تسببت قضايا الفساد التي تورطت فيها شركات حكومية على غرار شركة ”سوناطراك” في تراجع ترتيب الجزائر في ”مؤشر مدركات الفساد” المتعلق بقياس جهود الدولة في مكافحة الفساد، حيث حلت في المركز 100 عالميا ضمن 175 دولة ضمها التصنيف. صنف تقرير صدر أمس عن منظمة الشفافية الدولية، اطلعت ”الفجر” على نسخة منه، أن الجزائر في المرتبة 100 عالميا متراجعة بست نقاط مقارنة بترتيب عام 2013 حيث حلت في المركز 94 عالميا. وحسب مراقبين للشؤون الاقتصادية فإن سبب هذا التراجع هو قضايا الفساد التي تورطت فيها شركات حكومية وكذا استعمال الطرق الملتوية لكسب المناقصات كدفع الرشاوى، خاصة قضايا الفساد التي طفت على السطح خلال السنوات الماضية، والتي كانت ”سوناطراك” لاعبا أساسيا فيها، حيث اتهم مسؤولون وسياسيون وموظفون من ذوي المراكز الرفيعة بقبض رِشاوى ضخمة من شركات أجنبية لضمان الحصول على العقود، وكانت القطرة التي أفاضت الكأس ما يعرف بفضيحة ”سوناطراك 2” في فيفري 2013، عندما بدأ القضاء الإيطالي التحقيق في قضية شبهة تقديم رشوة ب265 مليون دولار للفوز بعقود مع ”سوناطراك” قدمها رئيس شركة ”إيني” الإيطالية للنفط والغاز المملوكة للدولة باولو سكاروني، تليها فضيحة الطريق السيار أو مشروع القرن الذي لا تزال تكلفته ترتفع يوما بعد يوم، حيث كشف وزير الأشغال العمومية، عبد القادر قاضي، الأسبوع الماضي، عن التكلفة الإجمالية للمشروع الممتد على مسافة 1216 كلم تقدر بنحو 13 مليار دولار أي أن معدل تكلفة الكيلومتر الواحد من المشروع هي 1 مليار دينار للكيلومتر الواحد، إضافة إلى قضايا فساد كشف عنها محققون بخصوص نظام رشاوى وعمولات يشمل أجهزة أمنية في البلاد ومسؤولين بارزين في وزارة الأشغال العمومية. وحسب التقرير المتعلق بقياس جهود الحكومة في مكافحة الفساد، فإن تراجع ترتيب الجزائر يرجع إلى تماطل الحكومة في مكافحة الفساد في مؤسسات الدولة. ووفق ما جاء في التقرير، احتلت الدنمارك المرتبة الأولى برصيد 92 نقطة من مائة، وتلتها نيوزيلندا، 91 نقطة، وكانت الصومال ثم كوريا الشمالية في المركزين 174 و175 ولكل منهما 8 نقاط. واحتلت الإمارات المرتبة الأولى عربيا والمركز 25 عالميا، وجاءت قطر الثانية عربيا والمركز 26 عالميا، والثالث عربيا لكل من البحرين والأردن والسعودية، واشتركوا جميعا في المركز 55 عالميا، ثم سلطنة عمان والكويت في المركزين الرابع والخامس عربيا والمركزين 64 و67 عالميا. ثم بعد ذلك تونس والمغرب ومصر والجزائر في المراكز 79 و80 و94 و100 على التوالي، وفي المراكز الأخيرة عربيا وعالميا جاءت سوريا في المركز 159، واليمن 161، وليبيا 166، والعراق 170، والسودان 173، ثم الصومال 174. وعليه قال خوزيه أوغاز، رئيس منظمة الشفافية الدولية: ”يظهر مؤشر مدركات الفساد 2014 أن النمو الاقتصادي يتقوض، وأن جهود وقف الفساد تتراجع عندما يسيء القادة وكبار المسؤولين استخدام الأموال العامة لتحقيق مكاسب شخصية”. واردف قائلا: ”يقوم المسؤولون الفاسدون بتهريب أموال تم تحصيلها بطرق غير مشروعة إلى حيث الأمان في شركات خارج أراضي دولهم مع الإفلات التام من العقاب”. وتابع: ”يجب على الدول التي حلت في قاع المؤشر أن تتبنى إجراءات جذرية لمكافحة الفساد من أجل تحقيق مصلحة شعوبها. ويجب على الدول في قمة المؤشر أن تعمل على ضمان عدم تصدير الممارسات الفاسدة إلى الدول ذات معدلات التنمية المتدنية”. ويستند مؤشر مدركات الفساد إلى آراء الخبراء حول فساد القطاع العام. ويمكن أن تتحسن درجات الدول من خلال انفتاح الحكومة، حيث يمكن للجمهور مساءلة القادة، في حين تشير الدرجات المتواضعة إلى تفشي الرشوة وغياب العقاب على الفساد، وعدم استجابة المؤسسات العامة لاحتياجات المواطنين. ودعت منظمة ”الشفافية الدولية” الدول التي تتصدر المؤشر، حيث الفساد في القطاع الحكومي جد محدود، لأن تكف عن تشجيع الفساد خارج أراضيها من خلال بذل المزيد من الجهود لمنع غسل الأموال ومنع الشركات السرية من إخفاء الفساد.