عادت المخرجة المسرحية صونيا إلى قضايا تعدّ طابو في المجتمع الجزائري، تتعلق بعدم إنجاب الرجل واتهامه للمرأة دائما، من خلال مسرحيتها ”يامنة” التي عرضت أول أمس على ركح بشطارزي بالعاصمة، في إطار المهرجان الوطني للمسرح المحترف التاسع الذي يستمر حتى ال8 من الشهر الجاري. ”يامنة” نص الكاتب فرديريكو غارسيا لوركا الموسوم ب”يارما”، اقتبسه الجزائري بوزيان بن عاشور، عبارة عن دراما اجتماعية تراجيدية غاصت في ظواهر لا يزال الحديث عنها يعدّ طابو، بل الصمت مطبق عليها إلا في حالات نادرة، رغم تغير عقليات المجتمع الجزائر وتطورها في الوقت نفسه. تحيك قصة ”يامنة” سيدة شريفة تواجه مصيرا مأساويا تعيش في وسط منغلق ومجتمع محافظ تحكمه العادات والأعراف والتقاليد والدين. ”يامنة” قصة امرأة تحمل الرغبة كأي سيدة تحب الإنجاب لكن قدرها شاء أن لا يكون ذلك، حيث لا يقاسمها زوجها ”الفردي” همّها ومعاناتها ووحدتها، فما يريده فقط هو التحصيل من العمل مركزا على حيواناته وحقول الزيتون التي يمتلكها بل يسعى إلى شراء المزيد من قطيع الأغنام والماعز دون مبالاة بزوجته التي تذكره في كلّ مرّة تلتقيه أثناء عودته من العمل بأنّها تريد صبيا تملأ به المنزل، متمسكة بحلمها، فتضل ”يامنة” تصارع سلوكات متعفنة مبنية على مناهج الأنانية لا تقبل الاختلاف السليم، حيث تقاوم ”يامنة” تيار يجذبها بالحاح للخطيئة في مجتمع يسبح في الخبث المموه، تلك هي ماسة ”يامنة” بل مأساة ”آلاف اليامنات في مواطن القسوة، قسوة الحظ الذي لا يملكه خيار العقل ولا يخضع لأي منطق. الزوج لا يبالي بها ولا يعيرها أي اهتمام حتى كشف لها عن نيته بأنّه يريد المادة وهي فقط وبيت دون أي شيء أخر. وهذا التصرف لم يعجبها فقررت الذهاب لإحدى عرافات القرية لمساعدتها على الانجاب. ولو أنّ هذا الأمر بيد الله هو من عطي وهو من يأخذ، فلم تسمع كلام صديقاتها وجاراتها بالتوكل على الله والصبر، فذهبت إلى حين اكتشف زوجها ذلك بمعية أختيه اللتين أخبرتاه. وبعد الصراع ظهر العكس واكتشف بأنّه ”عقيم” وليس ”يامنة”. ركزت المخرجة على سينوغرافيا جميلة نابعة من التراث الجزائري الأمازيغي تتعلق بهندسة المنازل والبيوت والأزقة، من خلال ديكور منوع يضم عناصر مختلفة، عبارة عن قرية قبائلية في الريف الجزائري. كما كانت الإضاءة متناسبة معه، إضافة إلى توظيف أصوات ”الحيوانات” باعتبار أنّ المنطقة فلاحية والبيت بمحاذة زريبة ”الفردي”. تغيرت السينوغرافيا خلال القصة ،وبالتحديد لما زارت ”يامنة” العرافة، فصورت المكان الموجود في الخلاء، لكن وقعت المسرحية في عدة أخطاء منها إعادة الموضوع وأنّ الفكرة المتناولة مستهكلة بشكل كبير، كما كان الرجل في العمل مجرد إنساني مادي ليس لديه مشاعر أو أحاسيس وكذا تميزه بالقسوة، حيث أهين في المشهد الأخير لما صرخت النسوة و”يامنة” و”العرافة” في وجهه بأنّه ”عاقر عاقر”، ما يشير أنّ المسرحية أعادت الاعتبار للمرأة على حساب الرجل، فاتهمته أنّه الظالم دوما مع تغاظي أخطاء المرأة ”يامنة” التي وقعت فيها واعتبرتها هينة وقليلة بالنظر الى تصرفاته، حيث كانت ”يامنة” تخرج ليلا دون علم زوجها وحاولت التقرب إلى أحد رجال القرية، وهو صديق الطفولة فحدث التلامس واسترجاع الذكريات الجميلة معا. شارك في أداء المسرحية الممثل محمد زياد طافر وحسين أيت قني سعيد، والممثلات كنزة طالبي، فاطمة حسناوي، رزيقة نهليل، دليلة أوزرويل، نصيرة شرف، وردية عوماري، نصيرة بن يوسف، والفنانة المعروفة عايدة كشود.