يقدم المسرح الجهوي لسوق أهراس عمله الثالث لسنة 2015 والموسوم ب”اللاز”، وهي مسرحية مقتبسة من رواية الأديب الجزائري الكبير الراحل الطاهر وطار، والتي اقتبس نصها الكاتب محمد بورحلة وأخرجها يحيى بن عمار. رواية ”اللاز” لعمي الطاهر والتي عرف بها في العالم العربي وتمت ترجمتها للغات عديدة، سترى النور ركحيا على خشبة المسرح الوطني الجزائري في الثاني من جانفي الداخل. وفي ندوة صحفية أمس بالمسرح الوطني الجزائري، قال مقتبس النص الكاتب محمد بورحلة أن الطاهر وطار قامة في خارطة الأدب العربي وروايته ”اللاز” عمل مفصلي في تاريخ الأدب الجزائري، مضيفا بأن الرواية تطرقت لبعض تفاصيل الثورة الجزائرية خصوصا وأن ”عمي الطاهر” عايشها بحكم أنه جاهد في سبيل تحرير الجزائر. وقال بورحلة بأن الطاهر وطار كتب الرواية بالطريقة التي تسهل تجسيدها ركحيا، حيث تتسم بوحدة الزمان والمكان، وتتميز بحبكة واحدة مع كثير من المناجاة، مضيفا بأن الاشتغال على نص الطاهر كان سهلا لأن هذا الأخير كتبه بأسلوب سينمائي، ولكن في نفس الوقت دفع طاقم العمل للاجتماع في إقامة لمدة أسبوع رفقة المخرج ومدير المسرح الجهوي لسوق اهراس، من أجل تبادل الأفكار حول نص كبير من حيث بنيته السردية وإشكالياته المطروحة، خصوصا بعض الأمور التي احتواها النص وتعتبر من المسكوت عنها. من جهته، قال مخرج المسرحية يحيى بن عمار أنه أخذ من رواية ”اللاز” ما يتماشى مع العمل المسرحي، موضحا في ذات السياق أن الاقتباس تم على شاكلة المسرح الإغريقي وأن المادة الأدبية تكتسي طابع التراجيديا الإغريقية. واعتبر بن عمار أن الاشتغال على نص الروائي الجزائري الكبير الطاهر وطار شرف كبير له لأنه يعتبره أب الرواية الجزائرية بعد الاستقلال ورجل معروف بمواقفه الأدبية والسياسية، منوها بالطريقة التي يكتب بها ”عمي الطاهر” لكونه يكتب الرواية بالشكل السينمائي، ولكن في نفس الوقت لا أحد تشجع لإخراج رواية ”اللاز” لأنها تحمل طرحا تاريخيا، مضيفا بأنه لولا الطاهر وطار لما كانت هناك أسماء مسرحية ويمكن اقتباس 10 مسرحيات على الأقل من رواية ”اللاز”.وقال المخرج أن الرواية تتحدث عن الثورة وتقدسها أكثر من الرجال، داعيا في الوقت ذاته للاهتمام بالأدب الجزائري والمحلي في بعده الإنساني لأنه أجدر بأن يتحول إلى أعمال مسرحية وسينمائية. وتتمحور المسرحية حول قصة مجموعة من الثوار الذين يلقى عليهم القبض في كمين للمستعمر الفرنسي، ومع مرور الوقت يدخل بينهم الشك حول خيانة بعضهم البعض، وفي رواية اللاز التي تتحدث معظم أحداثها عن فترة المقاومة الجزائرية للاستعمار الفرنسي، يطرح الكاتب مشكل الاستعمار وما يفرضه من ظلم على البلاد التي يحتلها، فيقسّم السكان معنا أو ضدنا، ومن هنا يجد الإنسان نفسه بين نارين، نار الثورة ونار الاستعمار، وكلاهما يمارس العنف والتصفية على معارضيه. صور لنا الطاهر وطار في روايته اللاز الدم ومعنى كلمة اللاز هي البطل، لكن هذا البطل سرعان ما يتحجم ويكاد يختفي منذ منتصف الرواية، ليتحول ”اللاز” إلى الجماعة التي تعنى بالثورة، لكن في الثورة تحدث صراعات، فالثورة ليس لها إلا وجه واحد، وعندما تجد أن المقاومين متعددو المشارب السياسية، تحاول هذه الثورة أن تصفي بعض الإيديولوجيات على الرغم من أن قضية النضال ضد الظلم عالمية، حيث يشترك في المقاومة الجزائرية إلى جانب المجاهدين الجزائريين عدة أفراد ينتمون إلى أحزاب شيوعية، إلا أن هذا النضال لا يقبل منهم في النهاية ويتعرضون إلى محكمة صورية تخيّرهم بين التخلي عن المبدأ أو الذبح فيختارون الذبح.