أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني، محمد العربي ولد خليفة، بتيرانا، عاصمة ألبانيا، أن التعديل الدستوري الذي صادق عليه البرلمان بغرفتيه من شأنه أن يؤدي إلى بناء صرح للديمقراطية المطمئنة في كنف مجتمع متماسك وآمن للجزائر. وأوضح ولد خليفة، في كلمة ألقاها خلال أشغال الدورة العاشرة للجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، أن كل المكتسبات التنموية والديمقراطية سوف تتعزز مستقبلا بفعل تبني الجزائر لتعديلها الدستوري الأخير، مضيفا أنه عزز هذا التعديل ”الفصل بين السلطات ومكّن المعارضة السياسية من حقوق دستورية غير مسبوقة، كما وسع من مجال الحقوق والحريات وحصن الهوية وكرس المواطنة الجزائرية كقيمة جامعة وكمصدر للشرعية والتشريع”. ولدى تطرقه إلى ظاهرة الإرهاب، قال رئيس البرلمان، أن الجزائر التي عانت من الإجرام الإرهابي لعشرية كاملة، استطاعت أن تقوي مناعتها الداخلية ضد هذا التهديد كما تؤكده المؤشرات الدولية حول الخطر الإرهابي، وكذلك الإحصائيات الخاصة بالمقاتلين الإرهابيين الأجانب والتي تبرز قلة الجزائريين في التنظيمات الإرهابية الدولية مقارنة بالعديد من دول المتوسط وخارجه، وتابع أنه هذا يؤكد ”جدوى الاستراتيجية التي تبنتها الجزائر لمكافحة هذه الظاهرة والتي كانت عقلانية ومتكاملة وشاملة وإنسانية مع احترام قواعد الحق والقانون والأخلاق المجتمعية والقيم الدينية والحياة الإنسانية”. وأبرز المتحدث أن الجزائر تمكنت من استعادة أمنها واستقرارها بفضل سياسة السلم والمصالحة الوطنية وبفضل الإصلاحات الاقتصادية والسياسية العميقة التي بادر بها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، موضحا أن هذا المسعى مكن الجزئر من ”إطلاق مشروع نهضوي وتنموي طموح بميزانية ضخمة، قلص من نسب البطالة وحقق كل أهداف الألفية للتنمية قبل الوقت، ورسم معالم اقتصاد متنوع ومتكامل، ووفر أرصدة ضخمة من احتياطي الصرف يجنبها التداعيات السلبية لتقلبات السوق العالمية للنفط”. واستطرد ولد خليفة، أن الجزائر استطاعت ”تعزيز مناعتها الوطنية نتيجة الإصلاحات السياسية التي عرفتها منذ 1999 والتي جعلت منها قلعة للأمن والاستقرار والديمقراطية في مجال جيوسياسي مضطرب”، ما مكنها من ”لعب دور داعم للسلم والمصالحة في جوارها من خلال المساهمة في حل الأزمة المالية والسعي الدائم لمساعدة الليبيين في بناء دولة موحدة وآمنة مع احترام مطلق لمبادئ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول”. ويرى المتحدث أن مكافحة ظاهرة الإرهاب تستدعي بناء مقاربة استباقية وشاملة تجمع بين التعامل الأمني والتعاون الإقليمي والدولي والتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية في ظل دولة الحق والقانون، مؤكدا أنه في ظل التحديات الكبرى التي تعرفها المنطقة المتوسطية وأمام تنامي التهديد الإرهابي وتزايد الكوارث الإنسانية، ”أصبح من الواجب الإنساني والحضاري العمل المشترك من أجل حل الأزمات العالقة في سوريا وليبيا عن طريق الحوار الوطني الجامع بالمصالحة الوطنية وبعيدا عن كل أشكال التدخل الأجنبي”. ودعا رئيس البرلمان إلى ”مزيد من التعاون والتنسيق لمساعدة البلدان غير المستقرة على التحكم في مجالها الإقليمي وفي إدارة حدودها وتحقيق درجة من الوفاق والتجانس التي تسمح لشعوبها بحياة آمنة وتقلل من احتمالات مغامرة بعض مواطنيها للهجرة غير الشرعية لبلدان أخرى قريبة أو بعيدة هربا من الحرب ووحشية الإرهاب”، وذكر بظاهرة تدفق اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين في المنطقة المتوسطية، ما يستدعي ”صحوة حقيقية لضميرنا الانساني لإنقاذ ومساعدة مهاجري اليأس، مع الإبتعاد عن الحلول النمطية القائمة على التضييق الأمني على حركة المهاجرين”.