من منا لم يتألم يوماً من تشنج العنق الذي يؤدي إلى وجع حاد لا يطاق، فالمصاب به يأخذ وضعاً معيناً لافتاً للأنظار، إذ يكون رأسه مائلاً أو معوجاً، ولدى محاولته تحريك رقبته فالويل له، إذ أقل حركة تثير لديه ألماً مبرحاً. ويحدث تشنج العنق نتيجة تقلص عضلات، أما أسبابه فكثيرة، ومنها أنه يكون نتيجة وضعية سيئة للرقبة خلال النوم مثلاً، أو عقب القيام بحركة مفاجئة غير عادية، أو إثر تلقي صدمة شديدة على العنق، أو بكل بساطة بعد التعرض لضربة برد على الرقبة. ومن باب العلم بالشيء، فإن الاختصاصيين في مشكلة تشنج الرقبة يقولون إن المصاب به غالباً ما يكون مسؤولاً عما يحصل له، ولكن يجب أن لا يغيب عن البال أن بعض الأشخاص يصابون أكثر من غيرهم بالتشنج، وذلك يرجع إلى طبيعة المهنة التي يمارسونها. لكن ما العمل في حال الإصابة بتشنج الرقبة؟ الاستراحة المطلقة والابتعاد عن أي محاولة لفك التشنج عبر مناورات فوضوية وعشوائية، فإنها لن تساهم في شيء سوى زيادة الطين بلة. وضع كمادة ثلجية لدى الشعور بتصلب الرقبة: فإن تمسيد النقرة بواسطة كمادة ثلجية يعتبر علاجاً ممتازاً في هذه الحال، خصوصاً عندما يكون التشنج ناتجاً عن التعرض للرض، فالبرودة تسمح بتخفيف الورم. إراحة الرقبة تماماً كما هي الحال في إراحة القدمين، لأن فقرات الرقبة وعضلاتها تحمل القحف وما في داخله الذي يزن حوالي 3.5 كلغ. عند الجلوس لفترة طويلة فإن هذا يشكل عبئاً ثقيلاً على الرقبة، لذلك ينصح بالمشي من وقت لآخر من أجل التخفيف من وطأة العبء. تناول المسكنات لأنها تعمل على تسكين الوجع وتأمين الاسترخاء، خصوصاً اثناء النوم. أيضاً يمكن استعمال المراهم الموضعية فقد تفيد في الحد من الألم. أخذ حمام ساخن أاو تسليط حرارة مجفف الشعر، فهما قد يعطيان حلاً سريعاً لوجع الرقبة. الجلوس الجيد مع دعم الظهر، لأن الرقبة تشكل جزءاً من العمود الفقري، الجلوس على الكرسي من دون سند الظهر يشكل دعوة مفتوحة لإثارة ألم العنق. في حال العمل على الكومبيوتر لساعات طويلة، يجب أن تكون شاشته في مستوى العينين. إن وضع الشاشة في مستوى أخفض من مستوى العينين أو أعلى منهما يؤدي إلى خلق أوضاع سيئة لفقرات الرقبة، قد ينتج عنها تشنجات مؤلمة في العنق. النوم على فراش جيد يؤمن الدعم المناسب لفقرات الظهر، خصوصاً فقرات الرقبة. والنوم السليم يجب أن يكون على أحد الجانبين أو على الظهر، فالنوم على البطن سيئ للغاية لأنه يزيد من حدة تقوس الرقبة، الأمر الذي قد يؤدي إلى إصابتها بالتشنج. النوم على وسادة مرتفعة تحفظ للرأس امتداده الطبيعي مع محور العمود الفقري، وعند النوم على الجانب يجب أن تملأ الوسادة الفراغ الموجود بين الرقبة وطرف الكتف. على أية حال، يجب تحاشي النوم من دون وسادة، لأن هذا يجعل فقرات الرقبة في وضع غير مريح إطلاقاً. الاسترخاء ثم الاسترخاء لتأمين ارتخاء عضلات الرقبة وإبعاد شبح التشنج عنها. إن التوتر يقود إلى تقلص عضلات العنق من دون أن يشعر الإنسان بذلك، وهذا ما يدفع إلى حدوث التشنج عاجلاً أم آجلاً. تجنب التعرض للتيار البارد أو للرطوبة، فهما عدوان لدودان للرقبة بما فيها وما عليها. إن اعتلال مفاصل الرقبة (الأرتروز) يشكل أحد أهم أسباب تشنج العنق المرضي، وتعتبر الوضعية الخاطئة في السرير أثناء النوم من الأسباب المشجعة لحدوثة خصوصاً عند استعمال وسادات عدة تجعل الرأس في وضع ملتو، وكذلك الأوضاع السيئة أثناء القراءة أو الكتابة أو مشاهدة التلفاز. يتطور اعتلال مفاصل الرقبة بشكل بطيء وعلى مراحل، تتخللها فترات من نوبات الآلام الشديد وتيبس الفقرة. إن إجراء صورة شعاعية لفقرات الرقبة يسمح بوضع التشخيص، إذ يظهر في الصورة تضييق في المسافة الواقعة بين الفقرات، إضافة إلى وجود مناقيد (زوائد) عظمية تتوزع هنا وهناك على أطراف الفقرات.