وقعت وفود دولية بمقر هيئة الأممالمتحدة في نيويورك اتفاقية باريس للمناخ. وافتتح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، يوم الجمعة، عملية التوقيع والتي تشمل رؤساء دول أو حكومات أو مسؤولين من 171 دولة في مقدمتها الولاياتالمتحدةوالصين. ودعا هولاند دول العالم وبالأخص الاتحاد الأوروبي إلى تكريس الاتفاق إلى ”أفعال”، واعتبر الاتفاقية بمثابة ”حياة كل أجيال المستقبل”. وتابع القول ”يجب التحرك بسرعة”. وصادقت عليها في وقت سابق، نحو 15 دولة، غالبيتها جزر صغيرة الأكثر تضررا من الانبعاث الحراري، ومازال ينبغي أن تتخذ عشرات الدول الأخرى هذه الخطوة الثانية حتى تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ. كما حضر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى المنصة وهو يحتضن إحدى حفيداته، ما دفع بالحاضرين إلى التصفيق له بحرارة وهو يوقع الاتفاق. ويحرص الرئيس الأمريكي باراك أوباما على دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، قبل أن يترك منصبه مطلع العام المقبل. وتُعتبر الصينوالولاياتالمتحدة مسؤولتين عن نحو 38 في المائة من الانبعاثات على مستوى العالم. وتقول الصين إنها ”ستُنهي إجراءات” التصديق على الاتفاقية قبل قمة مجموعة العشرين التي تستضيفها في سبتمبر المقبل. أما الاتحاد الأوروبي، المسؤول عن أقل بقليل من 10 في المائة من الانبعاثات العالمية من غاز ثاني أكسيد الكربون، فمن المتوقع أن يستغرق وقتا طويلا في هذا الصدد، إذ ينبغي أن توقع كل دولة من الدول الأعضاء، البالغ عددها 28 دولة، على الاتفاقية بصفة منفردة.ومن المستبعد أن يبدأ التصديق على الاتفاقية لدى دول الاتحاد حتى يتفق الاتحاد الأوروبي على نسبة خفض الخاصة بكل دولة. واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الحدث ب”اللحظة التاريخية”. وأضاف ”لم يوقع أبدا مثل هذا العدد الكبير من الدول اتفاقا دوليا في يوم واحد”، قائلا ”اليوم توقعون عهدا جديدا مع المستقبل”. ويعتبر الاتفاق انتصارا لبان الذي عمل طوال ولايته من أجل المضي قدما بهذا الاتفاق وإدراجه كإحدى أهم اللحظات في ولايته.ويأتي التوقيع بعد أربعة أشهر على إبرام الاتفاق في باريس إثر سنوات طويلة من المشاورات المكثفة. وكانت مدينة لوبورجيه بالعاصمة الفرنسية، باريس، استضافت خلال الفترة الممتدّة بين 30 نوفمبر و11 ديسمبر، مؤتمر الأممالمتحدة ال21 حول التغييرات المناخية. ووافق ممثلو 195 بلدا مشاركا في القمّة على مشروع اتفاق دولي غير مسبوق من شأنه التصدي لظاهرة الاحتباس الحراري.وكان بان كي مون، الأمين العام لهيئة الأممالمتحدة، أعلن حينذاك أن مراسم التوقيع على الاتفاق العالمي الجديد ستجري في مقر الأممالمتحدةبنيويورك في 22 أفريل 2016 على مستوى عال. ولفت رئيس القمة لوران فابيوس، إلى أن تنفيذ الاتفاق سيرمي إلى تحقيق الأمن الغذائي والتقدم الاقتصادي، بالتوازي مع تخفيض الانبعاثات الغازية، وذلك من خلال تقديم 100 مليار دولار سنويا للدول النامية لمساعدتها على حماية البيئة ابتداء من عام 2020.هذا ومن المقرر أن تحل الاتفاقية الجديدة محل بروتوكول كيوتو الذي سينتهي العمل به في عام 2020، والذي كانت الولاياتالمتحدة تقاطعه بسبب إعفاء الصين منافستها الاقتصادية من الالتزام ببنوده. كما شهدت القمة انضمام دولة فلسطين رسميا للاتفاق. ويلزم اتفاق باريس موقعيه بالسعي إلى ضبط ارتفاع معدل حرارة الكرة الأرضية بحدود ”أقل بكثير من درجتين مئويتين” وإلى ”مواصلة الجهود” لئلا يتجاوز 1.5 درجات. غير أن هذا الهدف الطموح جدا يتطلب إرادة راسخة ومئات المليارات من الدولارات من أجل الانتقال إلى موارد طاقة نظيفة. لكن التوقيع ليس إلا مرحلة أولى. فالاتفاق لن يسري إلا بعد مصادقة برلمانات 55 بلدا، هي مسؤولة عن 55 بالمائة على الأقل من انبعاثات غازات الدفيئة، ما قد يتم اعتبارا من 2017.