هي عادة رمضانية ارتبطت بحلول الشهر الفضيل، والذي اعتاد فيه الجزائريون على تناول وجبات وأطعمة معينة ربطوها بتقاليده. ولعل ”الشاربات” هي أكثر المشروبات التي يتوافد عليها الجميع في هذه المناسبات، غير أن هذه الأخيرة لم تعد طبيعية كما عرفت في السابق. فالإضافات النكهية والملونات وطريقة العرض والتحضير باتت تهدد حياة المواطنين بشكل غير مسبوق. في ظل تهافت مواطنين جزائريين على كل أنواع الأطعمة والمشروبات خلال شهر رمضان، ضاربين عرض الحائط نوعية هذه المواد وكيفية عرضها، فالمهم بالنسبة لأغلب هؤلاء هو ملء طاولة الإفطار بشتى أنواع الوجبات. كما أن لغياب الرقابة وتهاون المسؤولين خاصة في أيام رمضان دور في ذلك، حيث أن التجار الفوضويين الذين غيّر أغلبهم نشاطه بحلول هذا الشهر مغتنمين الفرصة للترويج لمنتجاتهم المختلفة.. طالما هناك دائما من يشتري. تتسبب ”الشاربات” سنويا في حالات كثيرة من التسممات الغذائية وسط المواطنين، خاصة بعد أن أصبح رمضان في الأعوام الأخيرة يتزامن وفصل الصيف، حيث تزيد درجة الحرارة المرتفعة من نسبة الخطر الذي تشكله، ففي الطاولات المعروضة في أغلب الأسواق، بل وفي كل زاوية من الأحياء تعرض أكياس بلاستيكية تحتوي سائلا أصفر اللون في الغالب، يصنع في أماكن مجهولة ويسوّق من طرف الشبان. والخطر في الموضوع يكمن في طريقة تحضير هذه السوائل التي باتت تحتوي الكثير من الملونات الغذائية والنكهات الصناعية، وكذا طريقة عرضها تحت أشعة الشمس الحارقة ودون أي شروط صحية للتبريد. ”الشاربات”.. مصدر للربح السريع هم شبان كثر اتخذوا من طاولات عشوائية نصبوها في كل مكان لبيع الشربات مصدر رزق في رمضان، غير مراعين أدنى شروط الحفظ الصحي لهذه المشروبات التي يشترط أن تكون باردة وبعيدة عن أشعة الشمس، لما تحتويه من مواد مضافة تؤثر على الصحة إذا تم تعرضها لأشعة الشمس، فكل هذا لا يهم بالنسبة لهؤلاء الشبان الباحثين عن الكسب السريع الذي يضمنه شهر رمضان، فبمجرد خطوات بسيطة لتحضير ”الشاربات” في البيوت وبعد وضعها في أكياس بلاستيكية، يجلس هؤلاء على قارعة الطريق لاستقبال الزبائن. محمود، هو أحد الشبان الذين اتخذوا من طاولة الشربات مصدر رزق خلال هذا الشهر يقول:”لا أملك مكانا محددا للبيع، فأنا أنتقل خلال اليوم عدة مرات من مكان لآخر بحثا عن الظل، كما أحاول التواجد في أكثر الأماكن التي يتوافد عليها الناس، فصباحا بجانب الأسواق وفي المساء أمام محلات بيع الملابس وأحيانا في الساحات العمومية”. وعن طريقة تحضير هذه المشروبات يقول محمود:”الكل يعلم أن الليمون هذه الأيام باهظ الثمن، ما يجعلنا نعوضه بنكهة الليمون الصناعية، مع إضافة بعض الملونات الغذائية التي لا ضرر فيها حسب ما أعلم”. ويضيف محدثنا قائلا:”لا شك أن المال الذي أجنيه من بيع هذه المشروبات ليس بالكثير، غير أنه يكفيني لسد حاجياتي اليومية، ولمساعدة أسرتي في مصروفها لهذا الشهر، كما أن نسبة الربح لا بأس بها، لاسيما أنني لا أستعمل المواد الطبيعية 100 بالمائة، بل أعوضها بأخرى صناعية مع إبقاء نفس الذوق”. خبراء يحذرون من خطورة ”الشاربات” نظرا لكثرة عدد الإصابات بالتسممات الغذائية الناتجة عن تناول الشاربات، والتي باتت المستشفيات تستقبل الكثير منها بعد الإفطار، يحذر المختصون من خطورة هذه المواد التي اعتبروها سامة، والتي تؤثر بشكل مباشر على صحة الفرد. وفي السياق ذاته تؤكد الأخصائية الغذائية ليلى مسكين، قائلة:” لو اعتبرنا أن الشاربات طبيعية ولا تحتوي مواد إضافية، وكانت طريقة حفظها وعرضها صحية، فلابد من التنويه أنها حتى في هذه الحالة من الممكن أن تكون ضارة، وذلك لاحتوائها على كمية كبيرة من الحوامض، أنصح بتجنبها عند الإفطار، حيث تكون المعدة خالية من الطعام فتتسبب هذه المواد الحامضة في الإضرار بالغشاء الداخلي للمعدة، ما يسبب تقرحات المعدة وعسر الهضم والعديد من النتائج السلبية التي تظهر بأوجاع المعدة”. وتضيف في السياق ذاته:”ولو كانت هذه المشروبات حاوية على إضافات غذائية وملونات، فالخطورة في هذه الحالة تتضاعف، فكل تلك المواد المضافة غير طبيعية، ولا أحد يعلم إذا كانت صالحة ولم تنته مدة صلاحيتها، كما نجهل إذا كانت صالحة للأكل حتى، ما يجعلها مصدرا للمشاكل الصحية المختلفة، وأهمها التسممات الغذائية الناتجة عن هذه المواد وتفاعلها مع درجات الحرارة المرتفعة”..