أرجعت أمس مصادر حكومية مالية، تأخر التوقيع على اتفاق أمني بين باريس وباماكو، إلى الجزائر التي ترفض أن تقام قاعدة عسكرية فرنسية في شمال مالي، واشارت ذات المصادر إلى صراع كبير بين فرنساوالجزائر بخصوص هذه المسألة، منذ جانفي الماضي. ونقلت مجلة ”لو ريفيلسيون” المالية عن مصادرها، أنه من الناحية التاريخية، الجزائر تشترك في حدودها الجنوبية مع شمال مالي، وتمثل ظهرها الخلفي، وعند وقوع عصيان مسلح ضد السلطة في باماكو على مدى عقود ماضية، كان ممكن تأسيس قاعدة عسكرية فرنسية في المنطقة، بناء على الاتفاقية العسكرية بين باريس وباماكو، للسيطرة على الأمن الحدودي المهدد بالمخدرات والإرهاب، وذلك لا يطمئن الجزائر، بالإضافة إلى ذلك، فان فرنسا المتورطة بشدة في الحرب ضد الإرهاب، في شمال مالي، تسعى لخلق مركز القيادة الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب، من اجل إضفاء الشرعية وتثبيت كوماندوس يسعى لإعادة تنظيم القوات الخاصة الفرنسية بتعداد 3000 جندي. وأورد المرجع ذاته أن نضال الجزائر منذ جانفي مرده تجنب العودة إلى الحقبة الاستعمارية، عبر ممانعة إقامة قاعدة فرنسية عسكرية، وتفضل الجزائر مع مالي وبلدان أخرى، الحرص على تنظيم أمني مشترك فيما بينهم”، وواصل بأنه في جانفي الماضي، عندما أرادت باماكو وباريس، التوقيع على الاتفاق، الرئيس أبو بكر كيتا، زار الجزائر، من أجل تسهيل التوقيع على الاتفاق الأمني. وتأجل توقيع مالي مع فرنسا على اتفاق في مجال الدفاع العسكري، وفق وزير الدفاع والمحاربين القدماء المالي، سومايلو بوباي مايغا، الذي صرح أن باماكو تخطط لتوقيع اتفاقيات أخرى حول التعاون الأمني مع تشاد، النيجر، الجزائر وموريتانيا، موضحا أن دور الجزائر في تسوية الأزمة يعود خاصة إلى موقعها الاستراتيجي القريب من مدينة كيدال، معقل كل حركات التمرد في شمال مالي. ورغم تأكيد مايغا أن اتفاق الدفاع مع فرنسا يقضي فقط بتجديد وتحسين الاتفاق الذي كانت قد وقعته سنة 1985 مع هذا البلد، إلا أن الأمر أبعد من ذلك ويمهد لشراكة أوسع مع الجانب الفرنسي، حيث أوضح أن ”الاتفاق سيسمح لنا بإضفاء إطار قانوني على التعاون العسكري الفرنسي المالي في مجال تدريب العسكريين وتجهيز الجيش المالي”، ومع انتهاء القوات الفرنسية في مالي من عملياتها العسكرية ”أشابيل” العام الماضي، أبدت حرصا منقطع النظير على الاحتفاظ بقاعدة ”تيساليت” العسكرية في شمال مالي، التي قالت في بداية الأمر أن تواجدها بها مؤقت، ربما كغنيمة حرب، حيث كانت قاعدة تيساليت الجوية الاستراتيجية بالقرب من الحدود الجزائرية، ملكا للقوات الفرنسية إبان الفترة الاستعمارية، ثم فقدتها بعد ذلك، واستماتت في محاولة استردادها لكن دون جدوى، وبعد التدخل الفرنسي الأخير في مالي، استولت القوات الفرنسية مجددا على القاعدة العسكرية، وقررت الاحتفاظ بها بمبرر حماية مالي من عودة الخطر الإرهابي. وقاعدة تيساليت تبعد عن الحدود الجزائرية ب90 كلم فقط، تم بناؤها بين سنتي 1957 و1959، من أجل مراقبة تحركات عناصر جيش التحرير الوطني أثناء حرب الجزائر التحريرية.