كلما حل شهر رمضان من كل عام على سكان مدينة الورود، تحيا معه عادات عتيقة تميز المدينة وضواحيها عن بقية مدن الجزائر العتيقة، تأصلت في المطعم والمشرب والحلوى، وتتزين بها موائد الصائمين عند الإفطار، ومع كل سهرة سمر بين العائلات وبين الأصحاب، وأصبحت علامات مسجلة لا غنى عنها، تتقدمها ''الزلابية البوفاركية، وحلوى الصامصة، وخاصة عصير الشاربات البليدي''. الزائر إلى البليدة ومدنها الداخلية، تقع عيناه على تحويل محلات بيع الأكل السريع والبيتزا والمقاهي إلى عناوين تعرض فيها الزلابية البوفاركية وعصير الشاربات المشهور بشربات الميخي. وكلما اقترب موعد الإفطار يقبل الصائمون من أهل البليدة على تلك المحلات لابتياع الحلوى والشاربات المعبأ في أكياس شفافة. وفي حيلة تجارية زاد الباعة في إضافة شبه سحرية تلوين المشروب فأصبح يتعدد بألوان زهرية وصفراء وخضراء فاتحة، للتأثير على عقول الزبائن، وإجبارهم على الشراء، مستغلين عطشهم الشديد بفعل صوم نهار حار. ويكشف سيد علي شعلان، صاحب مقهى عتيق بساحة التوت، ل''الخبر''، في هذا الشأن، أن بيع الشاربات السحري في الأيام الأولى من هذا الشهر الفضيل قلّ عليه الطلب، مقارنة بالسنوات الماضية، ويبرر العزوف عنه ربما لأن الناس مازالوا لم يعتادوا بعد على وتيرة الصيام. أما بائع ثان فيؤكد أن الطلب على عصير الشربات لرمضان الجاري أصبح قليلا جدا، والسبب، حسبه، يعود إلى المجموعة المتنوعة من أنواع المشروبات والعصائر التي تباع في كل مكان، ثم لغلاء فاكهة الليمون التي وصلت حدود ال300 دينار للكيلوغرام الواحد، ونقص وفرتها بالأسواق. كما يضيف صاحب بيتزيريا أغلقها لبيع الحلوى والشربات أن السبب يرجع إلى فقدان هذا العصير لمذاقه الطبيعي، وإضافة مواد كيمياوية حمضية إليه، وملونات جعلت الزبائن يستنكرون للطعم الجديد، ويستبدلونه بالمشروبات الصناعية الأخرى. إلا أنه وبالرغم من كل ذلك يظل الشربات عصيرا لا بد منه في ديكور موائد البليديين في شهر رمضان. الدكتور لامالي، طبيب مختص بمستشفى زميرلي، ل''الخبر'' ''السكر المكرر والأحماض غير مفيدة في رمضان'' نبّه الدكتور لامالي المختص في مستشفى زميرلي إلى أن الاستهلاك المفرط للسكريات لا يفيد الجسم خلال شهر رمضان بالضرورة، إذ أن هذه المواد، وعلى عكس المعتقد لا تمنح طاقة حرارية كبيرة، خاصة وأنها تحوي على سكر مكرر، وعلى ملونات، وبالتالي فإن كثرتها مضرة. وأوضح لامالي ل''الخبر'' أنه ''كثيرا ما يلجأ الصائمون بعد الإفطار إلى تناول كميات من الزلابية أو المسكرات، ظنا منهم أن الصيام يؤدي إلى تراجع في نسبة السكر في الدم، كما يتناولون المشروبات التي تحوي إضافات وملونات وأحماض مثل حمض السيتريك، في مواجهة العطش، ولكن يتعين التأكيد أن جسم الإنسان، وبفضل الدور الذي يلعبه الكبد، يتكيف بصورة كبيرة مع الصيام، ويضبط نسبة السكر في الدم بصورة دقيقة لضمان توازن الجسم وبالتالي، فإنه لا حاجة لتناول كميات كبيرة من السكريات مع الإفطار. مضيفا أن المشروبات التي تحوي ملونات وأحماض تضر أكثر مما تنفع. وقال لامالي ''نلاحظ مثلا أن موادا عديدة تحوي على مقدار معتبر من السكر المكرر والزيوت أو الدهون المركبة و، غالبا ما تساهم هذه المواد، إضافة الى الملونات، والأحماض. وهذه المواد تساهم في تزايد الدهون الضارة والكوليستيرول في حالة التناول المفرط لها، وفي مشاكل في الهضم والأمعاء، وعليه وجب تناولها بمقدار متواضع جدا، ويحبذ تناول مواد مثل التمر لاحتوائها على سعرات حرارية أكبر ومواد دهنية قليلة جدا، بدل المواد السكرية الأخرى التي تتحول جزئيا إلى شحوم. كما يتعين عوض ذلك القيام بتناول المياه والفواكه التي تساهم في إعادة تمييع الجسم. فضلا عن تناول المياه بدلا من المشروبات التي تحوي الملونات والأحماض، حيث تساهم المياه في إعادة تمييع الجسم، خاصة في أوقات الحر. الجزائر: ح. ص الشربات.. من منتوج يقدّم في السهرات إلى سلعة تجارية يؤكد عارفون بتاريخ المنطقة أن الشاربات المشهورة بعاصمة المتيجة تنحدر في أصولها من المغرب، واشتهرت ب''شاربات الميخي'' نسبة لصانعه، ويحضر العصير بشكل ملفت كلما حل على أهل البليدة شهر رمضان المبارك. ويقول عمي الطاهر، أحد سكان حي أولاد السلطان العتيق