خرجت أغاني الراي الهابطة والمخلة بالأخلاق من مضجعها الليلي لتدخل بيوت بعض العائلات الجزائرية، وتجد لها مكانا حين تكون مجتمعة. فبعد المزج بكل الأنواع الموسيقية لتراثنا في الأعراس ومختلف الأفراح، ها هي أغاني الراي تلقى نصيبها رغم كثير من الإيحاءات الكامنة في كلماتها الرديئة والتي تخدش الحياء وقيم المجتمع في الأساس. لم تعد أغاني الراي حكرا على فئة من الشباب، حتى أنها ارتبطت بالنوع المنحرف منهم لسنوات، بعد أن أخذت أغنية الراي منعرجا غير الذي كان في أصلها. لتأخذ حصة الأسد في كثير من أعراس العاصميين هذه السنة، التي لم تخل فيها حفلة زفاف كنا حضورا فيها من هذا النوع الغنائي. والغريب في الأمر أن ”الديسك جوكي” يعرض الأغنية الأولى بشكل مهذب ليستقطب بها فئة الشبان للرقص على نغماتها، وبعد التجاوب الكبير تكون الأغاني الموالية غريبة عن مسامعنا بالنظر لقيم مجتمعنا، كونها تحمل إيحاءات جنسية مشينة، وهي التي عرفت قبلا أنها نابعة من الملاهي الليلية. المعروف عن المنظم الموسيقي أنه يتبع الجانب التجاري بالنظر لطلب العائلة صاحبة العرس، وهذا ما أكده لنا صاحب ”ديسك جوكي” في قوله ”إن بعض العائلات تطلب عرض أغان نرفض نحن شخصيا بثها أمام مسامع العائلات، حتى أنني لم أضفها في القائمة، فأغاني الراي التي أعتمدها في الأعراس أحرص على أن تكون كلماتها مقبولة، وأن لا تثير استياء لدى البعض”.. ضيوف يغادرون العرس بسبب أغاني الراي لقيت أغاني الراي رواجا كبيرا سنة 2015 بحفلات الزفاف مقارنة بالسنوات الفارطة، التي اقتصر عرضها بأعراس ليلية وحفلات شبابية متهورة، حتى أن بعضا من العائلات تجلب أشباه مغنين عرف اسمهم بالملاهي الليلية ومن الجنسين، ويحظون بالكرم والاحترام والتقاط صور ”سيلفي” وغيرها، ويزاح من الطريق مطربو الغناء الشعبي والعاصمي الأصيل. لكن هذه التصرفات لا يستحسنها البعض الذي وجد في أعراسنا اليوم عادات غريبة لا يمكن أن تستبدل بتراثنا الأصيل، حيث بادرت سيدة كنا نجاورها في جلوسنا ونحن في حفل زفاف أحد الجيران بالخروج، رغم أن العرس كان في بدايته، وحين سألتها أحد المضيفات عن سبب مغادرتها باكرا، أجابتها السيدة أن ”أغاني الراي المعروضة لا يجب أن تكون على مسمع عائلي، كما أن هذا السلوك دليل على عدم احترام الضيوف، فمكاني ليس هنا”. رغم أن تراثنا الموسيقي الطربي والفولكلوري جميل وحيوي، ويتلاءم مع عدة مناسبات، إلا أن بعضا من العائلات اختارت بديلا ليس أجود منه كلمات ولا أعذب منه نغمات.. فهل ستكون أغاني الراي الهابطة موضة عابرة بأعراسنا، أم أنها بسطت نفسها على الركح؟. ومن المسؤول عن هذا التدني الذي يتنافى مع الذوق السليم والفن الجميل؟!.