يرتقب الجميع أن ينهي الدستور القادم حالة الغموض حول طبيعة نظام الحكم في الجزائر، الذي يتعذر حتى على السياسيين تحديد نوعيته كونه مزيجا من النظام الرئاسي والبرلماني، وتتوقع الأغلبية أن تتبنى الجزائر مستقبلا النظام شبه الرئاسي كونه الأقرب للتقاليد السياسية المعمول بها حاليا. تتجه الجزائر في الدستور القادم إلى اعتماد النظام شبه الرئاسي، وإنهاء حالة الضبابية التي تعيشها منذ سنوات حول النظام السياسي، لعاملين أساسيين يتعلق الأول بالنظام الأكثر قربا من الممارسة السياسية في الجزائر، بحيث يمنح الرئيس صلاحيات كبيرة وكون الطبقة السياسية من الموالاة وأغلبية أحزاب المعارضة ترافع لنظام شبه رئاسي. وتصب أغلب المقترحات التي تسلمها وزير الدولة رئيس ديوان رئاسة الجمهورية، المكلف بمشاورات الدستور التوافقي، أحمد أويحيى، في اعتماد النظام شبه الرئاسي، لأنه الأكثر ملائمة للجزائر، الحديثة العهد بالديمقراطية، كون النظام الرئاسي من شانه أن يحول الرئيس إلى ديكتاتور، كما أن النظام البرلماني لا يمكنه أن يضطلع بالمسؤوليات السياسية في بلد دخل عهد التعددية مع بداية التسعينات. وتتصدر أحزاب السلطة دعاة اعتماد هذا النظام السياسي، حيث اقترح الأمين العام لجبهة التحرير الوطني عمار سعداني، والأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، عبد القادر بن صالح، ورئيس الجبهة الشعبية الجزائرية، عمارة بن يونس، ورئيس تجمع أمل الجزائر عمار غول، اعتماد النظام شبه الرئاسي في الدستور القادم. ولم يتوقف الأمر عند حلفاء الرئيس بوتفليقة في تبني هذا النظام السياسي، بل تعداه إلى بعض الأحزاب في المعارضة التي شاركت في المشاورات رغم قلتها، حيث دعا رئيس حزب الجبهة الوطنية الديمقراطية إلى إقرار نظام حكم شبه رئاسي باعتباره ”الأصلح” في الوقت الراهن. وتتفق النظريات السياسية على أن النظام شبه الرئاسي هو الذي يجمع بين خصائص النظام البرلماني والرئاسي في نفس الوقت، فهو يقوي مركز رئيس الدولة الذي ينتخب من قبل الشعب، ويوسع صلاحياته، ورغم ذلك لا يحمّله المسؤولية السياسية، وكذلك فإن هذا النظام يمنع الجمع بين عضوية البرلمان والوزارة.