رفض مجلس النواب الليبي المنعقد بمدينة طبرق شرقي البلاد حكما من المحكمة العليا أبطل الشرعية لصالح المؤتمر الوطني العام في طرابلس، وأثار الحكم ابتهاجا واسعا لدى مؤيدي الثورة، في حين دعا تكتل فدرالي إلى إعلان ”دولة برقة” شرقي ليبيا. أعلن مجلس النواب عن رفضه التام لقرار المحكمة العليا، مشيرا من خلال بيان له أنه: ”لما كانت طرابلس تعد مدينة خارج السيطرة، وتحكمها مليشيات مسلحة لا تتبع شرعية الدولة، فإن الحكم قد صدر تحت تهديد السلاح”، وأضاف بيان البرلمان الذي تلاه النائب آدم بوصخرة، ”لذلك، فإن مجلس النواب يرفض الحكم الصادر بهذه الظروف، ويؤكد على استمراره واستمرار الحكومة المؤقتة المنبثقة عنه في مهامها كسلطتين تشريعية وتنفيذية وحيدتين في ليبيا”. ومن جهتها، أعلنت بعثة الأممالمتحدة في ليبيا في بيان أنها ”تدرس عن كثب” قرار المحكمة، التي اتخذته إثر عريضة قدمها نائب إسلامي يحتج على دستورية قرارات البرلمان المنتخب من الشعب. وفي طرابلس، قال رئيس المؤتمر الوطني العام، نوري أبو سهمين، إن الحكم الصادر بإبطال انتخابات جوان الماضي وما انبثق عنها من مؤسسات وقرارات، يجب أن يُستخدم لفتح حوار وطني. وأضاف في مقابلة تلفزيونية أن المؤتمر يدعو إلى الحوار، وطالب بوسهمين المجتمع الدولي بالاقتراب أكثر من حقيقة الوضع في ليبيا، داعيا إلى اتخاذ موقف جاد من الدول التي تورطت في القصف الجوي على بعض المدن الليبية. وفي هذا السياق، طالب رئيس الوزراء الليبي، عمر الحاسي، المبعوثَ الأممي في ليبيا بإعادة قراءة المشهد الليبي من جديد. وقال الحاسي في مؤتمر صحفي عقده بطرابلس، إن حكومته تتمنى من المبعوث الأممي أن يكون رسولا للمحبة بين الليبيين جميعا، وألا يكون جزءا من المشكلة. من جانبه قال رئيس حزب العدالة والبناء، محمد صوان، إن القرار الذي أصدرته الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا بداية لنهاية الصراع السياسي والانقسام الاجتماعي الحاصل في ليبيا، وأضاف أن القرار لا يُعدّ انتصاراً لطرف ضد آخر، بل هو انتصار للوطن وبداية لإقامة دولة المؤسسات والقانون. وجاء في الحكم أن القانون المنظم للانتخابات البرلمانية الماضية الذي أعدته ”لجنة فبراير” في المؤتمر الوطني ملغى، وهو ما يعني حل مجلس النواب الحالي، وكل ما ترتب عن هذا المجلس من قرارات تشمل تشكيل حكومة الثني والإعلان عن انتخابات رئاسية. وفي السياق ذاته، تظاهر الآلاف في مدن مصراتة والزاوية وغريان وزوارة وفي مدن أخرى بالجبل الغربي ابتهاجا بالحكم، وكانت أولى ردود الفعل صدرت عن النائب الثاني لرئيس المؤتمر الوطني الذي قال إن الحكم انتصار للوطن وليس لطرف على حساب آخر، مؤكدا أن كل ما صدر من قرارات وإجراءات عن مجلس النواب صارت في حكم المعدومة.ويرى مراقبون أن التطورات الأخيرة من شأنها أن تعمق الانقسامات داخل البلاد، وهو ما يعرقل جهود الوساطة التي تقوم بها الأممالمتحدة والتي طالبت جميع الأطراف بضبط النفس، مشيرين إلى أنها الفوضى السياسية التي تواجه ليبيا بعد قرار قد يفسح المجال أمام الأطراف السياسية المتصارعة لنزع غطاء الشرعية عن بعضها، ما قد يخلف فراغاً يليه صراع سياسي لا يقل خطورة عما تشهده البلاد من صراعات عسكرية.