أبدى نحاسو مدينة قسنطينة اتكالهم المطلق على المنتجات التزيينية من أجل إنعاش حرفتهم العريقة، حيث اتضح ذلك جليا خلال الصالون المحلي للنحاس الذي افتتح منذ 20 جويلية المنصرم بقصر الثقافة محمد العيد آل خليفة، والذي أعرب من خلاله هؤلاء تخوفهم من ضياع هذه الحرفة المتوارثة عبر أجيال، وسط عزوف الشباب عنها. جذبت التحف التزيينية المعروضة خلال هذه التظاهرة المنظمة للمرة الأولى بالولاية من طرف جمعية البهاء للفنون والثقافات الشعبية بالشراكة مع مديرية الثقافة، الجمهور الذي يأتي يوميا بأعداد كبيرة لاكتشاف الفن التقليدي ل20 حرفيا مشاركا، حيث شهد الصالون إقبالا كبيرا للزوار الشغوفين على وجه الخصوص بالشمعدانات والأباجورات ومزهريات الزاوية والمرايا والصواني وباقي التحف الفنية المصنعة بحب من طرف أيادي خبيرة تمكنت من اكتساب معرفة أكبر، علاوة على تلك المهارة العريقة. وتلبي التظاهرة طلبات المواطنين لاسيما خلال هذه الفترة التي تكثر فيها حفلات الزفاف، حيث تشكل "السينية" التقليدية المصنوعة من النحاس الهدية المثالية لمثل هذه المناسبات، إذ يحتاج الحرفيون لترقية منتجاتهم من أجل التعريف بها وضخ دينايميكية جديدة للصناعة التقليدية المحلية، حسبما أوضحه حمودي بومرزوقة، أحد أقدم الحرفيين الناشطين بحي عوينة الفول منذ 1969. ورغم غياب وغلاء المادة الأولية ومشكل التموين بالنحاس ذي الجودة، يتشبث الحرفيون المحليون بإنجاز منتجات تحظى بشعبية لدى زبائن ذواقين وتواقين للحفاظ على هذه الحرفة المهددة بالزوال، حسبما أردفه ذات المتحدث. وبعد أن أثنى كثيرا على هذا الصالون الذي مكنه من بيع عدد كبير من التحف الحرفية طرح صالح مكي، وهو حرفي آخر مقيم بشعب الرصاص، مشكل غياب الخلف بسبب نقص الاهتمام من طرف الشباب، منوها أن الشباب يبدون "عدم اهتمام" بهذه الحرفة التي لم تعد مربحة، حسبما أشار إليه ذات المتحدث، مذكرا بالعراقيل التي تعيق تنمية هذا الفن الذي ينطفئ ببطء، ويشكل توارث فن صناعة الأواني النحاسية من جيل إلى آخر أمرا مستعجلا يتعين أخذه بعين الاعتبار من أجل ضمان استمرارية هذا التراث الذي يعد جزء من الهوية القسنطينية، حسبما اعترف به ذات العارض. كما طالب المشاركون في هذا الصالون بالمحلات التجارية التي ينتظرونها منذ زمن طويل وبفضاءات المعارض والبيع التي من ضمنها دار الصناعة التقليدية التي من شأنها ترقية هذا الفن، حسبما أكده صالح حمامص، الذي يمارس هذه الحرفة منذ 1972 بمحل يقع بحي بكيرة. وزار أكثر من 1000 شخص أجنحة هذه التظاهرة التي كان المزمع اختتامها الأحد الماضي لكن تم تمديدها لمدة أسبوع بالنظر للإقبال الكبير من طرف الزوار، الذين كان من بينهم أجانب وآخرون قدموا من ولايات مجاورة، على غرار ولايتي بسكرة وميلة، حسبما أوضحه من جهته رئيس الجمعية المنظمة صابر محاية.