أحدثت التوقعات التي تنبئ بأن أزمة النفط العالمية ستمتد لسنوات قادمة، وبأن سعر البرميل مرشح للانهيار أكثر في المرحلة المقبلة، زلزالا على مستوى الحكومة ودفعتها لمراجعة أولوياتها واستراتيجيتها المبرمجة للسنوات المقبلة. فقد وجهت هذه الأخيرة تعليمات صارمة لمختلف الهيئات الوزارية والمؤسسات الاقتصادية والمتحكمة في المشهد الاقتصادي للبلاد بضرورة الإسراع في تطبيق برنامج ”استعجالي”، يتم مباشرته بشكل ”جدي” في 2015 لتنويع مصادر الدخل وخلق الثروة للتخلص من التبعية للريع البترولي لسد نفقات الحكومة. وحسب ما علمته ”الفجر”، فقد شددت الحكومة على ضرورة تنويع الاقتصاد وتقديم تسهيلات للشباب لخلق مؤسساتهم وتجسيد مشاريعهم الاستثمارية، متوجهة بذلك إلى كافة الوزارات المعنية، على غرار وزارتي الصناعة والتجارة والعمل والتشغيل ومختلف وكالات دعم وتشغيل الشباب، على غرار لونساج، كناك ولونجام، لخلق مصادر جديدة للثروة في ظل الانهيار الحاد لأسعار النفط على المستوى العالمي. ويضيف مصدرنا أن الحكومة تخطط لإنشاء مليون و50 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة مبتكرة في الجزائر في ظرف 10 سنوات المقبلة. وتخسر بذلك الجزائر، حسب التوقعات، في حال استمرار نزول أسعار النفط بهذه الوتيرة، ما يقارب 40 بالمائة من مداخيلها التي تعتمد على نسبة 98 بالمائة من مداخيل المحروقات، وهو الأمر الذي دفع الوزير الأول، عبد المالك سلال، إلى اتباع سياسة تقشف غير معلن، حيث أكد في آخر تصريحاته خلال زيارته لقطر، أن عهد النفط في الجزائر ولى وأن الحكومة لن تعتمد على مداخيل المحروقات مستقبلا. وتواجه الجزائر ورطة حقيقية بسبب تراجع سعر النفط غير امسبوق ووصوله لأدنى مستوياته منذ أشهر، رغم حفاظها على استقرارها في الوقت الراهن باستقرار سعر البترول في حدود 85 دولارا للبرميل الواحد، ولكن المخاوف تزيد وتشتد بعد توقعات البنك العالمي بمزيد من التراجع خلال سنتي 2014 و2015. ويتوقع البنك العالمي مزيدا من تراجع الأسعار خلال العامين الحالي والمقبل بسبب تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي. وحسب الدراسة، يعود تراجع أسعار النفط الخام بمنافع عدة للدول المستهلكة، فهو يخفف الأعباء على فاتورة الطاقة العالية، كما يخفض تكاليف الإنتاج ويحفزه بسبب انخفاض التكاليف. وتقدر مجموعة ”سيتي غروب” أن يؤدي انخفاض أسعار النفط حاليا إلى تحفيز الاقتصاد بحوالي 1.1 تريليون دولار، أما بالنسبة للدول المنتجة كدول الخليج والعراق ومصر والجزائر وليبيا فإنّ تراجع الأسعار يعني تراجع الإيرادات وتخفيض النفقات.