أجهضت قوات مكافحة الشغب ورجال الشرطة وأيضا احتفالات فولكلورية، مظاهرات المعارضة كانت ستجوب شوارع العاصمة، تضامنا مع سكان عين صالح، انطلاقا من ساحة البريد المركزي. طوقت أعداد كبيرة من رجال الأمن بالزيين الرسمي والمدني، المنافذ الرئيسية من أول ماي، إلى شارع ديدوش مراد، وصولا إلى مقر البريد المركزي، منذ الصباح الباكر من أمس، المتزامن مع احتفالات ذكرى تأميم المحروقات، تحسبا لصد مظاهرات احتجاجية دعت إليها أطياف المعارضة قبل أسابيع. فعلى مستوى أهم المنافذ والهيئات الرسمية، مثل مقرات الاتحاد العام للعمال الجزائريين والبريد المركزي وسط العاصمة، طغت صور الاحتفالات الفولكلورية وأنغام ”الزرنة” وطلقات البارود التي تواصلت بعد منع رجال الشرطة تقدم مجموعة من قيادات تنسيقية الانتقال الديمقراطي إلى مكان الاعتصام. وقد اعتقلت مصالح الأمن نحو 18 شخصا من أنصار حركة ”بركات” والفيس المحظور وعائلات المفقودين، استجابوا لدعوة التنسيقية وحضروا إلى ساحة البريد المركزي للتظاهر ضد التنقيب عن الغاز الصخري، إلى جانب اعتقال ابن حملاوي عكوشي وصحافيين، وآخرين تم منعهم من تصوير تسييج المكان، فيما تعرض متظاهرون وسياسيون من نواب تكتل الجزائر الخضراء للتعنيف من طرف قوات الأمن. وتحدثت المعارضة عن وجود أزيد من 50 ألف رجل أمن منتشرين بشوارع العاصمة، واعتبرت حركة النهضة أن الوقفة التضامنية ”ناجحة” بدليل تحولها إلى مسيرة شعبية، بالرغم من تسخير السلطة لأزيد من 50 ألف عون أمن لقمعها. وعقد أعضاء هيئة التشاور والمتابعة بمقر حركة النهضة، اجتماعا طارئا لبحث أسلوب تحركهم لاحقا، بعد الحصار الأمني الذي شهدته العاصمة لمنع الوقفة الاحتجاجية، فيما وصفت حركة مجتمع السلم ساحة البريد المركزي بأنها ”مدججة بالشرطة والحواجز للتضييق على المعارضة”. وفي هذا الصدد، تقدم كل من علي بن فليس، رئيس الحكومة السابق، ورئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، ورئيس حزب الأرسيدي عبد المحسن بلعباس، صفوف المتظاهرين بشارع ديدوش مراد، ليجتمعوا بمقر هذا الأخير معارضين استغلال الغاز الصخري. في المقابل، استمرت مصالح ولاية الجزائر طيلة نهار أمس، في تنظيم احتفالات فولكلورية بمناسبة ذكرى تأميم المحروقات، إذ شهد مقر اتحاد سيدي السعيد، تواجد فرق موسيقية وعروض شعبية، وإقامة سباق للدراجات انتهى بساحة البريد المركزي، الأمر الذي تسبب في ازدحام مروري خانق يكشف عن ”تجاهل” المسؤولين، خاصة وأنه تزامن مع يوم عمل ودراسة، حيث شوهد توافد تلاميذ المدارس إلى المكان الذي كان يعج بمختلف المواطنين والفضوليين، وتم ذلك بحضور والي العاصمة عبد القادر زوخ، لفعاليات المهرجان الشعبي الذي أجهض مهرجان السياسيين. أمين لونيسي
