كشفت دراسة أعدتها الفدرالية الجزائرية للأشخاص ذوي الإعاقة، بالتعاون مع الإعاقة الدولية، أن 90 بالمائة من المعاقين في الجزائر غير متزوجين بسبب نظرة المجتمع السلبية تجاههم، وكذا ضعف وضعهم الاقتصادي، حيث أن أغلبهم لا يملكون سوى منحة الأربعة آلاف دينار التي لا تسد سوى جزء بسيط من احتياجاتهم اليومية. تدور الدراسة التي أعدتها الفدرالية الجزائرية للأشخاص ذوي الإعاقة، من جانفي إلى ديسمبر الجاري، حول ”الإدماج الاجتماعي للأشخاص ذوي الإعاقة على مستوى ولاية الجزائر بهدف فهم شروط حياة الأشخاص الذين هم في حالة إعاقة من الفئة العمرية من 15 إلى 45 سنة بولاية الجزائر العاصمة، عن طريق تحديد التسهيلات والعوائق التي تطرأ بالنسبة لإدماجهم الاجتماعي، وتستند الدراسة على 285 استمارة و48 مقابلة مع أشخاص في حالة إعاقة، وكذا مقابلات مع ممثلي السلطات العمومية ومنظمات تهتم بشؤون الأشخاص المعاقين. وعند تحليل المعطيات التي تم جمعها من خلال هذه الدراسة، أمكن رفع النتائج الآتية المنظمة حسب المجال الاجتماعي. 21 بالمائة من المعاقين أميون تبدأ معاناة الشخص المعاق منذ ولادته وتمتد إلى غاية وصوله لسن التمدرس، حيث تقابله الصعوبات المتعلقة بغياب التجهيزات المعقولة داخل المؤسسات التعليمية، ما يثبت أن المستوى التعليمي للمعاقين ضعيف وتشير الأرقام التي توصلت إليها الدراسة إلى أن 21 بالمائة من ذوي الاحتياجات الخاصة دون تعليم، وأن 55 بالمائة ذوو تعليم ابتدائي، و12 بالمائة ذوو تكوين ثانوي، و12 بالمائة متحصلون على دراسات جامعية. وينعكس المستوى التعليمي الضعيف للمعاقين على وضعهم الاقتصادي، حيث تسجل الدراسة انخفاضا مستمرا لدخل هؤلاء حسب المستوى التعليمي. 74 بالمائة من المعاقين دخلهم الشهري لا يتعدى المنحة في ما يتعلق بالضمان الاقتصادي والخدمات الاجتماعية، تشير الدراسة إلى أن 74 بالمائة من الأشخاص الذين أجريت معهم مقابلة، لهم نسبة دخل شهري يساوي أو أقل من 4 آلاف دينار في الشهر. كما أن 85 بالمائة من هذه الفئة يحوزون ”بطاقة معاق” ويستعملونها خاصة لأسباب اقتصادية أو للاستفادة من الأولوية. ورغم ذلك، فالعديد من الأشخاص الذين أجريت لهم مقابلة أشاروا إلى وجود صعوبات في منح البطاقة، وفي أغلب الأحوال تكون هذه الأولوية غير محترمة حتى على مستوى خدمات الدولة. صحة المعاق حدث ولا حرج؟ يضطر المعاق في الجزائر للوقوف في الطوابير بسبب عدم احترام نظام الأولوية ويتحمل طول فترات الانتظار للحصول على العلاجات الطبية، كما يعاني من نقص نوعية المساعدات التقنية. وحسب نفس الدراسة، فإن طريقة الدفع بالتعويض تعزز اللامساواة نظرا لأنها تشمل الشروط المالية للقيام بالدفع الأولي. من ناحية العمل والتكوين المهني، فذوو الاحتياجات الخاصة يعانون من حالة التمييز عند دخول سوق العمل، وأن أغلبية الأشخاص من دون شغل أو الموجودون حاليا في بطالة مستوى ابتدائي أو ليس لهم مستوى وأن لأغلبية الأجراء تكوين ثانوي أو عال. 90 بالمائة منهم عزاب لا يتمكن ذوو الاحتياجات الخاصة من إكمال نصف دينهم إما لأسباب تتعلق بنوع الإعاقة في حد ذاتها أو لأسباب مادية. وإذا تحدثنا بلغة الأرقام فإن 90 بالمائة من هؤلاء الأشخاص غير متزوجين، حسب ما تشير إليه الدراسة، أضف إلى ذلك ضعف وضعهم الاقتصادي وكذا دوام النظرة السلبية تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة، ما عزز سوء الوضعية، وتبقى الأسرة من أهم مصادر الإدماج للمعاق، منها الدعم العاطفي والمساهمة في النشاط العائلي ”رغم أنه تم تحديد العديد من الحالات السلبية في هذا السياق مثل إنقاص من قيمة شخص أو تمييز”. وفي مجال المساهمة الاجتماعية، يواجه ذوو الاحتياجات الخاصة جملة من الصعوبات في حياتهم اليومية، منها مشاكل إمكانية الوصول إلى المباني ووسائل النقل المختلفة، وحتى السير في الطريق العمومية، وكذا نقص المعلومات فيما يخص النشاطات المجهزة، زيادة على ذلك يجد المعاق نفسه دائما في مواجهة نظرة المجتمع القاسية والتصرفات السلبية معهم مثل الإهانة والسخرية وعدم الاحترام فيما يخص الأولوية. ومن أهم التوصيات التي خرجت بها الدراسة التي تنضوي تحت مظلة الاستراتيجية الوطنية للإعاقة ومبادئ حقوق الاشخاص ذوي الإعاقة، التي يجب أن تشمل آليات أكثر فعالية لمراقبة التشريعات القائمة، منطق شامل لإدماج المسائل المتعلقة بالإعاقة على مستوى المنظمات العمومية وتعزيز آليات الدعم الاقتصادي ”المنحة الاجتماعية شروط فعالة لتسهيل الوصول لسوق العمل”، ونشاطات تحسيسية وتوعوية بشكل عام، ولكن أيضا على مستوى هياكل الدولة وخاصة الخدمات الاجتماعية والصحة والتعليم والعدالة واعتماد خطة لتسهيل الوصول.