يبدو أن التقرير التشاؤمي الذي نشره البنك العالمي نهاية شهر جويلية حول تعامل الجزائر مع انهيار أسعار النفط قد أربك الحكومة، بعد أن حذرها من صدمة اقتصادية أكثر حدة بداية من 2018 متوقعا انهيار الاحتياطيات الإجمالية للبلاد إلى 60 مليار دولار غضون سنتين. التقرير جعل السلطات المالية تطالب لأول مرة بإجراء ندوة "تحليلية وتشاورية" عن بعد لمناقشة هذا التقرير، ليبرر البنك موقفه بأن التقرير يعد جزءا من تحليل فصلي دوري حول الاقتصاد في منطقة المينا وليس استثنائيا بالجزائر، خاصة بعد مدح صندوق النقد الدولي لسياسة الحكومة وجهودها لتنويع الاقتصاد بعيدا عن الريع النفطي. وحسب ما كشف عنه البنك العالمي عبر موقعه الإلكتروني، فمن المقرر أن تتباحث السلطات المالية مع مسؤولي البنك العالمي التحليل المتعلق باقتصاد الجزائر الذي نشر نهاية شهر جويلية المنصرم في نشرية فصلية حول الاقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا "مينا". وأوضح ذات المصدر أن المباحثات التي ستنظم عبر ندوة عن بعد والتي سيشارك فيها رئيس الخبراء الاقتصاديين بالبنك العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا شانتا ديفاراجان. وتندرج الندوة في إطار الأعمال التحليلية التي ينجزها البنك العالمي ويشاطرها مع الدول الأعضاء. في هذا التحليل الذي نشر نهاية جويلية، تطرق البنك العالمي إلى تراجع أسعار النفط الذي حمل الجزائر على اتخاذ سلسلة من الإجراءات الإصلاحية الموجهة إلى ترشيد النفقات ورفع المداخيل وتعديل أسعار الطاقة. وحسب ذات المصدر فإن الأمر يتعلق بتحليل متضمن في نشرية فصلية حول الاقتصاد في منطقة مينا وليس بتقرير خاص استثنائيا بالجزائر. للإشارة، فإن إعداد تقرير حول بلد عضو والموافقة عليه يتم بالتشاور مع السلطات العمومية. وجاء في دراسة البنك العالمي أن تراجع أسعار النفط الذي يبدو أنه طال أحدث تغيرات في اقتصاد الدول النفطية في منطقة مينا. وتواجه هذه الدول تراجع المداخيل النفطية إلى جانب المديونية والعجز الميزاني المتزايد. وينبغي على ليبيا والعراق اللتين تأثرتا بتراجع أسعار النفط مواجهة الانعكاسات الوخيمة للحرب الأهلية. هذا وقد توقع البنك العالمي صدمة اقتصادية أكثر حدة في الجزائر بدءا من 2018، تكون أسبابها مرتبطة بانكماش الاحتياطيات الإجمالية من 108 مليار دولار سجلت في 2013 إلى 60 مليار دولار بعد سنتين. وأرجع البنك العالمي التراجع أساسا إلى التأخيرات المتكررة للمشاريع وصعوبة جذب شركاء الاستثمار، وفجوات البنية التحتية، ومشكلات فنية، مشيرا إلى أن اقتصاد الجزائر يعتمد اعتمادا كبيرا على المحروقات في صادراته وإيراداته الحكومية التي تبلغ نسبتها 95 بالمائة و75 بالمائة على الترتيب. كما ذكر التقرير أن صدمة البترول أضعفت الوضعية المالية للجزائر وميزانها التجاري واحتياطياتها من النقد الأجنبي، فقد ارتفع عجز الموازنة من 1.4 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2013 إلى 15.7 بالمائة من هذا الإجمالي في 2016، فيما نزلت الاحتياطيات الإجمالية من 194 مليار دولار في 2013 إلى ما يقدر بنحو 108 مليارات دولار في 2016، ومن المتوقع أن تهبط أكثر إلى 60 مليار دولار في 2018. مضيفا بأن تدهور معدلات التبادل التجاري للجزائر أدى إلى انخفاض قيمة الدينار بنسبة 20 بالمائة منذ منتصف 2014، بينما ارتفع معدل التضخم إلى 4.8 بالمائة في 2015. ولفت تقرير البنك العالمي إلى أن الجزائر واجهت التراجع المتواصل لعائدات النفط والغاز وارتفاع فاتورة الواردات، عبر اتخاذ الحكومة مجموعة من الإجراءات التصحيحية في إطار قانون المالية لعام 2016.