منظمة أولياء التلاميذ تحذّر وتقترح مخيمات مؤقتة عوض قرار إلادماج أولياء متخوّفون وأساتذة محتارون والوصايا بين المطرقة والسندان أثار ت تعليمة دمج ”أطفال اللاجئين الماليين بالمدارس الجزائرية” فوضى وسط أولياء التلاميذ الذين لم يتقبلوا الفكرة من الأساس، في ظل مشكل الاكتظاظ الشديد الذي تعيشه المدارس عبر كافة التراب الوطني، باستثناء المناطق الصحراوية، وهي التعليمة التي جسدت منذ سنتين على أطفال اللاجئين السوريين في عهد بن بوزيد، ليتكرر ذات المشكل مع الماليين في عهد بن غبريط، لكن أمام عدائية أولياء التلاميذ تخوفا على أطفالهم من انتقال الأمراض في ظل تجولهم بدون فحوصات طبية، فهل هذه التعليمة أصدرت حقا؟ وإن كانت كذلك فكيف سيتم إدماجهم في ظل تمدرس 40 تلميذا بالقسم الواحد على الأقل؟ ثم كيف سيتم تسوية وضعيتهم في ظل أن أغلبيتهم يتجولون بصفة غير شرعية؟ أسفر اجتماع وزارة الخارجية بالتنسيق مع كل المؤسسات المعنية دراسة إمكانية الوصول إلى استراتيجية فعالة بالاستفادة من خبرات الأزمة التي مرت على الجزائر بالعشرية السوداء وتسجيل ألاف النازحين نحو المدن الكبرى خوفا من الموت المحتم، عن طريق تجسيد فكرة ”الرجوع الطوعي” إلى بلدانهم مع إمكانية تمويلهم ماديا لتشجيعهم على ذلك. وفي الإطار كشفت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، سعيدة بن حبيلس، ل”الفجر”، أن مصالحها تسعى بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي والفدرالية العالمية للصليب الأحمر بالتركيز على توعية وتحسيس النازحين بضرورة الرجوع إلى بلدانهم ”إراديا”، مع إمكانية كيفية تمويلهم بمشاريع مصغرة بالرجوع إلى تجربة المصالحة الوطنية، مؤكدة أن الجزائر تتميز بسياسة الرفق والحماية. وفيما يتعلق بإدماج أبناء اللاجئين الماليين قالت بن حبيلس رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، أن ذلك يتطلب جهدا ووقتا خاصة وإن الأمر يتطلب تحديد مستويات كل طفل مالي عن طريق تصريح شرفي من قبل الوالي لمباشرة الدراسة، مثل ما حدث مع أبناء اللاجئين السوريين، إلا أن الأمر يختلف نوعا ما مع هؤلاء باعتبار أن أغلبيتهم يجدون صعوبة كبيرة في نطق اللغة العربية في ظل منهجية التعليم التي تقتصر بدولة مالي على اللغتين الإنجليزية والفرنسية. وأضافت بن حبيلس أن هناك صعوبة تامة في دمج هؤلاء إذا ما قورنوا بالأطفال السوريين، لأن منهجية التعليم بالجزائر تختلف كثيرا عن دولتهم باستثناء المواد العلمية، باعتبار أن الرموز عالمية بها. أكثر من 1000 طفل مالي في سن التمدرس دفعت الأزمة المالية إلى نزوح حوالي 1500 لاجئ إفريقي كالنيجر، غينيا والطوغو وبوركينافاسو وموريتانيا إلى المكوث بالحدود الجزائرية، إلا أن أغلبيتهم من دولة مالي والذين استقر بهم المقام بولايتي أدرار وتمنراست، خاصة منطقتي تيمياوين وتين زواتين الحدوديتين. وحسب بعض المصادر، فإن مدينة تمنراست لوحدها استقبلت أكثر من 200 عائلة نازحة من شمال مالي، أغلبهم من طوارق غاو وتمبكتو وتساليت وغيرها من مدن منطقة الأزواد، واختيارهم لمدينة تمنراست يعود لوجود روابط قبلية وعائلية وثقافية بين طوارق تمنراست ومالي. ولأجل ضمان تمدرسهم وعدم حرمانهم من التعليم الذي هو حق إنساني لكل طفل، فقد درست وزارة التربية الوطنية إمكانية التكفل بتمدرس أبناء اللاجئين الماليين في المدارس الجزائرية. ولتنفيذ هذا الإجراء قامت مديرية التربية لولاية تمنراست وبالتنسيق مع قنصلية جمهورية مالي، بإعداد قوائم اسمية لأبناء المهاجرين الماليين الذين انقطعوا عن الدراسة بسبب الحرب، وتم إصدار وثيقة موقعة من القنصل المالي تثبت المستوى التعليمي لكل تلميذ، حتى يتم إدماجهم في الطور المناسب لتمدرسهم. ولتفادي أي أمراض محتملة يمكن أن تنتقل إلى التلاميذ الجزائريين من نظرائهم الماليين، وتنتشر في الوسط المدرسي اشترطت مديرية التربية أن يتم فحصهم طبيا وتلقيحهم باللقاحات الملائمة قبل تسجيلهم في المدارس ويحضروا وثيقة من طبيب وحدة الكشف والمتابعة تثبت خلوهم من أي أمراض معدية. وهو الأجراء الذي وصل إلى تعميم الإجراء عبر كافة النقاط