أصبح كورنيش سطورة خلال ليالي رمضان التي ميزها هذه السنة الحر الشديد والرطوبة المرتفعة، القبلة المفضلة للمواطنين سواء العائلات المحلية أو أخرى قادمة من ولايات مجاورة، التي وجدت راحتها بهذا المكان في ظل غياب وسائل ترفيه أخرى. فإذا كانت الحركة بطيئة طوال النهار بشوارع المدينة بسبب الحرارة وظروف الصوم، فإنها تصبح نشطة بعد صلاة العشاء وتبلغ الذروة بعد صلاة التراويح، حيث يعج الكورنيش بالمواطنين القادمين من مختلف أنحاء المنطقة ومن ولايتي ?المة وقسنطينة خصوصا. وأصبحت عديد هذه العائلات تقصد كورنيش سطورة فورا بعد الإفطار للاستمتاع بنسيم البحر الذي حرموا منه بسبب تزامن شهر الصيام هذه السنة وبداية موسم الاصطياف. ولعل ما سهل عليهم المهمة هو الطريق السيار شرق -غرب الذي أصبح نعمة، حسب كريمة نواوي القادمة من ولاية قسنطينة. وأوضحت السيدة نواوي أنها منذ بداية شهر رمضان قصدت هي و زوجها وبناتها الثلاث سكيكدة 4 مرات كل سهرة بعد الإفطار، حيث تضرب موعدا لاثنتين من صديقتيها المقيمتين بمدينة سكيكدة ويبقين طيلة الليل على شاطئ البحر يتسامرن ويتذكرن أيام الجامعة على حد تعبيرها، إلى غاية وقت تناول وجبة السحور مع بعضهن رفقة أزواجهن ويعدن بعدها إلى الخروب (قسنطينة) حوالي الثانية صباحا، حيث يستغرقن حوالي ساعة وربع فقط بفضل الطريق السيار شرق - غرب. وعلى غرار عائلة نواوي توجد عائلات عديدة مثلها تتهافت على مدينة سكيكدة خلال سهرات رمضان من مختلف أنحاء ولاية قسنطينة، فضلا عن الشباب الذين يأتون من ذات الولاية للسباحة قليلا خلال الليل، مثل كريم (28 سنة) الذي أكد أنه يأتي منذ بداية شهر الصيام هو و7 من أصدقائه من مدينة عين السمارة (قسنطينة) باعتبار أن سكيكدةالمدينة الساحلية الأقرب لقسنطينة، فيسبحون إلى غاية ساعة متأخرة من الليل قبل أن يعودوا إلى منازلهم لنيل القليل من الراحة ومباشرة يوم شاق من الصيام والعمل بالإدارات. وتقضي مختلف هذه العائلات وأطفالها في أجواء بهيجة أوقاتا ممتعة في هذا المكان الذي يمتد على حوالي 3 كلم من الشاطئ الأخضر إلى غاية المارينا أو ميناء النزهة بسطورة، حيث تمارس مختلف الهوايات كالتنزه والمشي بعد تناول وجبة الفطور أو الجلوس قبالة الشاطئ للدردشة مع الأصدقاء أو رفقة العائلة وشرب الشاي.. ليبقى الكثير منها إلى وقات متأخرة من الليل هروبا من حر المنازل. وما يزيد في رونق وجمال هذه الواجهة البحرية هو الانتشار الكبير لمحلات بيع المشروبات الغازية والمثلجات التي تشرع في الخدمة فور نهاية الإفطار، حيث تعج بالأشخاص المتعطشين لأكل مختلف أنواع المرطبات، خصوصا بعد يوم طويل من الصيام. ويعد محل رياض سوامس (45 سنة) بالكورنيش من أكثر المحلات المقصودة لبيع المرطبات، حيث يقدم تشكيلات متنوعة بجميع الأذواق والفواكه لزبائنه بأسعار معقولة ما يجعله مقصودا بكثرة. وأكد رياض أنه يفطر بالمحل لأن الوقت لا يكفيه للذهاب إلى المنزل ثم العودة منه، خصوصا أن المكان يمتلئ بالمواطنين عقب الإفطار مباشرة. كما أن توفر الأمن خلال هذا الشهر زاد من إقبال السكان على كورنيش سطورة حيث تجد رجال الأمن بالزي الرسمي والمدني، منتشرين بكثرة على طول هذا الكورنيش لضمان راحة و سلامة المواطنين. وأكد موسى (25 سنة)، وهو عون أمن، أنه يعمل ليلة من اثنين منذ بداية شهر رمضان بكورنيش سطورة ويسهر و زملائه في المهنة على ضمان راحة المواطنين وسلامتهم. وتبقى سطورة بسكيكدة المكان الوحيد الذي تظل فيه الحركة دائمة إلى غاية ساعة جد متأخرة من الليل بخلاف وسط المدينة الذي يتحول عند أذان المغرب إلى مكان شبه خال، بعد أن يغلق التجار مبكرا محلاتهم الممتدة على طول شارع الأقواس، بما فيها تلك المتواجدة بشارع الممرات ولا تستأنف الحركة بها إلا ابتداء من النهج المطل على البحر إلى غاية سطورة، ما يجعل الكثيرين يتساءلون عن شكل مدينة سكيكدة دون هذا الكورنيش في ظل نقص فادح للحدائق العمومية بهذه المدينة الساحلية.