عبر 90 دقيقة، ينقل المخرج الأرجنتيني رودريغو فيا المشاهدين عبر أطوار فيلمه الوثائقي الموسوم ب” مرسيدس سوزا”، وهو فيلم تم عرضه سهرة أول أمس بقاعة الموڤار بالعاصمة، ضمن فعاليات مهرجان الجزائر للفيلم الملتزم، حيث يشارك العمل في المسابقة الرسمية للمهرجان الذي سيختتم عشية اليوم. واعتمد المخرج في رصد أحداث عن حياة الفنانة الرمز ”مرسيدس سوزا”، على مادة توثيقية هامة رصدت فيها حياة المغنية، وعززها بشهادات من أقرب الناس إليها، على غرار أولادها وأصدقائها وكذا أصدقائها في عالم الفن والغناء، كما اعتمد على كم هائل من تصريحاتها للصحافة التي بثت لأول مرّة في هذا االعمل. ويعتبر هذا الفيلم رحلة حميمة في عالم المطربة الأرجنتينية عبر صوتها وصور تُبث لأول مرة وشهادات العديد من الفنانين حول صوت أمريكا اللاتينية، نكتشف أيام طفولتها السعيدة وسط عائلتها الفقيرة في توكومان، يأخذنا الفيلم الوثائقي إلى الأماكن التي عاشت فيها، خاصة باريس أيام حكم الديكتاتور خورخي فيديا. ويشرح الوثائقي جيدا الأخطار التي كانت تحدق بها بسبب مواقفها السياسية والتهديدات بالقتل التي تلقّتها وشجاعتها في وجه الخصوم. ويدلي الفنانون الذين رافقوها والمعجبون بها وكذا أبناؤها وعائلتها وأصدقاؤها بشهاداتهم حول حياة عاشتها بحب وشغف، إذّ تمثل المغنية الأرجنتينية مرسيدس سوزا رمزا كبيرا لأهمية الفن في مقاومة الظلم والديكتاتورية، وشكلت أغانيها الوطنية تهديدا قويا لحكم الديكتاتور خورخي فيديا في منتصف سبعينيات القرن الماضي، ولم تكسب حبّ الشعب الأرجنتيني فحسب، بل أسرت كل شعوب دول أمريكا اللاتينية بعذب صوتها وقوة أشعار أغانيها. ويروي العمل الذي أنتج في سنة 2013، قصة المغنية ”الأيقونة” في الأرجنتينوأمريكا اللاتينية، مرسيدس سوزا التي عاشت حياة صعبة محفوفة بالخطر والحزن، تعرضت خلالها لتهديد بالقتل في أكثر من مناسبة، بسبب مواقفها وحبها لأرضها ومناهضتها للنظام الديكتاتوري في الأرجنتين، ووصل بها الأمر أن نفيت عنوة إلى ملجئها الاختياري بفرنسا، وقد استهل الفيلم بمشاهد لجنازة مرسيدس التي عرفت حضور حشد كبير من محبيها وعشاق صوتها المقاوم للنظام الأرجنتيني المتعنت وقتئذ، ثم إطلاق مجموعة من الشهادات المقتضبة لمجموعة من الفنانين والموسيقيين وأهل المغنية وصديقاتها، وجمّل عمله الوثائقي بأشهر أغاني مرسيدس التي تناشد العدل والحرية والحياة الكريمة. ويتضمن الفيلم رسالة إلى الفنانين من الجيل الجديد، مفادها أن الفن والغناء الملتزم بالتحديد يعد سلاحا له القدرة على مواجهة أشكال ظلم أنظمة الحكم الطاغية والجاثمة على قلوب شعوبها فحرمتهم من أبسط حقوق العيش الكريم المتمثل في الحرية. ويوضح المخرج ذلك من خلال إعادة مقاطع أغنية تؤكد أنها ستبقى تغني رغم كل شيء، فحسبها إن توقفت عن الغناء فهو كذلك توقف عن ممارسة الحياة، هي ميتة دون أن تغني لوطنها وشعبها.