أعاب المشاركون في المؤتمر العلمي الدولي السنوي الثاني الخاص بطرق التكفل بالمسنين، ضعف الاهتمام بالدراسات والأبحاث التي تعنى بهذه الفئة في المجتمعات العربية. وهو الأمر الذي جعل أغلب مداخلات الأساتذة الباحثين عبارة عن تنظير لطرق التكفل الجديدة بفئة المسنين فقط، ويغيب الجانب التطبيقي بتقديم دراسة ميدانية يمكن تفعيلها على أرض الواقع، خاصة أن المؤتمر شهد غياب كثير من الباحثين المشاركين بمداخلاتهم. وكان من بين أهداف المؤتمر الرامي لطرق التكفل الجديدة وسبل الوقاية من المشكلات النفسية والاجتماعية لدى المسنين، تحت شعار ”صحة جيدة من أجل شيخوخة أفضل”، هو إيجاد سياسة شاملة لتحسين ظروف التكفل بهذه الفئة من الناحية النفسية الاجتماعية والطبية وفي الوسط المؤسساتي والعائلي، وكذا تبادل الخبرات بين المتخصصين في مجال الشيخوخة والأمراض التي تصاحبها، وتشخيص هذه المرحلة العمرية الهامة حيث تشير الاحصاءات السكانية بشكل عام إلى تزايد نسبة الشيخوخة في العالم بمعدلات كبيرة خاصة في الدول النامية. ليؤكد البروفيسور فريد المسيوي من جامعة ”فانسان باريس 8” عبر مداخلته بعنوان ”شيخوخة السكان: سؤال حارق” أنه من بين العوامل التي تعمل على ارتفاع متوسط عمر المسنين هو تحسن التغذية وتوفر شروط صحية أحسن، كذلك انخفاض وفاة الرضع والأطفال. ويضيف المسيوي أن أهم عاملين يصنعان شيخوخة ناجحة هما مكانة الشخص المسن ومدى تكيفه في الوسط الاجتماعي. في حين أن الباحثة سوسن بلحاج قاسم من جامعة قرطاج أكدت من خلال مداخلتها بعنوان ”برامج التدخل الاجتماعي لفائدة المسن” أن تونس تمكنت من تحقيق انجازات في مجال رعاية المسن ذلك بتوفرهم على السجل الوطني للمسنين الذي يحصي هذه الفئة بغض النظر عن الفوارق الاجتماعية والمادية، كذلك أثبتت من خلال دراسة ميدانية قامت بها على مستوى تونس العاصمة وما جاورها من مدن أن المجتمع التونسي، لايزال مهتما برعاية مسنيه معتبرا العملية قيمة اجتماعية. أما محمد ضو علي، مسؤول بمدرسة خاصة بالجزائر، فقد أكد أن رعاية المسنين اجتماعيا تتطلب اعداد أخصائيين للتكفل الحسن بهم، كذلك التشاور معهم في كل جوانب الحياة وتكوين جمعية ”أصدقاء المسنين”. ويتفق الباحثون في المؤتمر على أن مشكل الشعور بالاكتئاب والانطواء والعزلة الاجتماعية غالب على حالة أغلب المسنين بمجتمعاتنا العربية، وهذا راجع لعدم مشاركتهم في الأنشطة الاجتماعية، خصوصا إذا تمت إحالتهم على التقاعد بطريقة إجبارية، لتشير الدراسات أن طول فترة التقاعد تزيد نسبة ارتباط المتقاعد بالبيت، علما أن الإحالة على التقاعد يعتبر ”حدثا” هاما لكل من المتقاعد وأسرته، وقد يخلق ذلك سوء التوافق الأسري. لذا اعتبر الباحثون أنه من الضروري تطوير البرامج الإعلامية الموجهة لهذه الفئة.