حضرها بن فليس وقادة التنسيقية اجتمعوا بمقر الأرسيدي المعارضة تصف خرجاتها ب”الإنجاز التاريخي” وتندد بقمع السلطة وصفت أحزاب المعارضة المنضوية تحت لواء تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، وقفتها مع سكان عين صالح بالعاصمة، بالإنجاز التاريخي الناجح بكل المقاييس رغم حملة الاعتقالات التي تعرضت لها من طرف رجال الأمن، الذين قالت إنهم استعملوا العنف ضدهم، ووصفت السلطة ب”القمعية” التي أكدت وجود نظام مستبد. كشف رئيس حزب جيل جديد، جيلالي سفيان، أن السلطة سخرت أكثر من 15 ألف شرطي للتصدي لوقفة احتجاجية قالت التنسيقية بشأنها سابقا إنها سلمية. واعتبر خلال ندوة صحفية جمعت قادة أحزاب تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، أن ما قامت به المعارضة ”إنجاز تاريخي” دعمه المواطنين الذين حضروا بقوة وعبروا عن رفضهم لاستغلال الغاز الصخري، مبرزا أن اجتماع ستعقده التنسيقية اليوم، لوضع حوصلة عن خرجاتها. أرزقي فراد: ”النظام أثبت أنه مستبد ويخشى حتى الوقفات السلمية” من جهته، قال الحقوقي محند أرزقي فراد، الذي كان متواجدا في الوقفة الاحتجاجية أن النظام أثبت من خلال هذه الوقفة أنه ضعيف وهش ويخشى الوقفات بالنظر إلى الكم الهائل من رجال الشرطة الذين طوقوا العاصمة، مبرزا أن السلطة أكدت أنها قمعية، بحيث تمنع المواطنين من ممارسة حقهم في الوقفة المكفولة دستوريا، وأضاف أن المعارضة كانت ولاتزال موجودة للدفاع عن الدستور بعد أن قدمت السلطة عوامل تشير إلى أن النظام يتهاوى وشمسه قربت إلى المغيب، ويرفض مبدأ التداول على السلطة. وأكد رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، أن الوقفة الاحتجاجية التي قامت بها المعارضة تعد إنجازا تاريخيا ونجاح بكل المقاييس، وأضاف أن المعارضة بالرغم من عدد أفرادها القليل، إلا أنها قامت بإخراج آلاف الشرطيين، مؤكدا أن وقفة أمس، تعد خطوة ناجحة لكل الجزائريين نحو فرض التغيير بعد أن تم كسر حاجز الخوف من النظام البوليسي. يونسي: ”نتأسف للطريقة التي تعاملت بها قوات الأمن مع قادة الأحزاب” وعبر رئيس حركة الإصلاح الوطني، جهيد يونسي، عن أسفه للطريقة التي تعاملت بها السلطة مع الوقفة بما يتعارض مع ممارسة الشعب لحقه في التعبير السلمي، ”الأمر الذي يزيد المسافة الفاصلة بيننا وبين مقتضيات دولة الحق والقانون”، وقال في وقفة الجزائر العاصمة ضد استغلال الغاز الصخري ”نتأسف لوجود تطويق أمني كبير لمنع الوقفة في ساحة البريد المركزي رغم أن القادة أكدوا سابقا أنها سلمية”. من جانبه، أكد رئيس حزب طلائع الحريات، علي بن فليس، أن ما قامت به السلطة من قمع للمسيرة السلمية بالاستنجاد بمصالح الأمن غير مبرر قانونيا، ويعتبر سلوكا تعسفيا غريبا، يتنافى وروح الدستور والقانون، كما أنه يعتبر رسالة سياسية جد سلبية من طرف السلطة للداخل والخارج، وينم عن غياب أدنى إرادة لفتح مجال الحريات السياسية في الجزائر، واستطرد بأن ”السلطة لا ترغب بتاتا في اجتماع الطبقة السياسية الجادة والمسؤولة والتعاون على خدمة الجزائر، وإنما القصد هو العمل على تشتيتها”، مضيفا أن ”هذه المسيرة السلمية كانت من أجل الوقوف مع إخواننا بالجنوب الكبير ونصرتهم في قضيتهم التي تدعو لوقف استغلال الغاز الصخري”.