بوسط المدينة، إن عصير الشاربات أحد أساسيات المائدة الرمضانية البليدية، يحضر من مزيج الحليب والليمون والسكر وماء الزهر، وينكه بزهر الفل الطبيعي، ولدى البعض بالعسل الطبيعي أيضا، وهي عادة مطعم أهل البليدة في الشهر الفضيل إلى يومنا. ويؤكد عمي يوسف، أحد المهتمين بتاريخ المنطقة، أن الشاربات كانت تحضر من مواد طبيعية خالصة، وأن صناعتها كانت مقتصرة على العائلات، لأن مكوناتها كانت تتوفر لدى كل عائلة، خاصة شجرة ثمر الليمون التي تغرس وسط البيوت. ويضيف أن الناس أيام زمان كانوا يشترون قطع الثلج من أحد المصانع بباب الرحبة، وتحديدا عند بداية طريق الشريعة، ويصنعون الشاربات ثم يضعونه في إناء يفضل أن يكون من الفخار أو من البلاستيك، وليس من المعدن، وتضاف إليه قطع الثلج تلك لإبقائه باردا في أيام الحرارة الشديدة، أو يسكب في قنينات، وتغطى بكيس من القماش توضع فوقه قطعة جليد للحفاظ عليه باردا، ويقول إن الشاربات كان مرجعية لأهل المنطقة، ولم يكن في مراحل تاريخية قريبة سلعة تجارية، بل صناعة عائلية رمزية تقدم للضيوف وتهدى للجيران والأحباب عند الإفطار وأثناء السهرات. زكي حريز، رئيس جمعية حماية المستهلك، ل''الخبر'' ''على المستهلك التدقيق فيما يتناوله خلال رمضان'' شدد رئيس جمعية حماية المستهلك، السيد زكي حريز، أن المستهلك هو خط الدفاع الأول، حيث يتعين عليه التدقيق فيما يقتنيه من الحلويات المشرقية والمرطبات والمشروبات خلال شهر رمضان، لأنها من الكماليات. وأوضح حريز أن الإقبال على تناول الحلويات الشرقية والمرطبات والمشروبات، يجب أن يتم بالكثير من الحذر والتأني، حيث يتعين على المواطن أن يتزود بالثقافة الاستهلاكية ويحمي نفسه بنفسه، إذ ليست الدولة من تناط بها مهمة المراقبة، بل الجميع معني بذلك، كما يتعين التدقيق في الأماكن التي يقتني بها مثل هذه المواد، والتأكد من سلامة تحضيرها ، ومن بين التدابير الوقائية، حيث يقول حريز إنه يجب ''تفادي شراء أي سلعة معروضة دون توفر المقاييس والشروط الصحية، والتأكد من سلامتها وعرضها في الأماكن الملائمة، وتفادي شراء المنتجات التي تبقى على أزقة الشوارع لمدة طويلة، كما يتعين اقتناء المنتج في المحلات التي توفر نظافة، بداية بتحضير العجينة أو المشروب إلى غاية عرض المنتوج. وأعاد حريز التأكيد على أن الحلويات التي يتم تناولها في شهر رمضان ليست من الضروريات، بل هي كمالية، لذا، فإنه يجب دفع التجار إلى مهنية واحترافية أكبر والابتعاد عن الغش، مضيفا أن مهمة المراقبة لا تكفي، لأن عدد المراقبين حوالي 7000 لمليون تاجر، ولذا يتعين التوجه إلى الأماكن التي تتوفر على الشروط الصحية وشروط النظافة، وعدم المخاطرة بالصحة بمجرد تدني الأسعار. وعن اعتماد بعض التجار لتغيير نشاطاتهم في رمضان لتسويق المنتجات، التي تدر عليهم الربح، اعتبر حريز أن هناك نوعا من التواطؤ أحيانا يسمح بمثل هذه الممارسات، وقامت جمعية المستهلكين بعمليات تحسيس واسعة، ما بين 4 و9 جويلية، لترسيخ الثقافة الاستهلاكية، موازاة مع تقديم مقترح لوزارة التجارة بفرض دفتر شروط لكل مهنة، يتم التركيز فيها على الجوانب الصحية والأمن، قبل بداية أي نشاط تجاري. الجزائر: ح. ص مديرية التجارة تشدد الرقابة غلق محلات تبيع ''شاربات'' مجهولة المصدر شن أعوان المراقبة وقمع الغش، مطلع الأسبوع الجاري، عملية تفتيش للمحلات التي يعرض أصحابها مشروب الشاربات، وقاموا بغلق بعض المحلات، وأحيل أصحابها على القضاء، بسبب تسويقهم ل''الشاربات'' في أكياس مجهولة المصدر، لا تحمل أي وسم أو معلومات خاصة بالمنتوج. وحسب تصريح مدير التجارة لولاية الجزائر، يوسف عماري، فإن بيع الشاربات في المحلات يجب أن يخضع لشروط يجب على التاجر احترامها، وإلا سيتعرض لتحرير محضر الغلق من طرف أعوان المراقبة، بالإضافة إلى إحالته على العدالة بتهمة تسويق مشروب في أكياس مجهولة المصدر لا تحمل أي وسم أو معلومات خاصة بالمنتوج. حسب المدير الذي قال إن مصالحهم تلزم أصحاب المحلات الذين يبيعون ذلك المنتوج أن يكون حاملا لوسم تجاري ، مع احترام ظروف العرض. ومن جهة أخرى، أفاد ذات المسؤول أن أعوان المراقبة يقومون أيضا بمراقبة المحلات التي تقوم بصنع ذلك المشروب. الجزائر: سميرة مواقي