التي يتواجد فيها اللاجئون الماليون بكثرة، خاصة المناطق الوسطى التي استقرا بها الأسر المالية مثل الجزائر العاصمة،البليدة وعين الدفلى. مشكلة اللغة تعيق اندماج أبناء النازحين الماليين بالمدارس الجزائرية تطرح فكرة تمدرس الأبناء الماليين بالمدارس الجزائرية عراقيل عديدية ومتعددة في ظل صعوبة نطق لغة الإسلام، فأغلبهم لا يحسنون إلا اللغة الفرنسية والتارقية، على اعتبار أن لغة التدريس في مدارس جمهورية مالي هي اللغة الفرنسية، لذلك واجه هؤلاء التلاميذ مشكلة كبيرة جدا في التحدث بطلاقة لسان، وباحتمال دمج هؤلاء، فإن ذلك سيكون صعبا لا سيما المواد الأدبية متمثلة في اللغة والأدب العربي والتربية الإسلامية والتاريخ والجغرافيا، بينما لا تطرح مواد مثل الرياضيات والفيزياء الكثير من الإشكاليات، لأن الترميز عالمي وموحد يسمح بسرعة اندماج التلاميذ وفهمهم للدروس. ومن خلال سؤالنا لبعض الأطفال الماليين، وجدنا لديهم صعوبة كبيرة في فهم واستيعاب اللغة، فما بالك بالنظام الدراسي. وعدم فهم تلاميذ اللاجئين الماليين للغة العربية مشكلة تخص أيضا الأساتذة الذين سيجدون صعوبة تامة في التعامل مع هؤلاء، في ظل غياب استراتيجية مدروسة تتعلق بتعليمات وتوجيهات من قبل الوزارة للتكفل بهم والتعامل معهم، ولم تقدم مقترحات عملية تسهل إمكانية اندماج هؤلاء التلاميذ في النظام المدرسي الجزائري. المعلمون متخوفون من إمكانية تطبيق تعليمة دمج أطفال مالي إذا عدنا إلى إمكانية تطبيق دمج أطفال مالي بالمدارس الجزائري، فإن أغلب الأساتذة والمعلمين متخوفون من تدريس هؤلاء وحول كيفية تدريسهم، فقد صرح أغلبية المتحدثين ل”الفجر” أنهم في حيرة من أمرهم حول طريقة التصرف مع هذا الوضع الغريب والفريد، لأن هؤلاء التلاميذ سيصبح وجودهم في القسم كعدمه، لأنهم لا يفهمون لغة الأستاذ ولا يفهمون شرحه بالعربية، وحتى الكتب باللغة العربية، ورغم ذلك فإن تم تطبيق أمر تدريسهم فإنهم مجبرون على ذلك.. المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ ترفض الفكرة من الأساس أكد ممثل المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ، بن زينة علي، ل”الفجر”، أن مصالحه ترفض فكرة إمكانية دمج أطفال اللاجئين الماليين لأسباب عديدة ومتعددة، من بينها مشكل الاكتظاظ الذي تتخبط به أغلب المؤسسات التربوية عبر كافة 29 ولاية التي تضمها المنظمة، ومن بينها الجلفة والمسيلة ومستغانم والبرج وسطيف وتيبازة والمدية وإليزي وتمنراست والأغواط وقسنطينة.. وقال بن زينة أن أغلب مدارس هذه الولايات تتخبط في مشكل الاكتظاظ بكافة الأطوار التعليمة الثلاثة، حيث يتواجد بالقسم الواحد 40 تلميذا على الأقل، الأمر الذي تعمل المنظمة على محاولة حله، وفيما يتعلق بالمشكل الصحي فقد كشف بن زينة أن أغلب النازحين يتجولون بدون فحوص طبية، الأمر الذي يتسبب في فوضى وسط أولياء التلاميذ خوفا على أطفالهم المتمدرسين، مقترحا وضع مخيمات خاصة أو شاليهات مؤقتة لتدريس هؤلاء مع وضع أساتدة يجيدون اللغة الفرنسية وترجمة بعض البرامج والمواد لإمكانية امتحانهم مثل المتمدرسين الجزائريين والسوريين. وهو الأمر الذي يدفع إلى اجتهاد الوزارة وتخصيص جل إمكانياتها لتخصيص أساتذة من نوع خاص في بعض المواد بترجمة ملخصات لبعض الدروس إلى اللغة الفرنسية، وكذا ترجمة نصوص الاختبارات والفروض مع السماح لهم بالإجابة باستخدام اللغة الفرنسية كلغة كتابة مثلا، وبعض الأساتذة ممن يحسنون اللغة التارقية يمكن استخدامها أحيانا في الشرح والتوضيح، ورغم ذلك فإن هاته الحلول تبقى فردية وليست عامة، ما دام وزارة بن غبريط لم ترسل أي تعليمات في شأنهم! وتجدر الإشارة، يضيف بن زينة، أن أغلب التلاميذ اللاجئين من مالي لا يملكون وثائق ثبوتية، وإثبات مستوى كل طفل نظرا للظروف التي مروا بها والمعاناة القاسية التي تعرضوا لها جراء الحرب، حيث ستعتمد إدارة المؤسسات في حال قبول إدماجهم في المدارس الجزائرية على وثائق إدارية مؤقتة تحتوي على الاسم واللقب وتاريخ ومكان الميلاد والمستوى الدراسي، وهذا تسهيلا لعملية تمدرسهم وتسجيلهم في المؤسسات التربوية.