود “الفيس” بشكل رسمي إلى الساحة السياسية أو أن يعود رجاله يلعبون أدوارا، سواء في صفوف السلطة أو المعارضة؟ ما الفرق أن نمنع “الفيس“ من النشاط، ونرى رجاله وخاصة الملطخة أيديهم بالدماء يستشارون في مستقبل الأمة. هؤلاء الذين صنعوا مأساة الشعب أمس، هم اليوم شخصيات وطنية لا يمكن الاستغناء عنها. لا أتحدث عن مدني مزراق الذي استقبله منذ يومين أويحيى ليستشيره في الدستور المقبل للبلاد، فمدني مزراق الذي يرفض أن يحمل لقب الإرهابي التائب، هو على الأقل تعاون مع السلطة في تنفيذ اتفاق السلام الموقع مع الجيش الإسلامي وكان فعالا في تحقيق المصالحة، وأقنع المئات بإلقاء السلاح والنزول من الجبال. هذه الايجابية الوحيدة في الوئام والمصالحة. ولكن هل فكرنا في أهالي ضحايا الإرهاب، هل هناك من استقبلهم ليعطوا رأيهم في مستقبل البلاد وحول ما يكون عليه الدستور؟ الشخصيات الأخرى التي لم أفهم لماذا استضافها أويحيى في الرئاسة، شخصيات تجاوزت الثمانين من العمر. ماذا ستفيد استشارة ياسف سعدي، فهل ما زال هناك مستقبل “للفدائيين” في دستور البلاد؟ ألم يحن الوقت ليدخلوا كتب التاريخ ويتركوا الشباب يقرر مصيره؟! ألم يتحدث الرئيس بأن الدستور الذي سيعطيه للبلاد سيكون دستور إجماع، فأين هو الإجماع الذي حققته استشارات أويحيى، إلا مع الشيوخ؟! هؤلاء الذين ثارت أحداث 5 أكتوبر 1988 ضدهم وضد عبثهم بالسلطة ومصير البلاد. لماذا يحيي عظامهم أويحيى اليوم وهي رميم؟! هذا الدستور الذي نسعى لكتابته وعد به الرئيس في خطاب أفريل 2011، الخطاب الذي توجه به إلى الشباب لإقناعهم بعدم الانجرار وراء الأحداث التي يعيشها الشارع العربي، ووعد بإشراك الشباب في الشأن العام وتسليم المشعل لهم. ولكن ما نشاهده اليوم أن الشباب مغيب نهائيا عن الاستشارة! لم ينجح أويحيى حتى أن يحقق ما حققه بتشين سنوات زروال عندما جلس إلى جمعيات الشباب وحدد معهم معالم المستقبل. فلماذا نلغي كل هذا ونعود إلى ما قبل أكتوبر 1988. معالم الدستور المقبل توحي بأن المرحلة الانتقالية ستطوى، لأن الدستور المقبل لن يكون تمثيليا للجميع، وستجبر السلطة مستقبلا إلى فتح نقاش مع كل شركائها، شاءت أم أبت ذلك!؟