سوف يكون تدمير تنظيم ”داعش” أو إضعافه أو احتواؤه – وهي الأهداف التي اختارها الرئيس أوباما - الجزء السهل. ولكن سيكون إيجاد طريق للمتشددين للتعبير عن أنفسهم سلميا هو المشروع الأكبر، والأكثر صرامة والأكثر أهمية. عرض الرئيس أوباما في تصريحاته التي أدلى بها عقب قطع رأس الصحافي ستيفن ستولوف، مجموعة متنوعة من الخيارات. وقال: ”هدفنا واضح، وهو إضعاف وتدمير” تنظيم داعش، وأضاف أن الهدف هو ”التأكد من أن (تنظيم داعش) لا يمثل تهديدا مستمرا على المنطقة”. ثم قال إن الهدف هو الحد من خطورة الجماعة الإرهابية بحيث تصبح ”مشكلة يمكن التحكم فيها”. لا بد أن نأخذ في الاعتبار أن فكرة أوباما الرامية إلى إدارة مشكلة الإرهاب تنطوي على قتل الناس، دون سابق إنذار، حتى في البلدان التي نحن لسنا فيها في حالة حرب. إن ولع أوباما بالطائرات دون طيار كأدوات للمراقبة والاغتيال هو من قبيل أن أي زعيم إرهابي سيكون مجازفا إذا غامر. ولكن يبدو جليا أن تنظيم داعش لا ”يمكن التحكم فيه” في وضعه الحالي، مع تدفق الأسلحة والأموال والمجندين - واحتلال مساحات شاسعة من الأراضي في العراق وسوريا. لكن التركيز الكبير على قرار أوباما يغفل السياق الأوسع: الغريزة السياسية الأصولية التي يمثلها تنظيم داعش، أو بالأحرى التي يسيء تمثيلها. نحن نتحدث عن 15 ألف مقاتل أو أكثر - ليس تحديا كبيرا بالنسبة لأعظم قوة عسكرية عرفها العالم على الإطلاق. لماذا لا نحطم هذا التنظيم وننتهي منه إلى الأبد؟ دعونا ننظر إلى التاريخ الحديث. غزت القوات الأميركية أفغانستان في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، وهزمت طالبان بشكل سريع، وقامت بالقضاء على الملاذ الذي كان يدبر منه أسامة بن لادن أعمال الفوضى. وفي نهاية المطاف، دمر تنظيم القاعدة وقتل بن لادن. ولكن المتشددين لم يختفوا، بل انتشروا. فظهروا في اليمن، حيث دبر فرع نشط تابع لتنظيم القاعدة هجمات ضد الولاياتالمتحدة، بما في ذلك محاولة فاشلة لتفجير قنبلة وضعت في الملابس الداخلية. كما أنه ظهر في العراق بعد الغزو الأميركي والإطاحة بنظام صدام حسين الذي شكل فراغا ملأه المتطرفون. وبرز في الصومال، وليبيا، ومالي. وفي الوقت نفسه، ذهب المئات من الغربيين - معظمهم من الأوروبيين، وبعضهم أميركيون أيضا - للقتال إلى جانب تنظيم داعش. إن الجزار الذي ظهر وهو يقوم بإعدام ستولوف – ومن قبل زميله الصحافي جيمس فولي - تحدث الإنجليزية بلكنة بريطانية. وقال: ”لقد عدت يا أوباما”. وتعد رؤية تنظيم داعش للصراع في الشرق الأوسط، كجزء من صراع دام لقرون بين المسلمين والصليبيين مروعة وغير عاقلة. ولكن هناك نسخة أقل جنونا من هذه الرواية - التي تنطوي على الاستعمار والنفط – التي يقبلها الكثير من الناس، خصوصا في البلدان العربية. لقد كان هناك طغاة استحوذوا على السلطة في الشرق الأوسط لفترة طويلة خلال القرن العشرين، بدعم غربي، حاربوا الحركات السياسية ذات التوجه الديني. ولكن حتى بعد أن جرى حظر تلك الجماعات وإجبارها على العمل بشكل سري، تمكنت هذه الحركات من البقاء واشتدت شوكتها. وعندما جرى خلع حسني مبارك في مصر، تاركا تلك الفراغات المفاجئة، كانت جماعة الإخوان المسلمين هي القوة السياسية الأكثر جاهزية للأخذ بزمام الأمور. وأتيحت الفرصة لمحمد مرسي حتى يظهر للعالم أنه من الممكن أن تكون الحكومة التي يقودها حزب إسلامي عادلة ومتسامحة وفعالة. وأتيحت الفرصة للولايات المتحدة وحلفائها لمساعدة مرسي على النجاح. ولكنه فشل، وفشلنا نحن كذلك. هناك الكثير مما يفعله المتشددون غير متوافق مع العالم الحديث، وما يفعلونه يسبب البغض. أنا لا أتحدث عن العنف الفاحش والمسرحي الذي يرتكبه تنظيم داعش، والذي يفزع المسلمين الملتزمين ويشمئزون منه. إنني أشير في الغالب إلى مجموعة من المواقف التي تحتاج إلى الإصلاح.